اتفاق الرياض الذى وقعه وزراء دول مجلس التعاون الخليجى الخميس الماضى، ربما يكون بداية لإطفاء نار الأزمة المشتعلة فى الخليج، حال التزام الدوحة، أو يمثل بداية لمرحلة جديدة من التصعيد، محمد الحمادى رئيس تحرير جريدة «الاتحاد» الإماراتية كشف ل«الوطن» جانباً من كواليس الأزمة الخليجية مع قطر ومحاولات حلها، التى وصلت إلى ما عرف ب«اتفاق الرياض»، وأكد أن المسألة لا تتعلق بمواقف الدول الخليجية من مصر، بل تتعلق بالأساس بتدخلات قطر فى الشئون الداخلية لدول الخليج وعلى رأسها الإمارات. وأوضح «الحمادى» أن الأزمة الخليجية مع قطر فى سبيلها للحل. ■ هل تتوقع التزام قطر بتنفيذ الاتفاق الخليجى الأخير بما يمهد لإنهاء الأزمة؟ - الكرة الآن فى ملعب قطر، ونتمنى أن تخيب ظن المتشائمين، وأن تلتزم بآليات تنفيذ الاتفاق الخليجى، فالشارع الإماراتى والبحرينى والسعودى قلق بشأن تنفيذ الدوحة التزاماتها، ونتمنى ألا يستخدم الإعلام مجدداً للضرر بدول الخليج أو التطاول عليها، وألا تتخذ أى دولة موقفاً أو تتبنى سياسة تضر بمصالح الدول الأخرى أعضاء مجلس التعاون الخليجى وتحديداً عدم دعم تنظيمات الإخوان. ■ هل كان للوساطة دور فى التوصل لاتفاق؟ - اتفاق الرياض جاء بإرادة ذاتية للدول الأربعة ولم يكن هناك حاجة لوساطة أحد من داخل أو خارج الخليج. ■ هل الإعلام كان سبباً فى سحب سفراء الإمارات والسعودية والبحرين من قطر؟ - إعلان سحب السفراء لم يكن به إشارة مباشرة للإعلام، ولكن كان هناك طلب ضمنى بعدم التحريض بأى شكل من الأشكال سواء بالإعلام أو غيره، وبعض الجهات حاولت أن توحى بأن البيان يهدف لتكميم الإعلام القطرى أو قناة الجزيرة تحديداً، وهذا غير صحيح، لكن الدول الثلاث تشعر اليوم أن هناك استهدافاً لأمنها واستقرارها من تصرفات تصدر داخل دولة قطر، وبالتالى كان هناك أكثر من محاولة ودية من أجل أن تتوقف هذه الجهات ولكن الحكومة القطرية لم تعر اهتماماً لهذه المطالب سواء تطاول الشيخ يوسف القرضاوى أو تحريضه ضد دولة الإمارات، بشكل واضح ومسىء، خاصة عندما قال إن «الإمارات ضد كل ما هو إسلامى» وهذا كان تحريضاً خطيراً ضد دولة الإمارات. ■ بماذا تطالب قطر فيما يتعلق بالقرضاوى؟ - قطر حرة فى تعاملها معه، لكن يجب عليها ألا تسمح له بأن يحرض ضد دولتنا، إذا كان القطريون يرون فى «القرضاوى» شخصية مفيدة بالنسبة لهم، فلا يجب أن يسمحوا له بالتحريض ضدنا من خلال خطبه التى تثير الفتنة وربما تبرر تنفيذ أى مجموعة إرهابية عمليات ضد الإمارات استناداً إلى خطبه وفتاواه المحرضة ضدنا باعتبارنا ضد الإسلام كما يدعى. ■ لماذا الإبقاء على قطر فى مجلس التعاون الخليجى بعد كل هذه التجاوزات وعدم التزامها بقواعد المجلس؟ - كل تصرفات قطر وعدم تجاوبها يوحى كأنها غير مقتنعة بهذا المجلس ولا تعير اهتماماً للدول الأعضاء به، أنا أتساءل إذا كانت دولة عضو فى مجموعة إقليمية وترفض أن تتعاون معهم، فما فائدة بقائها فيه؟ وجودها أصبح علامة استفهام، فيجب أن تقرر إما أن تبقى وتتعاون أو تترك المجلس إذا كانت لا تريد الالتزام بمسئولياتها، ونتمنى أن تبقى قطر فى المجلس وتعود لتمارس دوراً إيجابياً، ونتمنى أن ترى الواقع كما تراه دول المنطقة، ليس شرطاً أن نتفق على كل شىء، لكن يجب أن نتفق على أمننا واستقرارنا وألا يتسبب طرف فى إيذاء الآخر، ما نشهده الآن أن قطر استقبلت مجموعات ومنحتهم الجنسية ودعمتهم ووفرت لهم المأوى ليهاجموا الدول الخليجية، وهذا أمر غير مقبول ونتمنى أن يتوقف. ■ كيف ترى ترشح المشير عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية؟ - الشارع الإماراتى مع خيار الشارع المصرى، وسندعم ما يريده الشعب المصرى، وحتى عندما اختار المصريون «مرسى» احترمنا اختيارهم رغم عدم رضائنا عنه، والكثيرون يرون أن «السيسى» هو الأنسب للمرحلة الحالية التى تحتاج الاستقرار، كما أنه ليس هناك حتى الآن شخصيات يمكن أن تنافس أو ترضى شريحة كبيرة من الشعب المصرى، والسياسة الإماراتية لا تتدخل فى الشئون الداخلية للدول، الإمارات فى النهاية ستدعم خيار الشعب المصرى، وتؤمن بشكل مطلق أن استقرار مصر استقرار للإمارات ولكل المنطقة. وحتى الشيخ «زايد» عندما قال عام 1973 إن النفط العربى ليس أغلى من الدم العربى، كان يعبر عن رؤية بأن مصر يجب ألا تهتز، واليوم نفس الفكر موجود، والإرادة السياسية فى الإمارات ستدعم من سيختاره الشعب المصرى، و«السيسى» نجح فى أن يثير اهتمام الشارع المصرى وقادر على مخاطبته بلغته، وفكره، وبساطته، وهو رجل واقعى لا يعيش فى الرومانسيات والوعود الانتخابية الرنانة التى تختفى، وهو يعرف الواقع من خلال وجوده وزيراً فى الحكومة ونائباً لرئيس الوزراء، على عكس ما ذكره «مرسى» من وعود بحل مشكلات المصريين فى 100 يوم. ■ هل تتوقع نجاح «السيسى» فى حل مشكلات مصر المزمنة؟ - المشير «السيسى» رجل واقعى، ويعرف أن كلمة السر فى نجاح تجربته تعتمد على الشعب والتفافه حوله، وأياً كان الرئيس فالشعب هو القادر وحده على إنجاح التجربة، وأعتقد أن أى رئيس سيأتى فى مصر اليوم ستكون مهمته صعبة، والشعب المصرى عرف طريقه إلى ميدان التحرير وعرف كيف يمكن أن يلتف حول زعيم يحقق طموحاته أو يقف ضده إذا أساء استخدام سلطته، وأرى أن أى رئيس سيأتى يحتاج إلى وقت لكى يبدأ فى تحقيق نجاح ملموس. ■ كيف كان رد فعل الشارع الإماراتى على المناورات العسكرية المشتركة مع مصر؟ - الشعب الإماراتى رحب بذلك بشكل احتفالى، وأى تعاون مع مصر محل ترحيب، وفى الإمارات الناس تعرف قيمة مصر. ■ هل هناك رؤية لتعزيز التعاون العسكرى بين البلدين؟ - هناك حديث حول وجود عسكرى مصرى فى الإمارات والخليج، ولكن لا نعرف ما إذا كان هناك تصور عملى لذلك أم لا، وأنا أعتقد أن هذا الأمر مرحب به، والجانبان لديهم الرغبة فى ذلك. ■ نعود مرة أخرى للخليج.. هل الخلافات مع قطر مرتبطة فقط بتباين مواقف الدول الخليجية من ثورة 30 يونيو؟ بمعنى أوضح، هل مصر هى سبب الخلاف الخليجى، أم أن لقطر تجاوزات أدت إلى سحب السفراء؟ - سحب السفراء جاء بسبب 3 نقاط ذكرها البيان المشترك ليس بها شىء عن مصر، وحتى هناك بعض الجهات التى حاولت أن توحى بأن الخلاف بسبب مصر وأن الدول الثلاث تحاول إجبار قطر على مساندة الوضع فى مصر، والأمر ليس كذلك، قطر لديها سياستها الخارجية وحرة فى طريقة تعاملها مع مصر، والخلاف الحقيقى خلاف خليجى داخلى مرتبط بالأمن القومى لتلك الدول واستقرارها ودعم قطر لمجموعات موجودة فى قطر تؤثر على أمن واستقرار هذه الدول، والخلافات موجودة فى أى تكتل إقليمى، ولكن الخلافات كانت تحل فى إطار خليجى وهذه المرة قطر لم تتجاوب بعد أن وعدت بأنها ستتجاوب وأخلت بالوعد ما جعل الدول الخليجية ترى أن الأمر بحاجة إلى قرار، ونحن دول نعمل بشكل مستمر على التنمية والاستقرار، ومن غير المقبول أن تأتى أى جهة خارجية وتؤثر على هذه الدول أو تخلق قلقاً داخلها.