أصدر مجموعة من المثقفين المصريين بيانًا بعنوان "من أجل ثقافة تليق بمصر" طالبوا فيه بإقالة وزير الثقافة الحالي محمد صابر عرب، واختيار وزير جديد يتناسب مع طبيعة المرحلة الحالية. وشددوا على ضرورة وضع سياسية جديدة للوزارة ترتكز على أسس أكثر وضوحًا وعمقًا وشفافية، وأن تقوم ممارستها على أسس أكثر موضوعية وعدالة في كل أنشطتها الخاصة بالنشر والمنح والجوائز والبعثات ولا تكن قاصرة على "شريحة بعينها". كما طالبوه "بوجود تداول حقيقي للمسؤوليات في المواقع الثقافية المختلفة وضرورة ضخ الدماء الشابة في أوصال العمل الثقافي". وأكد الشاعر سعيد عبدالمقصود، عضو اتحاد كتاب مصر، وأحد ال50 مثقفًا الموقعين على "البيان"، أن "هناك مجموعة كبيرة من الكتّاب من مختلف أنحاء الجمهورية سيجتمعون يوم الخميس المقبل بأتيلية القاهرة، لمناقشة وضع الثقافة المصرية، واتخاذ قرارات محددة لمواجهة الفساد المنتشر داخل ربوع الوزراة "، مؤكدًا ل"الوطن": "أنهم بصدد نشر مجموعة المستندات التي تدين مسؤولين في الوزارة بالفساد". وأبرز الأسماء الموقّعة على البيان حتى الآن الشاعر عاطف عبدالعزيز، والناقد صلاح الراوي، وسعيد شحاتة. وفيما يلي نص البيان الصادر على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".. من أجل ثقافة تليق بمصر... لا يخفى على أحد أَنَّ ما يدور على الأَرض منذ زمن هي حرب ثقافية بامتياز، دارت بين الثقافة الوطنية الديمقراطية وثقافة الفساد والاستبداد التي تحالفت مع ثقافة التبعية والتطبيع تارة، ومع ثقافة التكفير الظلامية تارة أخرى، ولا يخفى على أحد أَنَّ الفشل الذريع الذي مُنيت به الممارسة الثقافية ما قبل يناير 2011 هو المسؤول الأول عما حاق بنا بعد ذلك من هيمنة الجماعة الإرهابية وحلفائها على المشهد السياسي في أَول استحقاقات انتخابية بعد الثورة، واستمرار ما تمثله تلك الجماعات الإرهابية من مخاطر هائلة تحدق ببلادنا حتى الآن، إلى جانب عوامل أخرى بالطبع، منها تفشي الفساد والاستبداد والتبعية.. إلخ، وذلك في الوقت الذي تراجعت فيه الثقافة المصرية عن موقعها القيادي المؤثر عربيًّا ودوليًّا، لتخلي الساحة بالكامل للثقافة الماضوية الصحراوية التكفيرية التي تجرعنا ويلاتها ولا نزال. وبالتبعية فقد أدى هذا الإخفاق إلى تردِّي حال المثقف المصري إلى درجة غير مسبوقة من البؤس والفاقة؛ فضلاً عن تفاقم معاناته تحت وطأةِ محاولات الهيمنة والإقصاء وانعدام الرعاية على كل المستويات طوال الأربعين عامًا الماضية. ولقد تجلت أزمة الثقافة المصرية في غياب رؤية واضحة للسياسات الثقافية، مع هيمنة تكاد تكون شاملة للفوضى والعشوائية في الممارسة، وطغيان شبه تام للمحسوبية والشللية وحسابات المصالح على مشهد الأداء الثقافي المصري في كل المناحي على أرض مصر وخارجها. وعليه.. وبعد موافقة الشعب المصري على دستور جديد للبلاد صدر ليعلي من شأن الحقوق والحريات، وأهمية تفعيل ودعم الثقافة الوطنية، باعتبارها صانعة لوعي المصريين وحاضنة إرثهم الحضاري وممثلة للقوة الناعمة للدولة ورأسمالها الرمزي، نرى أهمية الدعوة إلى إعادة بناء وهيكلة مؤسسات الثقافة المصرية على أسس علمية وديمقراطية بما يعني ضرورة توافر العناصر الثلاثة التي يقوم عليها أي بناء ديمقراطي سليم، وهي: - الشفافية - المساءلة – المحاسبة وهي القيم والعناصر التي نص عليه دستور 2014 بما يضمن تحقيق ما نسعى إليه من استعادة الوجه الجميل المشرق للثقافة المصرية، وكذلك استعادة مكانة مصر الثقافية... وذلك عبر ما يلي: 1- بناء سياسة ثقافية واضحة ومعلنة تقوم على قيم الوطنية المصرية والديمقراطية وقيم الحق والخير والجمال. 2- تفعيل كل الطاقات الإبداعية في كل المجالات على نحو يضمن الاستفادة المثلى من هذه الطاقات، وعلى نحو تسوده الشفافية والعدالة والمساواة. 3- أَنْ يرتكز عمل الوزارة على أسس أكثر وضوحًا وعمقًا وشفافية وأن تقوم ممارستها على أسس أكثر موضوعية وعدالة في كل أنشطتها، ومنها على سبيل المثال: النشر- المنح- الجوائز- الترجمة- البعثات وتمثيل البلاد، حتى لا تنحصر هذه الحقوق في جماعة بعينها. 4- إعلان كل الخطط والبرامج والأنشطة والقائمين عليها. 5- اختيار قيادات الوزارة من عناصر فوق مستوى الشبهات والتي تملك القدرات والمؤهلات بما يحقق العدالة والبعد عن الأَهواء والأغراض الشخصية وحسابات المصالح للقيام بتلك المسؤوليات. 6- ضمان تداول المسؤولية في المواقع الثقافية المختلفة وضخ الدماء الشابة في أوصال العمل الثقافي. 7- الاستفادة بأوراق العمل والأفكار التي قدمت والتي يمكن أن تقدم أو يكلف بها النابهون من المثقفين أصحاب الخبرة العملية والعلمية. 8- إيجاد التكامل والتناغم بين كل أجهزة ومؤسسات وزارة الثقافة، بحيث تعمل جميعًا باعتبارها مكونات لمنظومة وظيفية واحدة متكاملة وليست في جزر منعزلة. 9- إبعاد كل العناصر الفاسدة ومنعدمة الكفاءة من المناصب القيادية بالوزارة. 10- اختيار وزير للثقافة يكون جديرًا بتمثيل ثقافة هذا الشعب العظيم وقيمه الإنسانية والإبداعية. ونعلن نحن مبدعي الثقافة المصرية من فن وأدب وفكر الذين تحملوا تبعات فشل الأنظمة الفاسدة ودفعوا ثمن تراجع الثقافة وتخلف البلاد، أننا من الآن فصاعدًا، لن نتوانى عن القيام بواجبنا الذي يمليه علينا ضميرنا الثقافي الوطني. وهذه هي البداية لدورنا الوطني الطبيعي والطليعي.