أكد عدد من قيادات القطاع المصرفى أهمية العمل على بناء استراتيجية للتنمية الاقتصادية المستدامة خلال الفترة المقبلة بمشاركة جميع الجهات الحكومية، لافتين إلى أن تحقيق الاستدامة له أبعاد اقتصادية واجتماعية وبيئية. وأشاروا، خلال مؤتمر للمعهد المصرفى حول «التنمية المستدامة»، إلى أن أرباح البنوك مهددة بالتراجع خلال الفترة المقبلة وعليها البحث لتمويل المشروعات التى تضع فى أولوياتها التنمية المستدامة، ومنها المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فيما كشف البنك المركزى عن سعيه لإعداد مشروع قانون لتمويل المشروعات متناهية الصغر، إلى جانب تطوير القواعد المنظمة للتمويل العقارى والتأجير التمويلى، وطرح مبادرة جديدة لتنشيط إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة. من جانبها، قالت الدكتورة منى البرادعى، المديرة التنفيذية للمعهد المصرفى المصرى: إن مفهوم التنمية المستدامة داخل القطاع المصرفى يتحقق بتبنيه استراتيجية طويلة الأجل لتنفيذ مشروعات ضخمة، لافتة إلى أن «الاستدامة» تمثل عنصراً ضرورياً لخلق بيئة تنافسية بين البنوك فى تنفيذ مشروعات التنمية. وأوضحت أن مفهوم التنمية المستدامة بوجه عام ظهر منذ أكثر من عقدين فى تقرير «بروتلاند»، على أنها تسهم فى توفير الاحتياجات الأساسية للأجيال الحالية وبما لا يمس الأجيال القادمة، وترتكز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة. وتابعت: «تمويل التنمية المستدامة يتطلب من القطاع المصرفى العمل على خلق الفرص بدلاً من تجنب المخاطر، ويتمثل دورها الأساسى فى تمويل المشروعات بما يكفل تحقيق المصلحة لكل الأطراف، سواء المودعون أو المقترضون والاقتصاد ككل دون الإضرار بالبيئة المحيطة». وقالت: إن منظمات دولية وضعت معايير لتقييم أداء البنوك والعمليات الأكثر استدامة فى الأسواق الناشئة وفقاً لعدة معايير تتضمن الاهتمام باحتياجات الأفراد عبر خدمات مصرفية مناسبة، وتمويل مشاريع تضع الاستدامة فى نطاق أولوياتها، إلى جانب تطبيق البنوك لسياسات طويلة الأجل تعزز قدرتها على التصدى للأزمات الخارجية وتأكيد مبادئ الشفافية. وأشارت إلى أن تلك التوجهات تعود على البنوك بتخفيض المخاطر التشغيلية وتحقيق أرباح غير مباشرة ورفع قيمة العلامة التجارية وخلق فرص واعدة لتنمية أعمالها، مؤكدة أن القطاع المصرفى ساند الاقتصاد فى أصعب ظروف مرت بها مصر، وهو مُطالب بمزيد من التطوير والإصلاح وتبنى مبادئ الاستدامة للمساهمة فى تحقيق نمو طويل الأجل خلال الفترة المقبلة. جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى المصرى، قال: إن أرباح البنوك مهددة بالتراجع خلال الفترة المقبلة مقارنة بما حققته خلال السنوات الثلاث الماضية من أرباح نتيجة ارتفاعات سعر الفائدة على أدوات الدين الحكومية كأذون الخزانة والسندات، وهو ما يدفعها نحو تمويل «التنمية المستدامة» بالبحث عن قطاعات جديدة لتحقيق النمو والربحية من خلال تطبيق مفاهيم تلك التنمية، خاصة أن معدلات قروض الشركات لا تزال منخفضة ويجب رفعها إلى طاقتها القصوى. وأشار نائب محافظ البنك المركزى إلى أن قطاعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر إلى جانب قطاعات أخرى تعتبر فرصة البنوك لتحقيق الاستدامة والنمو، كما أنها تنعكس إيجابياً على أرباحها فى المستقبل، مشدداً على أهمية إتاحة التمويل لها بأسعار فائدة مخفضة. وأوضح أن مفهوم الاستدامة المصرفية يكفل للبنوك تحقيق أهدافها مع تنمية المجتمع ويحقق الشمول المالى، وهو ما يلعب دوراً قوياً فى تحسين معدلات النمو الاقتصادى، إلى جانب الحفاظ على سلامة القطاع المصرفى، وذلك من خلال إتاحة الخدمات المصرفية لأكبر عدد من المتعاملين الجدد. وأكد نائب محافظ البنك المركزى أهمية الدور الذى تلعبه شركات الاستعلام الائتمانى فى تخفيض المخاطر وتكلفتها، لافتاً إلى أنه يجب أن تشمل قروض المؤسسات والجمعيات الأهلية غير الحكومية إلى جانب المشروعات متناهية الصغر. وأضاف أن تنمية تلك القطاعات تتطلب وضع تعريف موحد للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتحفيز المشروعات غير الرسمية للدخول فى منظومة الاقتصاد الرسمى، وهو ما يحتاج إلى استراتيجية متكاملة من الدولة؛ فهو ليس قرار البنك المركزى وحده، مؤكداً أهمية وضع خطة تنمية مستدامة على مستوى الاقتصاد الوطنى بالكامل بمشاركة جميع الجهات الحكومية والعناصر ذات الصلة. وقال: نتعاون حالياً مع الهيئة العامة للرقابة المالية على إعداد مشروع قانون التمويل متناهى الصغر، إلى جانب تطوير القواعد المنظمة للتمويل العقارى والتأجير التمويلى، ونسعى للانتهاء من مبادرة جديدة لتنشيط إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وأضاف أن المبادرة الجديدة تركز على محورين أساسيين، يتعلق الأول بتأمين مخاطر الائتمان، والثانى بتصنيف المخاطر لتدعيم البنوك. وأشار إلى أن مبادرة التمويل العقارى، التى أطلقها البنك المركزى مؤخراً، ستنشط القطاع العقارى ككل وتدعم نمو الاقتصاد، مشيراً إلى أن التمويل العقارى المتاح حالياً يمثل 0٫5% من قروض البنوك العاملة فى السوق المحلية. علا الخواجة، المدير العام لإدارة البحوث بالمعهد المصرفى المصرى، قالت خلال المؤتمر السنوى السادس: إن التنمية المستدامة داخل البنوك تسهم فى تقليل المخاطر الائتمانية وحمايتها من التعثر والإفلاس والتداعيات المالية العالمية السلبية.