وسط قفص التوت وزجاجة مياه وعلبة كشري، تركن فاطمة عبد المقصود دراجتها البخارية جانب الرصيف، تبدأ في ترتيب فرشتها بمنطقة مصر الجديدة، واضعة طبق الخوص على رأسها ليحميها من حرارة الشمس التي كادت أن تأكل رأسها، "أكل العيش مر". قررت "فاطمة"، هذا العام أن تنزل كعادتها من منزلها بشبين القناطر إلى القاهرة، على الرغم من خوف أشقائها الذهاب معها بسبب التفجيرات الإرهابية التي تحدث في الشوارع، "هما شهرين موسم التوت في السنة كلها اللي باقفهم، لازم انزل عشان أرجع برزق أمي وأخواتي السبعة، محدش بياخد أكتر من نصيبه ولو قعدت واستنيت إخواتي يبقى الإرهاب مش هيقف". تجلس الشابة العشرينية على "قفص" خشبي اعتادت أن تستريح عليه طوال اليوم، وبجانبها دراجتها البخارية التي اشترتها منذ ثورة 30 يونيو، "حوشت واشتريتها واتعلمت إزاي اسوقها، عشان أثبت إن الست باقت زي الراجل بعد مرسي والإخوان، وعشان لو حصل أي تفجير أو مشكلة من الإخوان وناس اتصابت ألحقهم زي ما بعمل في البلد"، مضيفة: "الناس لما بتشوفني في البلد ركباها وراجعه من السوق بيشتكوا لأمي ومبيشلوش عنيهم من عليا، ولما بنزل بيها شوارع القاهرة الناس بتستغرب إني ست وسايقة موتوسيكل، بس مبيهمنيش حد المهم إني مبعملش حاجة غلط". بابتسامة لم تفارق وجهها، جعلت أهالي المنطقة يعتبروها "وش السعد عليهم"، منذ 7 سنوات، "من أيام أبويا الله يرحموا والناس هنا عرفاني وبيعتبروني بنتهم، دايماً كنت بنزل معاه في موسم التوت عشان الناس هنا بتحبوا وبيعتبروه فاكهة حلوة، وعلى طول يقلولي إن ضحكتي بشوشة والسنة اللي بتأخر في النزول بيسألوا علي أنا وإخواتي"، متمنية "مش محتاجة غير إن مصر تبقى أحسن بلد في الدنيا، والسيسي يبقى الريس اللي جاي عشان نلاقي شقة نقعد فيها بدل إيجار الشقة اللي بتاخد كل فلوسنا دلوقتي، والرجالة تعرف إننا زينا زيهم وأي بنت تركب عجلة وموتوسيكل عادي زي السيسي ما نزل بعجلته وسط الناس".