فى قرية صغيرة من قرى اليابان، عاش الطفل «يوكو» مع عائلته وجده الذى يحبه كثيراً ويتعلم منه كل شىء.. كان ل«يوكو» جار يصطاد الحيتان ويبيعها ويكسب الكثير من المال.. بينما والده، حفاظاً على الحيتان، يصطاد الأسماك رغم ربحها الأقل.. كان «يوكو» دائم السؤال لجده: لماذا يصطاد جارنا الحيتان؟ يرد جده بابتسامة قائلاً: لكل شخص تفكيره يا «يوكو»، أنت تحب كل الكائنات وتشعر بارتباطك بها: الزهور، الفراشات والطيور، الحيوانات، وحتى كائنات البحر التى لم ترَها. وهناك من البشر من يعتقد أن كل الكائنات خُلقت لخدمته وكأنها لا تشعر ولا تستحق الحياة. ذات يوم ذهب «يوكو» لجاره يسأله: لماذا تصطاد الحيتان؟ نظر إليه الجار بغضب وقال: وما شأنك أنت؟ اسأل البحر.. انطلق «يوكو» حتى وصل عند البحر الذى يحبه.. وقف أمامه وسأل موجة داعبت أقدامه: لماذا يصطاد جارنا الحيتان؟ بكت الموجة.. وتساقطت دموعها على أقدام «يوكو»، قائلة فى حزن: لأنه لا يشعر بالبحر ولا بأبنائه.. بعد يومين ذهب «يوكو» يتنزه عند شاطئ البحر، فوجد حوتاً قذفه موج البحر إلى الشاطئ، فتعلق بين الصخور بعد انحسار الماء.. كان ذيل الحوت ينتفض لدفع جسمه، أو سحبه بين الصخور، لكن دون جدوى.. حزن «يوكو» لأجل الحوت، لكن حزنه لم يمنعه أن يفكر ويجد حلاً ينقذ به الحوت؛ فهو يعرف أن الحوت كالأسماك، لا يعيش طويلاً خارج الماء، اقترب منه «يوكو»، ربت على ظهره قائلاً بحنان: سأساعدك بكل قوتى، لا تخف.. لكن كيف سيساعده؟ فالحوت ضخم مثل التل! ركض «يوكو» نحو الماء، فلاحظ أن ماء البحر يتقدم قليلاً مع كل موجة.. كانت أشعة الشمس الحارة تؤلم رأس «يوكو»، فزادته إصراراً على إنقاذ الحوت وشعر بمدى معاناته.. ملأ دلوه الصغير بالماء، وركض فصب الماء على رأس الحوت، ثم نظر إليه بأسف قائلاً: دلوى صغير جداً يا صديقى، ورأسك كبير جداً.. لكننى لن أتوقف قبل أن أصب على رأسك ألف دلو من الماء، لتخفيف الحرارة عنك.. صب «يوكو» الدلوين الثالث والرابع، لكنه كان يعرف أن عليه أن يصب الماء على كل أنحاء جسم الحوت، وإلا فإن حياته ستنتهى تحت حرارة الشمس، واصل «يوكو» عمله وصب أكثر من دلو على رأس وذيل الحوت، كان يعد فى كل مرة كم دلواً صبّه لكنه من التعب نسى العد.. لكنه مع ذلك لم يتكاسل.. كان جسم الحوت يلقى بظله إلى جانب الصخرة، هناك جلس «يوكو» يستريح وقلبه يدق بسرعة من التعب، كان الحوت ينظر إليه بحب وهو متعب.. واصل «يوكو» ملء الدلو الصغير ليصب الماء على الحوت، تابع العمل حتى شعر بدوار ووقع أرضاً، لكنه شعر بذراعين تحملانه برفق وصوت يقول: لقد عملت بجد يا صغيرى، سنقوم بالعمل عنك.. شعر بيدين حانيتين يعرف لمستهما الساحرة، كانتا يدى جده الحنون. استلقى «يوكو» تحت ظل شجرة كبيرة، ورغم خطوته البطيئة، حمل جده الدلو الكبير واتجه للبحر.. كان «يوكو» قلقاً على جده رغم قلقه على الحوت ورغبته فى إنقاذه.. لكنه سمع أصواتاً كثيرة آتية من بعيد.. كان والده ومعه عدد كبير من رجال القرية يحمل كل منهم دلواً ويتجه للبحر.. خلع كل منهم سترته وبللها بالماء وغطى بها جسم الحوت لتخفف عنه حرارة الشمس. ظل ماء البحر يتقدم مع تقدم المد.. حتى غطى ذيل الحوت، فرح «يوكو»؛ إذ شعر أن الحوت بأمان فهتف قائلاً لوالده: شكراً لك يا والدى. رد والده ضاحكاً: أنت قوى وطيب يا «يوكو»، لكن هناك أشياء تحتاج للتعاون، لا نستطيع مهما بلغت قوتنا وعزيمتنا أن نقوم بها بمفردنا.. بدأ الحوت يتحرك مع كل موجة، ثم جاءت موجة ضخمة، رفعته من بين الصخور، فسبح معها للبحر، وهو يضرب الماء بذيله الكبير. أما «يوكو» فكان مستغرقاً فى حلم جميل وهو نائم بين ذراعى جده.. يشعر بألم فى ذراعيه.. بعد أن ملأ ألف دلو من الماء لينقذ صديقه الحوت.