سيذكر التاريخ هذا الرئيس، المستشار عدلى منصور، بكثير من التقدير والاحترام، لأنه استطاع أن يقود سفينة الوطن باقتدار فى لحظة تعج بالأمواج المتلاطمة والتحديات والتربصات متعددة المصادر، بعقل بارد وضمير متيقظ وسط صخب المصالح والمطامع وكوابيس الانقضاض على مقدرات الوطن، واستعاض عن غياب البرلمان بطرح مشروعات القوانين والترتيبات المفصلية على الحوار المجتمعى، فى توقيتات غاية فى الدقة، ليتحول الفضاء العام إلى برلمان أكبر، فانتقل بحنكة وهدوء مقاتل بخارطة الطريق من استحقاق إلى آخر بدون مصادمة رغم المتاريس والعراقيل والمصادمات التى يعج بها هذا الطريق إلى حد الترويع والإرهاب والاستهداف الدموى المرير. فى هذا السياق يأتى طرح مشروع قانون مجلس النواب، البرلمان، وهما، المجلس ومشروع القانون، يستحقان بل يستوجبان القراءة المتأنية والتحليل الجاد فى ضوء الصلاحيات والدور الذى للمجلس بحسب الدستور، وأيضاً فى ضوء مهام ترجمة مستجدات الدستور فى صورته الأخيرة فيما يتعلق بمواد الحريات والحقوق وضبط مسار المجتمع، إلى حزمة من القوانين يتم من خلالها الانتقال إلى الدولة المدنية وتحقيق أهداف الثورة على الأرض. فالمجلس يتولى سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية (المادة 101). ويحق للمجلس إصدار القوانين المكملة للدستور بموافقة ثلثى عدد أعضاء المجلس. وتُعد القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية، والنيابية، والمحلية، والأحزاب السياسية، والسلطة القضائية، والمتعلقة بالجهات والهيئات القضائية، والمنظمة للحقوق والحريات الواردة فى الدستور، مكملة له (المادة 121)، وهذا يعنى أن حزب الأغلبية أو ائتلاف عدد من الأحزاب والمستقلين يمكنه أن يغير شكل الخريطة السياسية، بحسب توجهه، ونكون أمام كل الاحتمالات حتى الانقلاب على الثورة لو غاب التدقيق فى اختياراتنا وقفزت أحزاب التيارات المناوئة والمتربصة إلى مقاعد البرلمان. ويجوز للمجلس أن يعدل النفقات الواردة فى مشروع الموازنة، عدا التى ترد تنفيذاً لالتزام محدد على الدولة (المادة 124)، بل لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض، أو الحصول على تمويل، أو الارتباط بمشروع غير مدرج فى الموازنة العامة المعتمدة يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب (المادة 127)، ويحق لكل عضو بالمجلس توجيه الأسئلة وكذلك توجيه استجواب إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، فى أى موضوع يدخل فى اختصاصاتهم، وعليهم الإجابة عن هذه الأسئلة فى دور الانعقاد ذاته (المادتان 129 و130)، وأيضاً لمجلس النواب أن يقرر سحب الثقة من الحكومة مجتمعة أو أفراداً (المادة 131). وفى المقابل لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة، وبقرار مسبب، وبعد استفتاء الشعب (المادة 137)، ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ (المادة 154). وتصل صلاحيات المجلس إلى حد غير مسبوق فى كل دساتير مصر السابقة، إلى حقه فى عزل الرئيس، فى خطوة داعمة لتحجيم ومنع تحول الرئيس إلى النسق الديكتاتورى، (المادة 161).. «يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بناءً على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، وموافقة ثلثى أعضائه، ولا يجوز تقديم هذا الطلب لذات السبب خلال المدة الرئاسية إلا مرة واحدة». هذا عن المجلس، فماذا عن مشروع القانون؟ وهل استطاع أن يحقق من خلال شروط الترشح، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية، التمثيل العادل للسكان، والمحافظات، والتمثيل المتكافئ للناخبين، بحسب الدستور؟ (المادة 102)، هذا ما نتناوله لاحقاً.