لقد أطلق الفيلم المسىء شرارة الغضب فى أنحاء العالم الإسلامى، وكان طبيعياً على المسلمين أن يغضبوا من أجل الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) الذى رفع الله مقامه وذكره ومدحه فى آية صريحة: «وإنك لعلى خلق عظيم»، ورغم وضوح هذه الحقيقة لدى المسلمين فإن أكثر الناس لا يعلمون، لذا فإن من أوجب الواجبات أن يتحول هذا الغضب إلى أعمال بناءة توضح عظمة الرسول ومكانته، وتذكروا فى هذا المقام ذلك المؤلف الغربى المنصف الذى صنف كتاباً كان ترجمة عنوانه «العظماء مائة.. أعظمهم محمد». وإن المسلمين أجمعين مدعوون لتوضيح هذا الأمر، كل حسب مكانته وقدرته، فمنظمة المؤتمر الإسلامى، التى تضم فى عضويتها أكثر من خمسين دولة، مطالبة بأن تقوم بجهد دبلوماسى تخاطب فيه المنظمات الدولية ابتداء من الأممالمتحدة ومنظمة دول عدم الانحياز والاتحاد الأوروبى والاتحاد الأفريقى وغيرها من المنظمات الدولية، بحيث يشتمل هذا الخطاب على توضيح أركان الإسلام والمبادئ التى أرساها فى التعامل بين الأمم وكذا معالم الحضارة الإسلامية على امتداد عصورها لتوضيح الإسهامات الفكرية والعلمية والتطبيقية ليعلم المخاطبون عظمة الرسالة الإسلامية التى أنزلها الله على نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم). ولو أن حكومات الدول الإسلامية -عبر سفاراتها فى أنحاء العالم- أعدت الملحقين الثقافيين ثم كلفتهم بتوضيح الأهداف السامية للإسلام وبالجهد الذى بذله النبى (صلى الله عليه وسلم) وصحابته وبسماحته فى التعامل مع الناس جميعاً مسلمين وغير مسلمين لكان ذلك كفيلاً بدحض الشبهات والافتراءات التى يروج لها مرضى القلوب والنفوس من الحاقدين والناقمين على رسالة الإسلام. وليت المبدعين من أهل الفن والثقافة الذين يعلو صوتهم دفاعاً عن الإبداع ليتهم يبدعون فى أعمالهم الفنية والأدبية دفاعاً عن الدين الذى ننتسب إليه فأين الدراما التليفزيونية والأفلام السينمائية والمسرحيات الهادفة.. أين كل ذلك من الإبداع دفاعاً عن القيم العليا للإسلام، أم أن الإبداع له مجالات لا يتسع لها الدفاع عن الدين؟ وإن الأزهر الشريف عليه من الواجبات الكثيرة فى هذا المضمار، فإن أئمة توسعوا فى العلوم الشرعية وألموا بلغات العالم الحية وازدادوا إلى جوار ذلك بأساليب الدعوة الناجحة لجديرون، حال ابتعاثهم إلى دول الشرق والغرب، أن يكونوا سداً قوياً فى مواجهة كل الافتراءات والتحديات. وإن الشعوب الإسلامية إذا فهمت دينها حق الفهم والتزمت بصريح القرآن وصحيح السنة النبوية سوف تتفاعل تفاعلاً سليماً فى ممارسة شعائر الدين وفى الدفاع عنه إذا ألصقت به التهم الباطلة وسوف يكون ردها رداً متحضراً على كل زعم بدلاً من عشوائية المظاهرات والهتافات ولن تقع فى الفخ المنصوب لها، الذى أصاب هذه المرة، فانتقلت الشرارة إلى محيط السفارة وازداد عدد الضحايا حول العالم، بينما قالت وزيرة الخارجية الأمريكية إن دول الربيع العربى قد ثارت ضد ديكتاتورية الحكام لكن ليس من أجل أن تستبدل بها ديكتاتورية الغوغاء، فهل نعى الدرس أم أن الشرارة القادمة سوف تبقى المحتجين حول السفارة؟ فليتذكر أولوا الألباب.