بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    بدء انتخابات «غرفة المطاعم السياحية» بعد اكتمال النصاب القانوني    وزير المالية القطري يثمن دور مصر في دعم القضايا العربية    رفع 1090 حالة إشغال طريق مخالف بالبحيرة    توريد 208 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    وزير العمل: لدينا عمالة ماهرة جاهزة لتصديرها للسوق الخارجية    بن غفير من المسجد الأقصى: علينا السيطرة على هذا المكان الأكثر أهمية على الإطلاق    للمرة الأولى منذ "طوفان الأقصى".. بن جفير يقتحم المسجد الأقصى    إقامة صلاة الجنازة على رئيسي وعبداللهيان في طهران    هيئة شئون الأسرى: قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا بالضفة الغربية    رئيس حزب الجيل: فخور بموقف مصر الحاسم تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة    بعثة الترجي تصل القاهرة اليوم استعدادا لمواجهة الأهلي    مهاب ياسر: لا يهمنا اسم منافسنا في السوبر الإفريقي.. وسنلعب من أجل الفوز فقط    راح ضحيتها 11 فتاة.. تفاصيل جديدة في كارثة «معدية أبو غالب»    ضبط 23 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة على الطرق والمحاور    عاجل.. رفض طعن سفاح الإسماعيلية وتأييد إعدامه    انتقال النيابة لمعاينة مسرح العثور على جثة عامل بمغسلة عين شمس    لمواليد برج القوس.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024    ختام فعاليات ملتقى «التمكين بالفن» بالمتحف القومي للحضارة.. اليوم    اليوم.. «تاني تاني وبنقدر ظروفك» وجهًا لوجه في السينمات    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    لمدة يومين.. انطلاق قافلة طبية إلى منطقة أبوغليلة بمطروح    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    التكييف في الصيف.. كيف يمكن أن يكون وسيلة لإصابتك بأمراض الرئة والتنفس؟    سعر الذهب اليوم الأربعاء 22 مايو 2024 وأخبار السوق العالمي    رئيس مياه القناة: استخراج جذور الأشجار من مواسير قرية الأبطال وتطهير الشبكات    لأول مرة .. انعقاد مجلس الحديث بمسجد الفتح بالزقازيق    قمة عربية فى ظروف استثنائية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    طلاب جامعة الإسكندرية في أول ماراثون رياضي صيفي    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    هربا من الحر للموت.. دفن جثتى شابين ماتا غرقا بنهر النيل في الصف    «الصحة»: ورشة عمل حول تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية بشرم الشيخ .. صور    دار الإفتاء توضح أفضل دعاء للحر.. اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ    استطلاع رأى 82% من المواطنين:استكمال التعليم الجامعى للفتيات أهم من زواجهن    جامعة عين شمس تحصد 3 جوائز لأفضل رسائل ماجستير ودكتوراه    سيدة «المغربلين»    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    استعدادات مكثفة بموانئ البحر الأحمر.. ورفع درجة الاستعداد بميناء نويبع البحري لبدء موسم الحج البري    طلاب الشهادة الإعدادية في الإسكندرية يؤدون امتحان الهندسة والحاسب الآلي    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    51 مباراة دون هزيمة.. ليفركوزن يسعى لمواصلة كتابة التاريخ في موسم استثنائي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    طريقة صنع السينابون بالقرفة.. نكهة المحلَّات ولذَّة الطعم    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    شاهد.. حمادة هلال ل إسلام سعد: «بطلت البدل وبقيت حلاق»    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    «نادٍ صعب».. جوميز يكشف ماذا قال له فيريرا بعد توليه تدريب الزمالك    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    حدث بالفن | فنانة مشهورة تتعرض لحادث سير وتعليق فدوى مواهب على أزمة "الهوت شورت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد حسنين هيكل يكتب: الفرسان الثلاثة فى مغامرة السويس الخائبة.. وماذا يريدون؟
نشر في الوطن يوم 12 - 07 - 2014

لا أظن أن داج همرشولد، السكرتير العام للأمم المتحدة، لقى أو سيلقى من القاهرة أى متاعب أو عقبات من أى نوع، وأغلب الظن أن كل المتاعب والعقبات سوف تكون فى انتظاره على الناحية الثانية، حين يفرغ من مهمته فى مصر ويبدأ عمله فى استطلاع الجانب الآخر للصورة. لا متاعب ولا عقبات من مصر لأن موقف مصر واضح يعرفه السكرتير العام للأمم المتحدة منذ الساعة الأولى التى بدأت فيها اتصالاته المباشرة بمشاكل الشرق الأوسط.
المتاعب والعقبات هناك، كلها هناك، عند هؤلاء الفرسان الثلاثة لمغامرة السويس الذين عرفوا الآن وتبين لهم بما لا يدع مجالاً للشك أن أخيب مغامرة فى التاريخ، على طول التاريخ، كانت هى مغامرتهم فى السويس.
موقف بريطانيا:
ماذا يريد البريطانيون؟ ماذا يريدون الآن؟ وما الذى سيجده «همرشولد» عندهم؟ عندما ينتقل إلى الناحية الثانية ويبدأ فى استطلاع الجانب الآخر من الصورة، أول الفرسان وأكبرهم فى مغامرة السويس الخائبة، الدلائل كلها حتى الآن تشير إلى أن بريطانيا لا تريد السلام فى الشرق الأوسط أن يستقر.. لماذا؟
الجواب ببساطة هو أنه إذا استقر السلام الآن فى الشرق الأوسط فقط انتهى من بريطانيا بعد مغامرة السويس، إذا استقر السلام الآن فإن الفضل فى ذلك سوف يعود إلى الأمم المتحدة، والذين تعاونوا من أجل تثبيت دعائم الحق والعدل والحرية فى المجتمع الدولى، وليس هذا ما تريده بريطانيا، لقد كانت بريطانيا تعيش على أسطورة أنها تعرف ما لا يعرفه غيرها عن الشرق الأوسط.. بلاده وناسه وزعمائه، واندفعت بريطانيا إلى حماقة السويس بعناد الذى يؤمن بأن ما يقوله هو اليوم سوف يقوله الكل من بعده فى الغد، وإذا كانت الأصوات ترتفع لتعارضه، فسيتبين للذين يعارضون أن معارضتهم كانت تعامياً عن الحقائق، ولكن الحقائق ما تلبث أن تبين.
فشلت مغامرة السويس واتجهت سياسة بريطانيا إلى السلبية، لكنها السلبية المتربصة؛ سلبية من يقول إذا كنت لم أنجح أنا فلن ينجح غيرى، وإن كنت قد سقطت فليسقط كل شىء بعدى. إنها لا تريد للأمم المتحدة أن تنجح، فإن معنى نجاح الأمم المتحدة فشل بريطانيا فشلاً مادياً ملموساً.
موقف فرنسا:
ثم فرنسا، أكثر الفرسان الثلاثة حماقة وطيشاً فى مغامرة السويس، ما هى بدورها حكايتها؟ لقد وصلت فرنسا إلى السويس عن طريق الجزائر، ذلك شىء لا مجال لنكرانه أو الجدال فيه.. كانت فرنسا تسير على طريق الهزيمة، طريق طويل شاق، ملىء بالجن والأشباح. من معالمه الشهيرة ديان بيان فو فى الهند الصينية حيث استطاع زعيم عجوز اسمه هوشى منه وقائد شاب اسمه جياب أن يرغما قوات فرنسا العظيمة على أن تتحول إلى قطعان من الأرانب المذعورة الهاربة، ومن معارك الطريق الشهيرة مراكش، ومن معالمه الشهيرة تونس، ثم جاءت آخر مرحلة فى الطريق وأخطر المعالم الجزائر.
والأمر الذى يدعو للعجب أن الوزارة الحالية فى فرنسا بدأت مشكلة الجزائر بداية أشد ما تكون اختلافاً عن النهاية التى وصلت إليها، لقد بدأ رئيس الوزراء الاشتراكى «موليه» وزارته بإعلان كبير قال فيه إنه يعتزم أن يفوض قوات الجزائر من أجل صلح تستقر به الأمور ويعود معه السلام، ثم أصدر «موليه» أمراً بتعيين الجنرال «كاترو» حاكماً عاما للجزائر، وشهرة «كاترو» أنه جنرال مفاوض أكثر منه جنرالاً محارباً.. وكان معنى تعيينه مفهوماً على الأقل بالنسبة للفرنسيين المستعمرين.
وعندما جاء «موليه» إلى الجزائر هاجم المتظاهرون «موليه»، وفى ثانية واحدة كانت ألف حبة من حبات الطماطم المتعفنة قد استقرت بجسد رئيس الوزراء الفرنسى فى الجزائر، فعلى حد قول أحد الحراس المحيطين ب«جى موليه» وقتها، وقد نُشر ذلك فى صحف فرنسية: «لقد حملنا رئيس الوزراء فاقداً الوعى من شدة الحصار حوله وهجوم الناس عليه».. وعندما أفاق «موليه» كان أول شىء فعله هو أن اتصل بفرنسا وأصدر قراراً بإلغاء قراره بتعيين الجنرال «كاترو» حاكماً عاماً للجزائر، ثم عين بدلاً منه الجنرال «لاكوست» حاكماً عاماً مقاتلاً يتلقى أوامره من مستعمرى الجزائر.
وكان أول ما طالب به «لاكوست» هو تجنيد 150 ألفاً من المجندين الاحتياطيين لحسم الحرب فى الجزائر، وكان عدد المقاتلين الفرنسيين وقت تولية «لاكوست» 250 ألف جندى ارتفع العدد إلى 400 ألف جندى، وحاول «لاكوست» بكل الأسلحة الجديدة وكل الأسلحة القديمة أن ينهى المعركة.
الأسلحة الجديدة أسلحة حلف الأطلنطى، التى صنعت فى المنتصف الثانى من القرن العشرين، والأسلحة القديمة أسلحة السجون يلقى فيها 40 ألف سجين مثلاً وليس حصراً.. بعضهم ينفخون حتى تنفجر بطونهم، هذه الفضيحة انتشرت سريعاً فى صحف باريس لكن الأسلحة كلها لم تجد شيئاً. لم تكن فرنسا تملك الشجاعة لتحمل مسئولية هزائمها، وهكذا راحت تبحث عن مسئول تلقى عليه العبء وتشير إليه بالاتهام، وجدت فرنسا العذر كله فى مصر التى تدعو للقومية العربية وتساعد الأحرار العرب وبدأت أصوات تطالب بضربة فى قلب القومية العربية فى القاهرة، وقالها موريس بارجيس، وزير الحربية فى حكومة «موليه»، صراحة: «إذا نجحنا فى مصر، فمعنى ذلك أننا نجحنا فى الجزائر».
موقف إسرائيل:
ثم تبقى إسرائيل، أصغر الفرسان لكن أسودهم قلباً وأكثرهم خبثاً ومكراً. ماذا كانت تريد إسرائيل من وراء مغامرة السويس؟ كانت فرصة العمر لها، كانت سياسة «بن جوريون» فرض السلام بقوة السلاح، ولم يكن السلام هو الذى يحاول فى الحقيقة أن يفرضه وإنما الاستسلام، إن السلام لا يفرض.
ومعنى فرض السلام هو الحرب لإجبار الطرف الآخر على الاستسلام، ولا غرض للسلام إلا هذا المعنى. إسرائيل لا تريد حالة الهدنة، إنها تريد الصلح مع العرب بالمفاوضات حول مائدة أو إجبار العرب على الصلح بعد معركة، معركة تحقق إسرائيل فيها النصر.
نُشر فى مجلة آخر ساعة بتاريخ 27 أبريل 1957، الموافق 27 رمضان 1376


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.