«الغلبان.. الحداد.. الملاح.. شعير»، 4 عائلات أسست «صناعة الفسيخ» فى مدينة «نبروه» بالدقهلية، واحتكرت المهنة بعض الوقت، ومع الزمن وصل عدد مصانع الأسماك المملحة فى المدينة إلى 30 مصنعاً، وهو ما أهلها إلى جانب أسباب أخرى مثل «الخبرة» و«الصنعة»، إلى أن تشتهر باسم «عاصمة الفسيخ».. «نبروه» تقع على الشاطئ الغربى لنهر النيل، فرع دمياط وتبعد 7 كيلومترات عن المنصورة. وحول المهنة وأصلها، قال مندوه محمد شعير، أقدم صناع الفسيخ فى نبروه، مواليد 1929، والذى يلقب ب«شيخ الفسخانية»، إن المدينة تشتهر بصناعة الفسيخ منذ زمن بعيد، وهو ما حولها إلى قلعة صناعية وتجارية لا تضاهيها أى مدينة فى مصر. وقال: «إن شهرة نبروه فى صناعة الفسيخ ترجع إلى عصر قدماء المصريين، توارثنا المهنة أباً عن جد، وفى بداية عهدى بالمهنة كانت فى نبروه 4 عائلات فقط، مشهورة بصناعة الفسيخ هى «شعير والحداد والغلبان والملاح»، واليوم أصبح هناك أكثر من 30 مصنعاً يعمل فيها أكثر من 300 عامل، بخلاف مئات العمال فى مجال تربية الأسماك الخاصة بالفسيخ والموزعين وأضاف: «كانت الصناعة تتبع الطرق البدائية فى تجفيف الفسيخ، وكان يعرض السمك للشمس لأيام حتى يجف بطريقة طبيعية ثم يضغط على الذيل حتى تفك أعصابه ويترك لفترة أخرى وتوضع عليه مياه دافئة لمدة نصف ساعة، ثم يغسل بالماء ويوضع فى براميل خشب وهذه الطريقة يمكن أن تستعمل فيها أسماك غير طازجة أو أسماك ميتة فى الأحواض. وتابع: «منذ أكثر من 20 سنة، تم تحديث الصناعة طبقاً للمواصفات الصحية السليمة، بدءاً بنوعية الأسماك وانتهاء بعملية التصنيع، إذ يتم التعامل مع مزارع معينة لضمان جودة السمك، منها: «مزارع رمسيس بالمطرية وأرض المطار القديم بالجمالية وبورسعيد وسهل الطينة ومزارع كفر الشيخ»، وكلها تتميز بأنواع السمك الطازج من نوعيات البورى، المعروف برأسه الكبير والطوبار المميز برأسه الرفيع المدبب، والسهيلى الذى يشبه البورى، والبعد عن المزارع التى تغذى الأسماك على «السبلة»، وبالتجديد والتطوير فى الصناعة اكتسبت نبروه شهرتها خصوصاً فى موسم شم النسيم وتوزع وحدها على مستوى الجمهورية نحو 400 طن بفضل جودة الصناعة، والتى تشرف عليها معامل وزارة الصحة. وقال مندوه محمد شعير، حفيد شيخ «الفسخانية»: «إن سر المهنة يبقى حكراً على العاملين بنبروه وإن هذا ليس من باب الغرور، ولكن من باب الخبرة الواسعة للعاملين بهذه المهنة». وأكد أن صناعة الفسيخ تبدأ بشراء أنواع السمك الطازج حديث الصيد، المعروف بزيادة نسبة الدسم ويتم غسله بماء بارد فى أحواض بطريقة جيدة، ثم يوضع داخل براميل خشبية، توضع فيها طبقة من السمك تليها أخرى من الملح، كلما ارتفعت إلى أعلى تزيد نسبة الملح ويوضع على كل برميل يزن 50 كجم سمك 6 كجم ملح من المعتمد لدى الصحة، ثم يغلق البرميل 21 يوماً فى فصل الصيف و30 يوماً فى الشتاء، يفقد خلالها كيلو السمك من وزنه ربع كيلو جرام، بعد تمليحه وعند فتحه يتم تغيير وقت الإنتاج إلى تاريخ البيع ويظهر فيه السمك بلون وردى، وهكذا يصبح جاهزاً للبيع.