كنت وما زلت ضد أى مظاهرات، تخرج إلى الشوارع والميادين تحت أى مسمى -ثورية كانت أو فئوية- منذ تنحى حسنى مبارك، لأن مثل هذه المظاهرات تضر أكثر ما تفيد، ولأن منظميها ليس لهم هدف ثابت أو محدد، ويبدون أنهم يتظاهرون من أجل مصالح خاصة، ولو عدنا إلى الوراء قليلاً سنجد أن الذين دعوا مثلاً إلى تنظيم ثورة 24 و25 أغسطس الوهمية، أو المظاهرات التى لم يشارك فيها أحد يوم الجمعة الماضى، ضد ما يسمونه «أخونة الدولة» سبق أن دعوا لعشرات المظاهرات ضد ما كانوا يسمونه «حكم العسكر» خلال الشهور الماضية. وإذا امتلك هؤلاء فى الماضى حجة أن المجلس العسكرى وصل إلى الحكم بتفويض الرئيس السابق، ودون إرادة شعبية، فما هى حجتهم ضد جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسى الذى ينتمى إلى حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة، والذى اختلفنا أو اتفقنا معه، فلا خلاف على أنه وصل للحكم عبر أول انتخابات حقيقية فى تاريخ مصر؟. المؤكد أنه لا توجد لديهم حجة، والثابت أن ألف باء الديمقراطية تعطى محمد مرسى حق استكمال مدة رئاسته الأولى كاملة لتنفيذ برنامجه، وتلزم أولئك الذين يتشدقون بالديمقراطية والليبرالية صباح مساء أن يتعاونوا معه على إنقاذ مصر مما هى فيه من هم وغم وتراجع وخراب منذ عشرات السنين بشكل عام، ومنذ مظاهرات 25 يناير2011 بشكل خاص، فليس من حق أحد أبداً أن يتظاهر ضد رئيس استلم السلطة منذ 63 يوماً فقط، وسعى خلالها لفعل الكثير، رغم ما تعرض له من معوقات متعمدة سواء من الحكومة السابقة أو من المجلس العسكرى. وأتصور أن جماعة الإخوان استفادت كثيراً من الفشل الكبير ل«ثورة محمد أبوحامد» الوهمية، الذى لا أعلم من صور له أنه زعيم الأمة أو يمثلها حقاً، كما استفادت من مظاهرات كمال خليل أحد قادة التيار الذى سبق وخرج من بين أعضائه من يدعو لإسقاط الجيش، لذلك أصبح على من يدعو للمزيد من هذه التظاهرات أن يفكر كثيراً، لأن الناس حقاً «قرفت» منهم، ومن الفوضى التى يسعون إليها، فنحن لم نعد بحاجة لمظاهراتهم، ورغم أننى من المؤيدين لحل الجماعة والاكتفاء بالحزب، إلا أن معظم الناس لا يعنيهم ذلك، بل إن هناك قطاعات كبيرة منهم تستفيد من وجود الجماعة، واستمرارها فى ممارسة نشاطها الدعوى والاجتماعى، فما زال الملايين يحتاجون إلى سكر وأرز ولحوم الإخوان، وعلى من يتضرر، إما أن يفعل مثلما تفعل الجماعة أو يصمت. كما أن على القوى المدنية بدلاً من أن تتفنن فى تنظيم مظاهرات لا طائل منها إلا إنفاق آلاف الجنيهات، وخدمة البلطجية، والظهور أمام المواطنين فى مظهر المعوق لنهضة الوطن، ومصالح الناس، أن توفر أموالها، وجهدها وتسعى للتوحد فيما بينها لعل وعسى تستطيع مواجهة التيار الإسلامى فى الانتخابات القادمة، وتحقق الأغلبية التى تحلم بها، ووقتها أتمنى ألا تخرج مظاهرات ضدها ترفض «علمنة الدولة»، ونستمر فى نفس الدائرة التى لا تفيد أحداً، وإنما تضر الجميع.