على الأرصفة تولد وتموت الأحلام .. بِتُ أُدرك حقيقة تلك الجملة كإدراكي لذاتي. تواجدي في الشارع الشبه يومي كان كفيل ليلفت نظري لهم على أرصفة الشوارع ، مداخل المترو، مداخل المستشفيات في كل مكان أجدهم وتجدونهم، أتجاهلهم وأنتم أيضًا.. في يومٍا ما.. بالمناسبة لا أدري كيف يصبح يومًا ما بهذا الشكل من الزحام.. أحد اثنين، خميس جمعة.. لماذا يختار الناس يومًا محددًا ويتفقون فيه ويخرجون دفعة واحدة، أظنني سأشكر ذلك الجموع الآن فقد سمحو لي بأن ألقي نظرة أطول لتلك المرأة هناك.. كل يوم أسرق نظرة عليها تجلس هيا وأولادها الثلاثة، واحدة منهم رضيعة، والآخرين يتجولون بحثًا عن ملاذ، أشفق عليهن في نفسي وامضي، لكن اليوم حال بيني وبين عادتى.. الزحام. وقفت أتأملهم كثيرًا.. لم يكونوا مصريين، أول ما لاحظته من لهجة الأم، لكن كان هناك حقيقة لاحظتها أهم كثيرًا أكانوا هنا على مدار 4 شهور، أي أنهم حضروا أقسى ظروف المناخ التي اجتاحت مصر، كنت أمر من أمامهم يوميًا تلفني العديد من الملابس، وهم نيامًا عرايا على الأرض.. وقفت لحظة مع نفسي! لماذا لا يذهبن لسفارتهن؟! سوريون.. نعم أي لا سفارة ولا حارة. لو أن لهم أحدًا بعد الله لما أتوا لبلد غير بلدهم، لما طردوا وحملوا أنفسهم تلك ماتبقت لهم إلى هنا.. ياويلنا من هذا لقد اشتركنا جميعًا في تعذيبهم، وأجرمنا في حقهم. طرق على ضميري سؤال كنت أخشاه لأبعد حد.. ماذا عن تلك الفتاتان وذاك الصبي عندما يكبران؟ وضعت نفسي مكانهم، ووجدت نفسي أنتقم مني ومنكم، وجدت نفسي أقتل وأسرق تلك البسمة من على وجوه أولادكم، ولكنها مانفعتني ومع ذلك استمريت في أخذ حقي منكم ومني. اتتخيلون أنهم سيغفرون لكم؛ سيخرجون بأعذار وهمية مثل أن الوقت لم يسمح، أو أن آخر ماتبقى من المصروف هو لطعام الغد، أو أن "برستيج" سيادتكم لم يسمح لكم بالوقوف، اللعنة على الأعذار ألقتنا للتهلكة ولا منجي اليوم من سخط الرب علينا. أتتسائلون في دهشة عن أيام القحط التي نمر بها في مصر وانعدام الأمن، أنتم لم تروا انعدام أمن بعد، عندما تنضجن هاتان الفتاتان ويتحولن ل "رياوسكينة" أخريات ستعلمون لما هذا القحط، ستتذكرون أنكم من صنعتوهما وستنكرون، ولكنكم لا محالة ستقتلون.. سيقتلن فيكن ماحرمتهن منه ماكنتم تتهربون وتقولونا ماشئنا فيه نحن.. أتدرون ما شأنكم إنها إنسانيتكم "رحمها الله". يا سادة إن لم يكن بأيديكم مساعدة، إن ماتت إنسانيتكم فيكم فلا داعي للإحراج، فقط تخلصوا منهم قبل أن يبعثوا ردودهم لبلادهم أهون عليهم وعلينا، أو قدموهم لبلاد أخرى تبقى لسكانها شيئًا من الإنسانية ليساعدوهم، ولا تبقوا عليهم وننتظرهم سنة بعد سنة نغذيهم ألمًا على ألم، فبلا أي "فكاكة " وبطبيعة بشرية بحتة "سينتقمون". لا تجعلوا أولادكم يعانوا ما بدئتم أنتم فيه.. ارحمونا وارحموا أولادنا.. ارحموا ضمائر من تبقت لهم ضمائر تألمهم، أشفقوا على هؤلاء الأطفال، ولا تتخيل أن ذلك الصبي بعد 20 عامًا من الآن سيذهب لدمشق لينتقم من "بشار"، ف "الجيش الحر" أيًا يكن لن يفعل، ولكن سيتجه لقصر الاتحادية لكل بيت ولكل أسرة، وسيقتل رجلها سيقتل أجسادًا خالية من النخوة.. أنقذونا أتوسل إليكم، أنقذونا وأنقذوهم من أنفسهم. ما أطرحه لا شىء من يوجد عليه الأمر.. أنا وأنت لا ندري ماذا يحل بهؤلاء في ظلمات الليل وبرد الشتاء القارص، حينما أبدأ بالتخيل يتملك قلبي رعبًا لا أتحمله مجرد الخيال لا يحتمل يا سادة، نهاية.. لا نهاية في هذا الموضوع.. لا نهاية ما إذا لم يتم استجابة، فكونوا على يقين نحن هالكون لا محالة.