الحب كلمة تُقال كل يوم وكل دقيقة وكل لحظة.. فما هو الحب؟؛ ما هذا الساحر الأسطوري الذي يستطيع أن يغير حياتنا في لحظة؛ وقد يكون حلا لكل مشاكلنا أو عقبة تسبب لنا الألم.. فما هو تفسيره وكيف يحدث؟. يقول د.أحمد عكاشة في تعريف الحب: "هو التكامل وليس التوافق، فقد يكون التكامل في الإختلاف الوجداني والفكري بين الطرفين، والإحساس المستمر بالراحة في وجود الطرف الآخر، والقدرة على التغاضي عن أخطاء الغير، والحب يحتاج للرعاية مثل النبات الذي يحتاج إلى الماء والهواء والشمس، ولكى يترعرع الحب يجب أن يكون فى مجتمع تشمله المحبة، والمناخ الحالي القائم على الماديات يخنق الحب ويمنعه ضروريات الحياة". ولكن كيف يحدث الحب؟ كيف يحدث فجأة وكيف نشعر بتلك المشاعر دون سابق إنذار، وما السبب فى الإحساس بخفقان القلب بشدة؛ إن أحاسيس الأيام، والأسابيع والأشهر الأولى من الوقوع في الحب لا تنسى؛ تشعرون أنكم أكثر نشاطا وحيوية، وأكثر سعادة، والعالم يبدو فجأة أكثر إشراقا، والناس أكثر لطفا وبشكل عام –تشعرون بأن ليس على الأرض ما يستحق الحياة وبأنكم لا تفهمون..لماذا يتذمر الناس وتراهم يخيم العبوس على وجوههم. في هذه الفترة، في الغالب، عندما تنظرون إلى المرآة فإنكم تحبون أنفسكم وتصحبون أكثر جمالا وإشراقا، وتلاحظون لمعان عيونكم وصفاء بشرتكم وكأنه سحر.. بالفعل هذا هو سحر الحب، وذلك لدرجة أن بعض الناس في فترة الوقوع في الحب يتنازلون عن بدائل الرضا الأخرى؛ شرب الكحول، والتدخين، وتعاطي المخدرات، ويخفضون من وزنهم بل ويستغنون عن مشاهدة التلفاز بكثرة. ولكن من الغريب أن نجد كثرة حالات الطلاق فى مختلف المجتمعات والأغرب أن تلك الزيجات كانت بعد قصة حب كبيرة فكيف ينتهي الحب فجأة؟، ولماذا ينتهي؟. نجد أن أى علاقة حب مثالية تمر بثلاثة مراحل : المرحلة الأولى (الإنبهار والإعجاب): إنها مرحلة الدوبامين.. في هذه المرحلة تكون القصة في بدايتها.. لم يلبث سهم الحب أن ينغرس في القلبين، خلال هذه المرحلة يفرز الدماغ كميات كبيرة من هرمون الوبامين الذي يخلق شعورا جيدا وهو المسؤل عن نظرتنا المتفائلة للحياة، والتى تغمرنا بشكل مفاجئ، كما أنها تزيد من تسارع دقات القلب، والحيوية بشكل عام، والشعور بالخوف من فقدان الحبيب، والقلق والضعف تجاهه، وإحمرار في الوجه، والسعادة الغامرة التي يٌشعر بها بقرب الحبيب حتى لكأنه يحلق في الفضاء، وكلها أعراض مفهومة للتغيرات الكيميائية التي تحدث في الجسم. تتميز هذه المرحة بالتالي: ترى الشخص الذي تحبه وكأنه (كامل) ولا نقص فيه؛ يبدو ظريفا وخفيف الظل، وتكون سعيدا وأنت معه، وتشعر أنه مختلف عن كل من قابلتهم في حياتك.. باختصار: ستشعر أنه (كامل). وقال علماء النفس أن هذه المرحلة يمكن أن تستمر من أربعة شهور إلى سنتين. المرحلة الثانية (الاكتشاف): هي مرحلة أن يتعرف كل منهما على الآخر.. بمرور الوقت ستكتشف أن هذا الشخص الذي تحبه ليس كاملا كما كنت تظن.. هناك عيوب هنا وهناك وأشياء لم تكن تعرفها.. بل أشياء تضايقك فعلا، وهذا طبيعي تماما حين تجد أن هذا يحدث في علاقتك الجادة فأعلم أنك تسير في الطريق الصحيح. ففي هذه المرحلة تختفي الصورة المزيفة التي كنت تراها في مرحلة الإنبهار، وسترى الشخص على طبيعته، وفي هذا الوقت يمكنك أن تقرر -بعد أن ترى العيوب والبلاوي- إن كنت ستكمل أم تهرب. وبالرغم من أن العقل هو الذي يتحكم في المشاعر إلا أن الجزء المسؤول عن كيمياء المشاعر يعمل بعيدا عن الجزء المسؤول عن التفكير المنطقي والتحليلي، ولذلك لا يمكن قياس المشاعر بالمنطق ولا يخضع المحبين لحسابات المنطق. المرحلة الثالثة: مرحلة التعايش وهي مرحلة الأوكسيتوسين، ففى العلاقات طويلة الأمد.. الدوبامين ليس كافيا لاستمرار الحب.. هو أعطاك الانجذاب، لكنه ليست ضمانا لاستمرار العلاقة. أما في الزواج فالموضوع يختلف. وفي دراسة مثيرة في جامعة كاليفورنيا، وجدوا أن الأزواج الذين يتميزون بعلاقة زوجية طيبة، لوحظ ارتفاع نسبة هرمون الأوكسيتوسين oxytocin في أجسادهم.. إنها مادة مختلفة تماما عن الأولى. وهى هرمون لتقوية أواصر العلاقة بين المحبين ويدعم الشعور بالثقة فيما بينهم وكذلك يفرز أثناء الرضاعة ويزيد الروابط بين الأم والرضيع، وذلك يعني ببساطة، أن كيمياء الحب (بأشواقه ولوعته) مختلفة عن كيمياء الزواج ( العلاقات المستمرة طويلة الأمد). في هذه المرحلة من مراحل الحب يصل الطرفان إلى معرفة كاملة بعيوب بعضهما البعض.. يعرفون ما هي العيوب و يتكيفون معها و يستطيعون التعايش معها وتعد هذه المرحلة هي أصعب المراحل في العلاقات.. لأنها تتضمن الوسيلة لحل الخلافات التي تنشب –حتما– بين الطرفين، و كيفية تعامل كل منهما مع عيوب الآخر. هذه المرحلة إن تجاوزها الطرفان بنجاح, تعني أقصى درجات الحب التي من الممكن أن تصل إليها العلاقة لأن الحب في مرحلة الإنبهار طبيعي، لأنك لا ترى عيوبا .. لكن وصولك إلى مرحلة التعايش فهذا يعني أنك عرفت شخصا و أدركت عيوبه و ظللت مصرا على الحياة معه رغم كل شيء..هذا هو الحب. وفي حالات الإنفصال في أوج العلاقة يعاني المنفصلين حالات مشابهة تماما لأعراض إنسحاب المواد المخدرة، ويمرون بمرحلة من العذاب والألم والإكتئاب. فالعلاقة الناجحة هي العلاقة التي تحافظ على اتزانها في جميع هذه المراحل. وبعد أن نصل لمرحلة التعايش.. لا بأس من أن نستحث مرحلة الإنبهار من حين لآخر.. نزور ذات الأماكن التي كنا فيها في بداية تعارفنا .. كلمة رقيقة.. لمسة حانية .. هدية بسيطة..هذه هي العلاقة المثالية .. و ليست مرحلة الانبهار فقط كما توهمك الدراما.. الحب هو علاقة تبادلية فكل ما يفعله طرف لآخر من حنان ورعاية يرتد إليه مضاعفا إن كان الطرف الآخر يبادله مشاعر الحب وهذا إلى ما لانهاية فعندما نفيض بعواطفنا على من نحب تعود إلينا مزدوجة مع عواطف المحبوب ، ثم هكذا دواليك. وكانك تنظر بمرايا متقابلة ترتد إليك الصورة إلى ما نهاية .. واخيرا الحب هو التجارة الوحيدة التى تزدهر بالإسراف والتبذير لذلك أعطه للآخرين وافرغ جيوبك منه فستجد إنها مازالت ملأى أطرحه هنا وهناك .. وستصحو وتجد نفسك قد امتلأت حبا أكثر فالحب هبة تكبر كلما انفقت منها.