«مياه مخلوطة بالصرف الصحى، وصنابير تنزل منها الديدان»، هكذا يصف أهالى مدينة الغردقة «السياحية»، مأساتهم مع مياه الشرب، فى ظل غياب الدور الحكومى تنفيذياً ورقابياً، رغم الشكوى من المياه الملوثة وتفشى الأمراض الخطيرة بين السكان، خصوصاً فى منطقة القصير التى انتشر فيها مرض الفشل الكلوى. الأهالى يروون ل «الوطن» معاناتهم مع المياه التى تحولت من مصدر للحياة إلى أحد أسباب الموت. تقول «أم زياد»، من سكان منطقة مبارك 8: «فتحت حنفية المياه فنزل منها ديدان سوداء، لم أكن أصدق ما رأت عينى، واتصلت بزوجى وأخبرته بما حدث، لكنه فى البداية لم يصدقنى، وطلب منى الاحتفاظ بكوب الماء، الذى كان يسبح بداخله ديدان حية، لونها مخيف، بعد أن عاد زوجى للمنزل رأى بنفسه الكارثة، توجه إلى الشركة، وهناك أخبروه أنهم سوف يعرضون العينة على المعامل، ومن وقتها مات الموضوع». ويقول مواطن بالمنطقة نفسها يدعى رشاد عبدالحكيم، إن مياه الشرب لا تصلح للاستخدام، لأنها مخلوطة بمياه الصرف الصحى، وإن خزانات المياه ملاصقة لخزانات الصرف، وفى مكان واحد، وعندما يحدث شرخ فى مواسير الصرف، تتسرب إلى خزانات مياه الشرب، التى تكون فى مكان منخفض، عن مكان خزانات الصرف، وأوضح أن مياه الحنفية لونها غريب، تميل إلى اللون الأصفر، وأنه لا يستخدمها نهائياً فى الشرب، ولا حتى غسيل الصحون، ويخشى أن يتوضأ منها لكونها مخلوطة بالصرف الصحى، ويوضح أنه ينفق نصف راتبه الشهرى على شراء مياه الشرب المعدنية، ويناشد جميع المسئولين رفع هذه المعاناة عن كاهل المواطنين الغلابة. بينما قال محمد مصطفى من سكان الغردقة، إنه لا يستعمل مياه الحنفية فى الشرب، لأنها ملوثة، ويستخدمها فقط فى الغسيل، بعد أن تغليها زوجته، لقتل الميكروبات حتى لا تصيب الملابس، مضيفاً أن المشكلة تكمن فى تلاحم مواسير مياه الشرب مع مواسير الصرف فى مكان واحد. وأوضحت أم محمد، وهى موظفة فى المجلس المحلى، أنها لا تقرب مياه الحنفية نهائياً خوفاً على حياتها، لأنها مياه لا تصلح للشرب، وقالت إنها تسكن فى الطابق الخامس، وتعانى من مرض بالقلب، وعلى الرغم من ذلك تضطر إلى النزول يومياً أكثر من مرة، لتملأ زجاجات مياه نظيفة من مسجد كبير قريب من منزلها، فهناك توجد فلاتر للمياه، وضعها أهل الخير لخدمة السكان، خوفاً على حياتهم من مياه الصنابير. قال شاب من سكان منطقة «مبارك 2»، يدعى محمد يوسف محمد، إنه يعيش مأساة لم يرها من قبل حتى فى النجوع والكفور، فهو وافد جديد للمدينة، دفعته ظروف عمله إلى الإقامة فى الغردقة، لكنه فوجئ بتحذيرات جميع جيرانه له بعدم استعمال مياه الصنبور لأنها ملوثة، وأرشدوه إلى مياه المسجد، لكنه توجه إلى هناك فوجد المياه مقطوعة، ويتساءل هذا المواطن: إلى متى تظل كرامة المصريين مهدرة، وحياتهم مهددة بالخطر؟ ويقول عماد رمزى، أحد السكان، إن «عشرات الأسر تقاوم العطش يومياً فى منطقة السنتر الليبى، المياه مقطوعة منذ عدة أسابيع، طرقنا أبواب جميع المسئولين، ولم ينقذنا أحد لأننا لم نكن على الخريطة، نحن مجرد أرقام فى سجلات الحكومة، ليس أكثر من ذلك». ويضيف أن جميع الأهالى يلجأون إلى شراء المياه من شركات تحلية ملك أفراد، يتاجرون فى مياه الشرب بالسوق السوداء، موجهاً الاتهام إلى شركة مياه الشرب باللعب من تحت الترابيزة مع شركات التحلية الخاصة، ما يجعلهم يقطعون المياه عن منطقة بأكملها بفعل فاعل. «الوطن» عرضت الوضع المأساوى على المهندس ناجح محمد، رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب، ومن ضمنه فيديوهات لخزانات المياه التى تغذى مدينة الغردقة، والحشرات التى تملأها، فقال إن المحطة لا تعمل منذ عدة شهور وجرى إغلاقها، وأنه جارٍ تشغيل محطة جديدة على أعلى مستوى خلال الفترة المقبلة. «الوطن» من جانبها ترد على مزاعم رئيس الشركة، بأنها مغلقة من خلال فيديوهات واعترافات العاملين والسائقين، داخل مقر المحطة التى ما زالت تعمل وسط مخالفات صارخة وغير آدمية بالمرة.