بشرة سمراء من لهيب الشمس، وأيادي برزت عظامها من جدب الصحراء، وسط أغاني حماسية لعمال عاشوا سنوات طويلة ينحتون في صخر لم يبق لهم سوى بضعة تليغرافات شعرية من "حراجي القط" لجوهرته المصونة، ودرته المكنونة فاطنة أحمد عبد الغفار.. 3 سنوات كد وشقاء قضاها عمال مصر في بناء السد العالي انتهت ذكراها بعد 60 عاما بتكريم "فريق العمل الروسي" في عيد العمال. قبل سنوات طويلة قرر الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي أن يخط في ديوانه الأشهر "جوابات حراجي القط"، حكايات عمال "أسوان"، حكايات ربما لا يعرفها كثيرون عن يوميات العمال مع الباشمهندس، وتعليم العمال الأميين، حكايات السياسة في سهرات الجبل، كلها حكايات ربما لم يسمع عنها الرئيس المؤقت عدلي منصور مكتفيا بمحاولات عودة العلاقات المصرية الروسية، فمن أجل ذلك قرر تكريم كبير مهندسي السد العالي "د.شيتانوف فلاديمير" . الدكتور خالد العزب، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الإسكندرية، يؤكد أن تكريم البناة الروس له بعد سياسي أكثر منه من أجل التكريم، مضيفا: أن المصريين الذين عملوا في مشروع السد كرمهم عبد الناصر والسادات،. وأكد العزب أن جامعة الإسكندرية بصدد توثيق شامل لمشروع السد العالي يتضمن كل من شارك فيه سواء شركات أو مهندسين أو عمال بسجلات موثقة حصلت الجامعة علي بعضها، مضيفا: "مع الأسف لم يهتم أحد بحفظ سجلات وزارة السد العالي، التي ألغيت بعد عبد الناصر، وإن كان من المعروف أن المهندس حسب الله الكفراوي هو أحد من شاركوا في بناء السد، وخبرته تلك جعلته من أعظم وزراء الإسكان في مصر" . تكريم بناة السد العالي لم يشغل بال العزب بقدر ما شغله تكريم قيادات أخرى شاركت في مشروعات قومية لم يعد لها ذكر الآن:"في الستينيات كان هناك مشروع لتصنيع أول طائرة مصرية، وبالفعل نجح فريقها في تصنيع محرك مصري 100% ومع الأسف هؤلاء لا نسمع عنهم الآن" .