«وداعاً أهل القمة»، كلمات مقتضبة، قالها الطالب أحمد محمد، قبل أن يقفز فى نهر النيل، شعور طاغ باليأس تملك الشاب ابن ال17 عاماً، فتوقف العالم بالنسبة إليه عند أعتاب كلية من كليات القمة التى فاتته بسبب تدنى مجموعه، فقرر الانتحار، وسط دهشة الكثيرين من طلبة وخريجى تلك الكليات، الذين تابعوا الخبر ولسان حالهم: «على إيه؟!». ماهينور محمود، أنهت لتوها الثانوية العامة، كانت تحلم بكلية الإعلام منذ نعومة أظافرها، لكن مجموعها الذى لم يتخط ال82% أصابها باليأس الشديد، لتنخرط فى حالة من البكاء عقب سماع النتيجة «زعلت أوى لأنى ذاكرت على قدر ما قدرت، لكن الامتحانات كانت صعبة، وغير متكافئة» تتذكر «ماهينور» المدارس العديدة التى امتحن بها زملاؤها وانتشرت بها حالات الغش «ناس هتدخل الكلية اللى أنا كنت بتمناها بغير مجهودهم، وأنا تعبت ومش هدخلها، عدم التكافؤ هو اللى مضايقنى». «الحياة فى كلية الهندسة ليست سعيدة للغاية»، هكذا يؤكد محمد على، الشاب الذى نجح بالفعل فى دخول كلية القمة، صحيح أن مجموعه فى الثانوية العامة لم يؤهله لها، وكان على وشك دخول كلية الآداب بجامعة عين شمس، لكن والده سانده ليدخل جامعة خاصة ويحقق حلمه ويحرز اللقب الذى طالما حلم به «مهندس معمارى». رغم تحقق حلمه بشأن كليته، لكن لمحمد وجهة نظر كونها عقب تجربته: «الثانوية العامة مش نهاية الدنيا، الدنيا ما بتقفش، هندسة أو غيرها المهم الواحد يعمل حاجة بيحبها، والأهم إن الأهالى تبطل ضغط على ولادهم عشان ما يوصلوش لمرحلة الانتحار». رغم أنه خريج هندسة، فإنه لم يعمل فى مجاله، إسلام السعدنى، مهندس مدنى، يعمل حالياً مدرباً بقسم الموارد البشرية فى إحدى شركات الهاتف المحمول: «فى ثانوية عامة تقول ياه، أنا عاوز أبقى مهندس، وأهلك يبدأوا جو الفشخرة، المهندس راح وجه، وعاوزين نباهى بيك العيلة، ولما ندخل على عيلة تانية نقول معانا مهندس، مع الوقت ما بناخدش بالنا وبتبقى هندسة رغبة أساسية، حتى من غير ما نسأل نفسنا ليه، دى حاجة بتتزرع جوانا». داخل الكلية شعر «إسلام» أن شيئاً ما ناقص: «كتير من اللى بيدخلوا كليات القمة بيحسوا فى النص إن مش ده حلمهم، وبيتمنوا لو كانوا دخلوا كليات تانية، أنا مثلا مكنش حلمى إنى أعمل تصميم على الكومبيوتر، أو أنزل موقع أشتغل مع العمال، مش هو ده التأثير اللى أنا عاوز أسيبه فى العالم» بمجهود خاص تحول «إسلام» من مهندس إلى مدرب يتقن التسويق والمبيعات والتدريب وإدارة المشروعات: «فى مصر الكليات مش بتوصل للهدف».