هل هناك غياب للضمير تجاه ما يحدث فى حق هذه الأمة؟ هل الفساد، والاستبداد، والقهر، الذى مورس طوال أكثر من ثلاثين عاماً على هذه الأمة قد طبع على الضمائر تبلداً فى المشاعر واللامبالاة.. هل تزوير البرلمان طوال هذه المدة كان السبب فى شيوع تقنين الباطل، وتشريع الفساد ومساندة الظلم و«منهجة» التعذيب فى الأقسام، والسجون، وترسيخ مبادئ التزوير فى الانتخابات وتلفيق القضايا.. هل ترك اختيار أعضاء المجالس المحلية عن طريق أجهزة الأمن، والمحافظ، ورئيس المدينة، ورئيس الحى، ورئيس القرية رسخ الإحباط فى تقدم الشرفاء الصفوف وانتزع الأمل من هذه الأمة وقضى على أى أمل فى وجود الأفضل بعد اختيار مجالس محلية تطبل وتصفق.. هل صمت النظام فى ذاك الوقت عن تهريب الأموال وثروات البلاد وتسهيل بيع مقومات الوطن من خلال أكبر جريمة فى التاريخ كان سبباً فى حالة اللامبالاة... هل إشراف النظام ومؤسساته عن تهريب المتهمين فى تهريب أموال القروض، مثل علية العيوطى.. وقتلة البشر، مثل ممدوح إسماعيل الذى استورد عبارة خردة من إيطاليا، وشحن فيها أكثر من ألف وخمسمائة مصرى لتلقى بهم فى أعماق البحار دون استجابة لاستغاثاتهم أو تحرك أى مؤسسة، لأن سعادة البيه نائم ولا يجوز إيقاظه، لأن قلوب الجميع أشد وأقسى من الحجر.. هل ماتت الضمائر وهى ترى الجوعى يهيمون فى الشوارع، ويبحثون مع أول بزوغ لنور الفجر عن كسرة خبز فى صناديق القمامة.. هل نامت الضمائر عن أنين مرضى ينزفون ألماً من أمراض السرطان والكبد والقلب والكلى على أرصفة المستشفيات دون نظرة من مسئول.. هل غياب الضمائر كان السبب فى دخول الأغذية الفاسدة والمبيدات المسرطنة إلى البلاد لتتوطن فى جسد المريض المصرى.. هل طوابير النفاق وحملة المباخر من كتاب، ونواب، وأدباء، وشعراء بلاط السلطة كانت سبباً فى حالة خمول الضمير المصرى ويأسه من الإصلاح.. لنضع الجميع أمام مسئوليته تجاه هذا الوطن وأمته.. لتحريك وتنشيط وإيقاظ ضمائر ربما انتابتها غفلة فى حق هذا الوطن.. فانتشر الفساد فى أركان المجتمع وتوحش، وسيطر الاستبداد على العقول، مستهدفاً القضاء على فكر أمة أضاءت العالم شرقه وغربه.. فساد الظلم، واختفى العدل.. وتصدر المشهد مستبدون ولصوص.. ومتسولو المال المشبوه من الداخل والخارج.. وامتلأت المنظمات والجمعيات المشبوهة بالمال الملوث.. انغلقت جدران الأحزاب على ساستها، رضاءً منهم أو غصباً عنهم، إلا من رحم ربى، فانهارت الخدمات والمرافق فى كل المناطق.. واستغل لصوص البلاد ثرواتها الطبيعية، فزاد الفقر والمرض والبطالة.. وتسرب الإحباط إلى روح الشباب، عصب الأمة ومستقبلها.. فنامت الأعين عن مال وأراضى وثروات العباد والبلاد، وأصبحت هناك طوابير تصفق للمفسدين والمستبدين، راضين بما يتفضل عليهم اللصوص بالفتات.. حتى تخرس ألسنتهم عن أحياء يسكنون القبور.. وأطفال الشوارع.. وأموال مهربة.. وبلطجة.. وتلوث مياه وطعام وهواء.. وفساد وجوع ومرض وبطالة وجهل.. وليسأل كل منا نفسه.. هل نامت ضمائرنا.. ولتكن إجابته بكل صدق وقوة إرادة.. لا، لا ورب الأرض والسماء.. لن تنام ضمائرنا.. ولن ننتظر تمويلاً مشبوهاً خارجياً أو داخلياً حتى ننهض بوطننا.. ولن نرتمى فى أحضان سلطة على حساب أمتنا.. ولن نخضع لروتين الأحزاب وانغلاقها.. ولن نكفر أو نخون بنى وطننا.. ومن هنا استخرنا الله.. وعزمنا على نهضة وطننا، وصون ثرواته ومقوماته فى كل شبر من أرض الوطن.. بعقول وسواعد أبنائه من كل شبر، ومن كل عمر، مقاومين كسل العقل والجسد.. لنوقظ الضمير من خلال حركة ضمير الأمة.. حفاظاً على وطن وأمته.. وبحول الله وقوته سنكون أمام أفضل نموذج عمل وطنى نستهدف منه رضاء الله أولاً، ثم نهضة وطن ويقظة ضمير.. بإذن الله وقوته سنسحق الخمول والكسل، والإحباط، والفساد، والاستبداد، والفقر، والجوع، والمرض بيقظة ضمير الأمة، سنضىء طريق الوطن لشعب لا يعرف لمجده إلا الخلود، حتى إن فارق الروح الجسد، فحياتنا رسالة.. لله، ثم للوطن.