لأنه كما يقولون إن الصراحة راحة والكدب مالوش رجلين، أنا هاكون صريح جداً جداً معاكم.. وفى البداية أنا مش عارف إذا كانت الصحف المصرية بتصل يوم بيوم لأمريكا، وتحديداً للمكتب البيضاوى فى البيت الأبيض، أم أن السفارة الأمريكية، موظفى قسم الإعلام بها فى منتهى النشاط لدرجة إرسالهم الصحف المصرية أولاً بأول للرئيس الأمريكى شخصياً.. والحكاية من غير كذب ولا فشر، أنه بعد صدور عدد يوم الاثنين الماضى الذى كان به مقالى السابق تحت عنوان «الحقووناااا»، والذى كان تضامناً مع مقال للكاتب محمد فتحى حول تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات عن مبلغ الفساد المستشرى فى دواوين الوزارات، خاصة ديوان وزارة الداخلية التى أكدت تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات أن أحد القيادات بوزارة الداخلية يحصل سنوياً على مبلغ وقدره 12 مليون جنيه بدل حضور لجان، بخلاف راتبه وحوافزه ومكافآته والبدلات الأخرى، وأن 7 قيادات فى إدارة شئون الأفراد يحصلون على 84 مليون جنيه سنوياً كبدل حضور لجان، أى بواقع 12 مليون جنيه لكل رأس فيهم.. وأن المستشارين فى الوزارات يتقاضون رواتب وبدلات بالملايين، وكذلك رؤساء مجالس الإدارات، خاصة فى شركات قطاع الأعمال وقطاع البترول.. فى نفس ذات الوقت الذى قتلت فيه أم ابنها وضناها علشان طالبها وهم يتناولون وجبة الغداء المتواضعة، برغيف خبز زيادة (لأنها بتقسم الخبز على الأبناء)، وكذلك فى نفس ذات الوقت الذى تطبخ فيه آلاف الأمهات على رجول وهياكل الفراخ.. وجدت هاتفى يوم الاثنين الماضى بعد نشر المقال سالف ذكره يرن والطالب «رقم خاص، برايفيت نمبر»، بصراحة طنشت ولم أرد، ظناً أنها مكالمة من شركة المحمول تذكرنى بدفع قيمة الفواتير المتأخرة.. وظل الموبايل يرن لأكثر من عشر مرات من الرقم الخاص، فقررت أن أرد، خشية أن تكون مكالمة خارجية مهمة.. وفى الناحية الأخرى وجدت على الخط من يحادثنى بلغة عربية مكسرة.. «آلو.. مستر محسن الجلاد.. أنا باراك أوباما رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية..»، فى البداية ظننت أن أحد الأصدقاء يمزح وهممت بإنهاء المكالمة، إلا أن الصوت القادم عبر الهاتف أقسم أيماناً غليظة أنه باراك أوباما الرئيس الأمريكى، وأنه يريدنى فى أمر هام للغاية.. ولكى يثبت لى أنه ليس شخصاً يمزح طالبنى بأن أفتح الفيديو كونفرانس على الهاتف لأراه وأسمعه، صوتاً وصورة.. وبالفعل وجدته جالساً فى مكتبه البيضاوى فى قلب أم البيت الأبيض ولابس بنطلون اسود وقميص أبيض، (قلت له بعد أن تأكدت أنه هو أوباما بشحمه ولحمه.. خير يا مستر بريزيدنت أوباما)، قال بعد أن ارتشف بعضاً من مشروب أمامه (مستر محسن أنا قريت المقال بتاعك بتاع الحقوونااا.. وأنا باكلمك مش علشان أقولك إن المقال كويس أو وحش.. أنا مش صدقت اللى مكتوب فيه.. قوم إيه.. خليتهم جابولى المقال بتاع زميلك محمد فتحى عن نفس الموضوع وقريته.. برضه ماصدقتش اللى فيه.. قوم إيه.. قلت لهم هتولى تقارير المستشار جنينة والجهاز المركزى للمحاسبات.. قوم إيه.. قريتها.. قوم إيه.. علشان تقارير رسمية صدقتها.. قوم إيه.. قعدت أفكر وأفكر، وكمان جبت المدام والأولاد وقعدنا نفكر ونفكر.. قوم إيه.. استقرينا على قرار.. وعلشان كده أنا باكلمك) قلت له.. اختصر وهات من الآخر، قرار إيه يا مستر أوباما؟!! قال.. بص مستر محسن أنا اتخرجت من جامعة هارفارد، ودى أكبر جامعة فى العالم، وأنا بقالى ست سنين باشتغل رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية.. مرتبى فى السنة ما بيعديش ال400 ألف دولار.. وانتو عندكم القيادة فى شئون العاملين فى وزارة الداخلية بيلهف 12 مليون جنيه.. قوم إيه.. قررت أستقيل من رئاسة أمريكا والمرتب الكحيتى وآجى أشتغل عندكم قيادة من قيادات وزارة الداخلية..وندرن عليا يا أستاذ محسن، والندر دين، أوزع على الفقرا اللى ماليين بلدكو، وعلى أمثال الأم اللى قتلت ضناها علشان رغيف عيش، وأمثال آلاف الأمهات اللى بيطبخوا لأولادهم على رجول وهياكل فراخ، مليون جنيه من الملايين الاتناشر اللى هالهفهم بدل حضور لجان.. ولك عليا لو اتجدعنت معايا وخلصتلى السبوبة دى، أهبدك مليون جنيه رشوة.. ولأننى وعدت الصديق أوباما خيراً فها أنا أعرض طلبه على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الداخلية وجميع الوزراء. «ولا عزاء فى فساد مستشرٍ فى بلادنا». والله من وراء القصد.