جمعتهم الإصابة بالوباء العالمي الجائح فيروس كورونا، وفرقهم العزل الصحي، حيث جرى وضع رب الأسرة بمستشفي تمى الأمديد بمحافظة الدقهلية، والزوجة وأطفالها ال4 بمستشفى عزل بلطيم فى كفر الشيخ، فالأسرة التي كانت تعيش في هدوء، فجأة تحولت حياتهم لكابوس، بدأ بوفاة شقيقة الزوج، وإقامة عزاء ليتفاجئ الأب بظهور اعراض تشبه كورونا، لتبدأ رحلة من العذاب، لمدة أيام، تنتهى بوضعه داخل مستشفى عزل، عقب التأكد من إيجابية تحاليله، وحمله للفيروس، وبعدها يُجرى فحص أسرته ليتأكد إصابتهم جميعا. "السيد. ع. ش"، الذي عاد من رحلة عمل خارج مصر، منذ سنوات، ليستقر به الحال داخل بمحل إقامته بإحدى مناطق مركز منية النصر في الدقهلية، لم يتخيل أبدا أن يجد نفسه وأسرته مصابين بالوباء، فمنذ أن تفشي فى دول عدة، حمد الله كثيرا، أنه عاد واستقر ببلده، ليلحق بالمصابين، ولعدم وجود أماكن يستقر في مستشفي وآسرته فى آخر، بحسب حديث الأب المكلوم. وقال الأب: "أختى توفت من أسبوعين وفاة طبيعية، واستقبلت المعزين من أقاربي، لكن بعدها بيوم، شعرت بتعب فى جسمي، قلت عادى يمكن زعل عليها، فرحت لدكتور قالى أنت كويس، شوية سخونية، خدت علاج لمدة يومين مرتاحتش، رحت لطيب تانى، قالي أعملى تحاليل، عملت قال عندك تيفود، وهو اللى عمل فيك كدة، مرتاحتش بعد أيام، رحت لطبب تالت، قالى دى نزلة شعبية، وعلى الحال ده عدة أيام، لحد ما رحت إعادة كشف، فالطبيب حولنى على مستشفى حميات دكرنس، وهناك عملولى تحاليل ضد فيروس كورونا، وحجزونى، وطلعت نتيجتى إيجابية، فحولونى على مستشفى عزل تمى الأمديد". لم تنته مآساة الرجل الأربعينى عند هذا الحد، فحينما أخبر أسرته بإصابته، بكت زوجته وأطفالها ال4، وفي اليوم التالي، جاءتهم لجنة من مديرية الصحة فى الدقهلية، تخبرهم بضرورة آخذ مسحات منهم جميعا، لاستبيان إصابتهم بالفيروس من عدمه، لتظهر النتيجة صادمة بالنسبة لهم، وتؤكد إصابة الأم وأطفالها، لتبدأ مرحلة نقلهم للمستشفى. هنا تطلب الزوجة، نقلها الى المستشفى الذي يُعالج فيه زوجها، لكن عدم وجود أماكن كان عائقا أمام تنفيذ رغبتها "كان نفسى زوجتى وأولادى يكونوا معايا، لكن مكنش فيه أماكن، فاضطروا للعلاج فى مستشفى بلطيم، جمعنا الفيروس وفرقنا العزل، بس بطمئن عليهم تليفونيا". الأم: "زوجي في مستشفى وأنا وأولادي فى آخر ونفسي نتجمع تاني" متجاورون في غرفتين، داخل مستشفى العزل بمدينة بلطيم في كفر الشيخ، الأم "شيماء. ع. م"، البالغة من العمر 34 عاما، تحتضن طفليها "معتز. ا"، البالغ من العمر 10 أعوام، و"مهاب. ا"، البالغ من العمر 9 أشهر فى غرفة، وابنيها "محمد ومؤمن" البالغان من العمر 17 و14 عاما، في غرفة متجاورة، يطمئنون على بعضهم البعض، من خلال الاتصالات الهاتفية، أو الرؤية من خلف أبواب الغرفتين، وذلك وفقا لتعليمات الأطباء. تمر الأيام ثقيلة على الأسرة، لبعدها عن الأب، لكن ما يجعلهم يتحملون، هى معاملة الأطقم الطبية الحسنة، وخوفا على صحة أبنائهم: "زعلانة اننا بعيد عن زوجى، لكن قدر ربنا، مكناش متخيلين أن ده يحصل لكن الحمدلله، بطمن على ولادى بالتليفون أو بشوفهم من خلف الأوباي دون الإقتراب، لكن مهاب ومعتز معايا فى نفس الغرفة، بس نفسى نتجمع تانى"، بحسب الأم، التى تحاول رعاية أولادها بالرغم من العزل. بين قراءة القرآن وأداء الصلوات، وتصفح الهواتف المحمولة، والاطمئنان على أقاربهم وتلقى العلاج، يقضى الشيقين "محمد ومؤمن"، وقتهما داخل الغرفة، "بنقضى وقتنا مابين العلاج وقراءة القرآن والصلاة، بنحاول نعدى الوقت، الحمدلله مفيش اى أعراض ظاهرة علينا، وبنطمئن على بابا بالتليفون، كانت فى بداية دخولنا المستشفى، نفسياً تعبانين، لكن المعاملة الجيدة، حسستنا بأننا وسط أهلنا، الممرضات بيلعبوا مع اخواتى الصغيرين، ومعانا، إحنا لحد دلوقت مش عارفين العدوى جات منين، بابا نقل العدوى من شخص فى العزاء ونقلها لينا". لن ينسى الصغير تلك اللحظات التي نُقل فيها هو وشقيقه مؤمن في سيارة إسعاف واحدة، وووالدته وطفليها معتز ومهاب في سيارة آخرى: "نقلونى انا ومؤمن فى عربية، كنت متماسك علشان مرعبوش، لكن من جوايا كنت خايف، وقلتلهم هتودينى مع ماما وإخواتى عند بابا ولا لا، وقتها مكنتش حاسس بحجم الخطر، ومش عارف إحنا رايحين فين، بس طمنونى وقالولى أن ماما هتكون معانا، وحسيت برهبة لما دخلت المستشفى، لكن إتأقلمت بسرعة لأن مفيش عندنا أعراض، وواثق أن ربنا هينجينا وهنرجع نتجمع من تانى فى بيتنا بعد شفائنا". الطفل: "معاملة الأطقم الطبية بتهون علينا.. أتمنى أن ينتهى الوباء" لا يكسر الروتين اليومي للصغيرين ووالدتهما وشقيقهما، سوى حركة الأطباء والممرضات ومواعيد الأدوية، وبعض المكالمات الهاتفية، التى تأتيهم من الأهل والأقارب للاطمئنان عليهم، "بنعيش يوم عادى فيه سكون، بنخد الأدوية بتاعتنا وبيسحبوا لينا مسحات، إحنا هنا من إسبوع وبتمنى منطولش، اللى بيهون علينا، معاملة الممرضات والأطباء، بيطمنونا دايما، وبيدعمونا". يتمنى الصغير، أن يخرج سريعا هو وأسرته فى وقت واحد، كما دخلوا المستشفى فى وقت واحد، كما يتمنى انتهاء هذا الوباء الجائح، الذي حصد أرواح الآلاف من البشر حول العالم: "نفسى أخرج من هنا أنا وماما وإخواتى، كلنا مع بعض زى ما دخلنا مع بعض، سالمين، معافين، ويكون بابا سبقنا على البيت، كمان بتمنى الفيروس ينتهى بسرعة، علشان الناس ترجع لحياتها الطبيعية، وبقول للناس خليكم فى بيوتكم فهى أحسن من المستشفيات، الصحة نعمة ولازم تلتزموا بكل الإجراءات الوقائية اللى تحفظ يلامتكم وسلامة أطفالكم".