سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ديوان "قصر الاتحادية": عفواً باب الرئاسة "غير متاح".. "فوت علينا بكرة" والد «مصاب فى الثورة»: ديوان المظالم حولنى لموظف بالمحافظة ففوجئت بأنه موظف «سويتش»
تحت شمس الصيف الحارقة، يهرول إلى محطة القطار فى مدينته «الفشن» ببنى سويف، ينتظر على أحد رصيفى المحطة قرابة الساعة أو أقل قليلاً، يطول انتظاره لتأخر «قطار الغلابة» الذى سيستقله للوصول إلى القاهرة، وبثيابه الرثة التى تشربت من رائحة عرقه، وحذائه المشبع بطين الأرض، وقف ربيع خلف (65 سنة) أمام ديوان المظالم الرئاسى بقصر الاتحادية لتقديم مظلمته فى الديوان المستحدث، لكنه لم يفلح فى مهمته التى سافر لأجلها، فيعود أدراجه مدحوراً، مع إغلاق باب السماء فى وجهه العجوز المتعب. رجال الشرطة لا يدعون ل«ربيع» فرصة لإنجاز مهمته، فى توصيل شكواه للرئاسة دون عناء فيهمون بصرفه من أمام ديوان المظالم مع نهاية فترة العمل، فيضطر للعودة إلى قريته مرة أخرى، وبعد محاولات استمرت عدة أيام سلم نسخة من تظلمه فى نهاية اليوم، لكنها تضيع كالعادة حسب قوله، ويقول «ربيع» عن فحوى شكواه: «كل الحكاية أننى عملت فى دولة العراق فى فترة الثمانينات، ومع اندلاع حرب الخليج اضطررت للرجوع إلى مصر دون الحصول على مستحقاتى المالية، ورغم أن كثيرين ممن لهم ظروف مماثلة حصلوا على مستحقاتهم، لكننى لم أحصل على مستحقاتى». ويذكر «ربيع» أن زيارته لقصر الاتحادية «هى الزيارة الرابعة، وللمرة الرابعة يفشل فى التأكد من أن طلبه نال اهتمام من هم بالداخل»، وكثيرون مثله يقفون أمام باب الرئاسة «الموارب»، يتلصصون النظر إلى الداخل، لكن لا أحد يبلغهم بمصير شكواهم، فقط يتلقون منهم تظلماتهم المكتوبة دون رد. بسبب تجاهله، لم يجد رفعت شحاتة حامد سوى أن يفترش الطريق أمام الباب المؤدى إلى ديوان المظالم فى القصر الرئاسى، ليقطع بذلك الطريق على عشرات السيارات التى حاولت المرور، اجتذبته أيادى قوات الأمن إلى خلف الكردون المنصوب أمام البوابة، وحذروه من تكرار ذلك الفعل، فاستمر شحاتة فى الصراخ أمام بوابة القصر وقال: «شهرين وأكثر وأنا أناشدكم التدخل لصون مستقبل ابنى المصاب فى أحداث الثورة، لا أريد إلا كشكا صغيرا له كى يكسب منه لقمة العيش من طريق حلال، خصوصا أن الفريق الطبى أقر أن ابنى أصيب بعجز جزئى». «يا ناس!! هذه مرتى الخامسة التى أحضر فيها لهذا المكان الشؤم، لن أنصرف إلا بحق ابنى، كفاكم تسريحاً لى، كفاكم وعوداً زائفة، لن أمشى من هنا بعبارة (فوت علينا بكرة)، أنا شبعت من كلامكم ووعودكم» بهذه العبارات يصرخ رفعت شحاتة، الأب الذى جاء من شبرا الخيمة لتقديم شكواه للرئاسة. وعن الخطوات التى اتبعها لتقديم التظلم لديوان الرئاسة، يقول «رفعت»: «كتبت تظلمى فى ورقة، ووقفت ساعات فى حر الشمس لتقديمها، لم أهتم، حتى استجاب أحد الضباط لى واصطحبنى إلى داخل المكتب، حيث موظف أخذ طلبى، ثم أبلغنى أن مشكلتى لدى محافظة القليوبية، فذهبت إلى هناك للموظف الذى أبلغونى أنه المختص ببحث مشكلتى، فوجدته موظف «سويتش»!! فعدت مرة واثنتين وما من مجيب لمظلمتى». على باب القصر ذاته، وقفت منيرة عبدالجابر (85 سنة)، السيدة ظلت مطرودة من بيتها المكون من عدة طوابق، بعدما استولى عليه «بعض البلطجية» بحسب شكواها، وتقول السيدة المتظلمة «جئت للديوان فى أول أيام تلقيه تظلمات المواطنين، قالوا لى سنتصل بكِ بعد 15 يوماً، وعندما تأخر الرد ذهبت إليهم فى المرة الثانية فحولونى إلى أحد ضباط الشرطة، الذى أكد لى أن قضيتى قد حُلَّت بالفعل، وعندما انصرفت وجدت أن الأمور ليست كما أوضحوا لى، فقد رفضت الجهات القضائية إعطائى حكم المحكمة لتنفيذه، وأكدوا لى على عكس ما أكده ديوان المظالم أن قضيتى لم يصدر فيها حكم من الأساس، وها أنا لا أزال مطرودةً خارج منزلى حتى بعدما قدمت ما يقرب من 10 شكاوى». أما علاء محمد أحمد (38 سنة) فيحضر إلى القصر الرئاسى للمرة الثالثة فى أقل من ثلاثة أشهر من العمل الفعلى لديوان المظالم الرئاسى، لا يطلب لنفسه شيئاً، لكن حضوره كان محاولة لاستجداء مؤسسة الرئاسة، لدى الجهات الصحية المختصة لكى تحصل ابنته الصغيرة «شهد» على علاج شهرى، عبارة عن حقنة بيولوجية كعلاج للروماتويد المفصلى، «الحقنة تتكلف 1000 جنيه شهرياً، فضلاً عن جلسات العلاج الطبيعى اللازمة لابنتى التى تتكلف وحدها نحو 500 جنيه». الأب محدود الدخل، هرب قبل ذلك إلى ليبيا للعمل وجلب المال لأجل علاج ابنته، لكن الأحداث الأخيرة فى ليبيا اضطرت كثيرين للرجوع إلى مصر، والآن لا يجد «علاء» مصدراً للرزق يكفى لعلاج ابنته، فحاول علاجها على نفقة الدولة، لكنها مرته الثالثة التى لا يحصل فيها على رد مريح لشكواه، ولا زحزحة لغلبه.