"شكرًا يا فزع"، هكذا يتوجه مجموعة من الكتاب، برسالة إلى واحد من أكثر المشاعر الإنسانية سوءًا وصعوبة، عبر مجموعة من الكتابات التي يلقونها معًا في ليلة حكي بمركز "دوم" الثقافي، حيث تقود الأمسيات الأديبة سحر الموجي، تحت شعار "امتنوا تصحوا". "امتنان.. امتنان يا جماعة .. ماحدش عايز يمتن؟"، تنادي سحر الموجي خلال الأمسية في الموجودين ممن لم يتحدثوا، فالامتنان إلى كل المشاعر والذكريات بما فيها السلبية البغيضة؛ هي طريق الكاتب الحقيقي لأن يكتب كتابة جيدة بحسب الموجي: "لازم نمتن عشان نصح ونكون أحسن، الامتنان للفزع عبارة عن تمرين كتابة، بنلتقط خلاله لحظات عادية ولحظات صعبة، ولحظات حصلت فيها مواقف صعبة ومفزعة كانت جديدة علينا ونبروزها، ونكتب عنها". "كل حاجة تستحق الامتنان، لو عرفنا نغير المنظور اللي بننظر من خلاله للأمور حولينا ها تتغير انطباعاتنا ومشاعرنا"، هكذا تتحدث سمر علي، إحدى الكاتبات المشاركات في الورشة، مشيرة إلى أن المسألة لا تتوقف عند حدود كتابة قصص جيدة، أو استخدام لغة مميزة: "الموضوع ليه علاقة بتنمية كل شخص شارك في الحكي، إنه يتعرف على مشاعره ويجيد التعبير عنها، التنمية البشرية خدت سمعة وحشة في مصر عشان تم لي دراعها وإعطاءها صبغة دينية بالعافية، وكمان تحويلها لسلعة تجارية في صورة كورسات، في الخارج التنمية البشرية هي مساعدة الناس إنهم يلاقوا نفسهم ويشتغلوا على مواطن الضعف فيها، الحكي عن أصعب اللحظات في حياتنا شكل من أشكال التنمية البشرية الحقيقية، وطريقة كويسة لتطوير شغلنا ككتاب". الموت المفاجئ للأحباب، الحوادث المرعبة للمعارف، أخبار المرض والمواقف التي يقف فيها الكثيرون عاجزون عن التصرف، هذه وغيرها أمور تستحق الامتنان لأنها على صعوبتها تتيح لصاحبها أن يتعرف على نفسه، ومن حوله بصورة مختلفة، ويختبر مشاعر وردات فعل للمرة الأولى، تقول سمر: "بنحول الفضفضة لقطعة أدبية، الموضوع مش نواح وخلاص، إحنا بناخد النص ننقحه ونشتعل على المضمون وأساليب السرد والحكي، عشان نحول لحظة الفزع لتحفة أدبية".