رصد تقرير حقوقي صادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حول تحليل مخصصات موازنة 2014-2015 لمشاريع الإسكان التي تتبناها الدولة، أن الحكومة غير معنية بمساندة ودعم الفقراء في تحقيق حقهم في مسكن ملائم، كما نصَّت عليه المادة 78 من دستور مصر، طبقاً لدراسة تحليلية أصدرتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وقال التقرير إنه من المرجَّح أن تنحصر استفادة الفقراء من مخصصات دعم الإسكان في الموازنة بنسبة لا تتعدى ال0.5%، وتتوجَّه هذه النسبة الضئيلة من المخصصات لإنشاء وحدات الأولى بالرعاية ب"مشروع الإسكان القومي"، المعروف ب"إسكان مبارك"، وهي وحدات صغيرة ذات مساحة 42 مترًا، وهي غير ملائمة للسكن العائلي. وأشار إلى أن باقي الاستثمارات طرق تخصيص الوحدات للفقراء بها مبهمة، أو مجحفة، كما أن المشاريع التي قد تخصص لهم فيها، بها أخطاء فنية تمنع الاستفادة بها، وتكمن المشكلة الحقيقية في أكبر برامج الإسكان التي تتبناها الحكومة، وهو "البرنامج القومي للإسكان الاجتماعي"، الذي تم تخصيص 9.5 مليار جنيه له لتغطية ثلاثة مشاريع به، وهي: "مشروع الإسكان الاجتماعي"، المعروف ب"المليون وحدة"، وهو عبارة عن وحدات سكنية جاهزة وموجَّه إلى محدودي الدخل، و"مشروع الإسكان العائلي"، وهو عبارة عن قطع أراضٍ صغيرة لمتوسطي الدخل، ومشروع يوفِّر قطع أراضٍ للقادرين، وهو "مشروع بيت الوطن". وأوضح التقرير أنه يوجد تقسيم في الميزانية للإنفاق على هذه المشاريع الثلاثة، كل مشروع على حدة، ما يحجب حجم الإنفاق الفعلي على "مشروع الإسكان الاجتماعي" لمحدودي الدخل وحده، وهو ما يثير الشك حول مزاعم الحكومة بأن مخصصاته "تسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين". فالبرنامج المخصص له هذه المليارات يخدم متوسطي الدخل وذوي الدخول فوق المتوسطة والأغنياء، وكل ذلك حسب تعريف الخطة للمشروع. وتابع: "رغم اعتزام وزارة الإسكان، وفق بروتوكول تعاون بينها وبين الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بناء 100 ألف وحدة سكنية، إلا أن 50 ألف وحدة فقط من هذا الإجمالي هي التي أدرجت في الميزانية تحت بند مشروع الإسكان الاجتماعي". وأكد التقرير الحقوقي أن نظام تخصيص وحدات "مشروع الإسكان الاجتماعي" بالتمويل العقاري يحرم نحو نصف المصريين، وهم النصف الأفقر، من حيازة هذه الوحدات، فالتمويل العقاري، مثل أي نظام للإقراض، يضع حدًّا أدنى لدخل المستفيد، الذي لا يتعدى 25% من الدخل الشهري للأسرة، فأقل قسط لوحدة المشروع ذات مساحة ال75 مترًا، هو 480 جنيهًا، فيجب أن يكون دخل المتقدم 1920 جنيهًا شهريًّا، أو نحو 23 ألف جنيه سنويًّا، ومع مقارنة هذا الدخل بمستويات الدخل حسب بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2012-2013، يتضح أن الأسر التي يتم وصفها بمحدودي الدخل، ما هي إلا أسر ذات دخل متوسط وليست الأسر الفقيرة، ما معناه أن ما يوصف بمتوسطي الدخل هم من أصحاب الدخول فوق المتوسطة. (للمزيد عن هذا التحليل راجع ورقة سياسات الإسكان رقم 1، شروط الإسكان الاجتماعي). وحول الدعم، رصد التقرير ظهور الغياب التام للاهتمام بالدعم المالي للإسكان، حيث إن إجمالي قيمة الدعم ما بين المخصص النقدي أو المخصص لقرض التمويل العقاري أو دعم فائدة القروض الميسرة، هو 1.4 مليار جنيه، بما يمثل فقط 0.6% من بين جملة مخصصات الدعم بموازنة 2014-2015 والمقدرة ب229.6 مليار جنيه، هذا بالإضافة إلى توجيه معظم هذا الدعم الضئيل إلى فئات الدخل المتوسطة فما أعلى، مع استفادة لا تذكر للفقراء لأنه موجَّه إلى وحدات التمويل العقاري. وخلصت الدراسة إلى أن البيان المالي لموازنة 2014-2015 والخطة الاقتصادية يظهران بوضوح الخلل التام في سياسة كفالة الدولة لحق المواطنين في مسكن ملائم، فهناك أكثر من مشروع يتم تنفيذه، منه ما كان من المفترض أن يُنتهى منه بالفعل، ولكنه مستمر لعدم إنجازه مثل مشروع "إسكان مبارك"، ومنه ما لا يظهر له ملامح واضحة، وبخاصة مشاريع الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، ومنه ما يعد بما لا يمكن أن يوفيه، مثل مشروع "الإسكان الاجتماعي" المعروف ب"المليون وحدة سكنية".