يقف أمام محله فى أحد الشوارع الرئيسية بالمدينة، وكأنه يتأمل وجوه المارة، ينظر لمحلات الفسيخ التى أصبحت شبه متلاصقة، ولا تفصل بينها سوى أمتار، يتذكر موسم شم النسيم من كل عام، الذى كانت تقف فيه طوابير من الناس أمام المحل، إنه عبدالغنى الغلبان، أحد أحفاد عائلة «الغلبان»، التى اشتهرت بصناعة الفسيخ فى نبروه بالدقهلية. «عبدالغنى» يعمل مديراً عاماً بجامعة المنصورة سابقاً، ومع ذلك لم يتخل عن مهنة صناعة الفسيخ التى ورثها أباً عن جد. يتنهد عندما يتذكر تاريخ العائلة فى المهنة. «ياه العيلة دى شغالة فى الفسيخ من أكتر من 150 سنة»، ويضيف أن هناك شخصيات عامة كانت تتردد باستمرار على والده لشراء الفسيخ فى المواسم من لاعبى نادى الزمالك، منهم إبراهيم يوسف، ومحمد صبرى، وطارق يحيى. «لا يقل عن 50 مصنعاً لصناعة الفسيخ فى نبروه، إنها مهنة يتوارثها الأجيال، لذلك نسبة البطالة أقل عن غيرها، ونبروه مدينة تجارية، متلاقيش فيها بطالة، كمان الابن بيطلع عارف هيشتغل مع أبوه، ما فيش تفكير كتير فى الموضوع ده»، هكذا لخص الغلبان حال مدينته. يضيف الغلبان: «لكن أصبح للمهنة مشاكل عديدة فى الفترة الأخيرة، فالصحة بتتلكك، وبنستخدم ملح شركة الملاحات، المفروض أنها شركة حكومية، ويقولك الملح مش مظبوط، ده غير علشان تجيب سمك نضيف، تدفع دم قلبك، المزارع اللى بتبيع سمك متربى على المخلفات كتير، ما إحنا لينا اسم فى السوق برده لازم نحافظ عليه». عائلة الغلبان لها 7 محلات فى نبروه، أصحابها من أخواته وأبناء عمومته، يقول عبدالغنى: «نفسى بجد المهنة دى متندثرش عندنا، للأسف أولادى مالهومش فى المهنة»، يشير إلى أحد الصبية الذى يعمل معه بالمحل لمساعدته: «عندى ابن خريج سياحة وفنادق، وبيشتغل فى المجال ده، وابنى التانى خريج تجارة، وعنده مكتب فى الصين، وولدين يدرسان التجارة». يصمت لرده على سؤال أحد الزبائن، لينادى مساعده ليحضر طلبه، ويستأنف حديثه، محاولاً أن يعدل نظارته: «البركة فى أخويا وولاده، كلهم لسه بيشتغلوا فى المهنة، المهم أن اسم العيلة يفضل».