استقرت أمام البنك منذ التاسعة صباحاً، إذ تزامن اليوم مع موعدها الشهرى لقبض معاش زوجها، لكن لم يكن هذا هو السبب الوحيد لمجىء السيدة التى تخطت ال70 عاماً متسائلة عن حساب «تحيا مصر» الذى أُعلن عن إطلاقه أمس لتلقى تبرعات المصريين من أجل دعم مصر: «جيت من الصبح قالوا لى لسه ما اتفعّلش واقترحوا عليّا حساب تانى (306306)، رفضت وقلت لهم لأ أنا عايزة حساب السيسى». فى ثوانٍ قررت «نوال زكى» أن تمنح مصر ساعة إضافية من وقتها «الصباحى» انتظاراً لتفعيل حساب التبرع بعد أن أخبرتها موظفة البنك بأن الحساب لن يُفَعّل قبل الحادية عشرة: «بقالى ساعتين موجودة فى البنك ما قدرش أروح وأرجع تانى».. اعتادت «نوال»، كل شهر، التبرع بجزء من معاشها فى حساب خيرى مختلف فى كل مرة: «باتبرع كتير واتبرعت فى كل الصناديق من أول 111111 بتاع الكنائس والمساجد، ثم 306306 والنهارده جاية اتبرع عشان خاطر السيسى»، بعناد شديد رفضت السيدة السبعينية أن تضع تبرعها فى حساب 306306 بعد أن أخبرها الموظفون أن الصندوق ما زال مستمراً: «لأ، أنا بصراحة أضمن السيسى لأنه هيشرف بنفسه على الحساب لكن مابقتش أضمن غيره». «هو فعلا الحساب الجديد اتفتح؟» سؤال أحد رجال الأعمال الذى وقف أمام خزينة التبرع حائراً، ثم قرر أن يتبرع بجزء من المال الذى سحبه للتو: «دلوقتى الناس هتدفع بمزاجها المرة الجاية مش هيبقى تبرع»، الرجل الستينى الذى يعمل فى مجال المقاولات طلب عدم الإفصاح عن اسمه: «مش هاكتب اسمى فى وصل التبرع ده، أنا هاعمله لله، بس لازم آخد وصل عشان بعد كده لو حد طالبنى بحاجة هاقول لهم أنا دفعت»، رفض الرجل الإفصاح عن حجم تبرعه: «لا، ده بينى وبين مصر مفيش لزوم للإعلان». حالة من التخبط سادت البنوك فى فترتها الصباحية مع تزايد الإقبال على التبرع فى حساب 37037، بينما لم يكن الحساب قد تم تفعيله من قبل البنك المركزى بحسب «محمد سرور»، أحد موظفى بنك مصر: «إحنا تقريبا مافيش حد جاى يسحب فلوس غير لما بيسأل عن الحساب وللأسف بيرفضوا يتبرعوا فى الحساب القديم 306306».. الموظف فى البنك أكد أن البنوك ليست مسئولة عن تسمية الحسابات الخيرية المخصصة للتبرعات: «رقم الحساب يختاره البنك المركزى وارتباطه بتواريخ الأحداث المصرية السياسية، سواء ثورة يونيو أو تاريخ بيان السيسى الأول وعزل مرسى، مجرد تسهيل لربط الحساب بذاكرة المصريين». فى 5 بنوك مختلفة لم تعلق لافتة تشير إلى بدء تفعيل الحساب الجديد، كما يتم مع الحسابات الأخرى سواء الخيرية أو حسابات التبرعات لمصر، فلم يفت أياً من المتبرعين الذين تهافتوا على البنوك صباح اليوم السؤال عن اللافتة وخاصة بعد التضارب فى اسم الحساب ما بين «تحيا مصر»، و«3737»، التضارب الذى أنهاه «سرور» قائلاً: «الحساب اسمه حساب السيسى مش مهم بقى تحيا مصر ولا أى رقم تانى»، آخر أيام الأسبوع قبل بداية شهر رمضان يتوقع «سرور» أن تشهد ازدحاماً مكثفاً للمتبرعين قبل أيام من بدء إعلانات التبرع للأعمال الخيرية فى رمضان «الحساب الجديد سينافس بقوة فى شهر رمضان، ولو الوضع استمر بالكثافة دى هنعمل شباك خاص لحساب مصر منفرداً».