حينما فجر الشباب ثورة 25 يناير كان هناك ظهير شعبى انضم لهذه الطليعة التى خرجت منادية بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، قفز على تلك المطالب طيور الظلام فسرقوا أحلام الشعب واغتصبوا السلطتين التشريعية والتنفيذية فى غفلة من الزمن وظلوا يتحدثون عن الأغلبية والأقلية والصناديق، إلى أن أسقطهم الشعب فى 30 يونيو. فكرة الظهير الشعبى تم صناعتها فى عصر الإخوان عن طريق قنواتهم الدينية التى كانت تبث السم فى العسل وتجرعنا مرارتها حتى انتصر الشعب عليهم وعرفنا أنهم أقلية صنعت وهماً كبيراً اسمه الأغلبية. ولكن إذا كان نظام مبارك تمتع بظهير سياسى وشعبى متمثلاً فى الحزب الوطنى، وإذا كان نظام مرسى اتسم بظهيره السياسى والشعبى من الجماعة، فماذا عن الظهير السياسى والشعبى للرئيس الجديد عبدالفتاح السيسى؟ الذى جاء بلا حزب ولا جماعة سياسية، لكنه كان الأكثر شعبية من مبارك ومرسى فى الانتخابات التى عبرت عنها الصناديق ونتائج الفرز النهائى غير الرسمى؟ فى حوار أجريته مع د.عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، على قناة التحرير، تحدث ضيفى الكريم عن خيارات ثلاثة للرئيس السيسى فى الحياة السياسية، لأنه لا بد أن يحصل تيار سياسى على أغلبية مقاعد البرلمان حتى يشكل حكومة يستطيع أن يعمل معها الرئيس، الخيار الأول: بقايا الحزب الوطنى القديم وما تملكه من خبرة انتخابية وشبكة مصالح ورجال أعمال، وبذلك يكون هذا تجسيداً لعودة نظام مبارك، الثانى: تيار الإسلام السياسى، وهو خيار كارثى يجسد عودة الإخوان، الخيار الثالث: الأحزاب المدنية وهذا هو الخيار الوحيد الذى يضمن تشكيل مصر الجديدة التى يستطيع أن ينجح فيها «السيسى» بلا انتقادات ولا مخاوف. لكن هل الخيار الثالث (الأحزاب المدنية) جاهز لأن يكون الظهير الشعبى والسياسى للرئيس الجديد؟ أم أن محاولات البعض تشكيل حزب سياسى جديد(تحيا مصر) ليكون الظهير الشعبى والسياسى للسيسى ستؤدى إلى خلق حزب وطنى جديد يسيطر على الحياة السياسية برلمانياً وحكومياً وبهذا تنتهى تماماً آخر فرصة للتغيير فى مصر؟! وهنا لا بد أن تنتبه الأحزاب المدنية إلى خطورة الانتخابات البرلمانية المقبلة، فالتحالفات مطلوبة بشكل كبير وإنكار الذات واجب. انتقال الثورة إلى الدولة سيكون بالعمل السياسى والتحالفات ومعرفة الأوزان الحقيقية على الأرض، والمعركة الآن: هل ستنجح تلك الأحزاب فى الاصطفاف مع الرئيس لسد الباب أمام عودة الوطنى والإخوان والسلفيين؟ أم أن حب الزعامة والغباء السياسى سيجعلان «السيسى» يترك الخيار الثالث مرغماً ليقف مع ظهير من أتباع مبارك أو المتأسلمين؟ أو ربما منهما معاً؟ يا معشر أحزاب مصر المدنية.. الخيار الثالث للرئيس.. هذه فرصتكم الأخيرة.. ونحن ندق ناقوس الخطر من الآن.. أتمنى أن تستفيقوا يرحمكم الله!