أصدرت الكثير من المثقفين المصريين، بيانًا حاد اللهجة، تحت عنوان «من أجل ثقافة تليق بمصر» طالبوا فيه بإقالة وزير الثقافة الحالي محمد صابر عرب، والكثير من قيادات الوزارة، متهمين إياهم بالتقاعس عن أداء واجباتهم وتورطهم في الفساد الهيكلي والإداري والمالي، منتقدين السياسات الثقافية التي أدت إلى تدهور أوضاع الثقافة المصرية، ووجه المثقفون في بيانهم دعوة عامة، للتجمع ومناقشة ما جاء بالبيان، للخروج بموقف جماعي موحد تجاه المؤسسات والسياسات الثقافية في مصر، اليوم- الخميس بأتيلييه القاهرة. وأكد الموقعون على البيان وقد تجاوز عددهم ال80 مثقف، على أنهم تصديهم للفساد بالمؤسسات الثقافية، وتمسكهم بما نص عليه الدستور فيما يخص الثقافة والحريات العامة وحرية الإبداع، مؤكدين أن مصر تواجه حربًا ثقافية بامتياز، في معارك مع ثقافة الاستبداد والثقافة الظلامية التكفيرية. وجاء نص البيان كالتالي: لا يخفى على أحد أَنَّ ما يدور على الأَرض منذ زمن هي حرب ثقافية بامتياز، دارت بين الثقافة الوطنية الديمقراطية وثقافة الفساد والاستبداد التي تحالفت مع ثقافة التبعية والتطبيع تارة, ومع ثقافة التكفير الظلامية تارة أخرى، ولا يخفى على أحد أَنَّ الفشل الذريع الذي مُنيت به الممارسة الثقافية ما قبل يناير 2011 هو المسئول الأول عن ما حاق بنا بعد ذلك من هيمنة الجماعة الإرهابية وحلفائها على المشهد السياسي في أَول استحقاقات انتخابية بعد الثورة، واستمرار ما تمثله تلك الجماعات الإرهابية من مخاطر هائلة تحدق ببلادنا حتى الآن، إلى جانب عوامل أخرى بالطبع, منها تفشي الفساد والاستبداد والتبعية .. إلخ. وذلك في الوقت الذي تراجعت فيه الثقافة المصرية عن موقعها القيادي المؤثر عربيًّا ودوليًّا، لتخلى الساحة بالكامل للثقافة الماضوية التكفيرية التي تجرعنا ويلاتها ولا نزال. وبالتبعية فقد أدى هذا الإخفاق إلى تردِّي حال المثقف المصري إلى درجة غير مسبوقة من البؤس والفاقة؛ فضلا عن تفاقم معاناته تحت وطأةِ محاولات الهيمنة والإقصاء وانعدام الرعاية على كافة المستويات طوال الأربعين عامًا الماضية. ولقد تجلت أزمة الثقافة المصرية في غياب رؤية واضحة للسياسات الثقافية، مع هيمنة تكاد تكون شاملة للفوضى والعشوائية في الممارسة، وطغيان شبه تام للمحسوبية والشللية وحسابات المصالح على مشهد الأداء الثقافي المصري في كافة المناحي على أرض مصر وخارجها. وعليه..وبعد موافقة الشعب المصري على دستور جديد للبلاد صدر ليعلي من شأن الحقوق والحريات، وأهمية تفعيل ودعم الثقافة الوطنية, باعتبارها صانعة لوعي المصريين وحاضنة إرثهم الحضاري وممثلة للقوة الناعمة للدولة ورأسمالها الرمزي، نرى أهمية الدعوة إلى إعادة بناء وهيكلة مؤسسات الثقافة المصرية على أسس علمية وديمقراطية بما يعني ضرورة توافر العناصر الثلاث التي يقوم عليها أي بناء ديمقراطي سليم، وهي:الشفافية، المساءلة، المحاسبة. وهى القيم والعناصر التي نص عليه دستور 2014 بما يضمن تحقيق ما نصبو إليه من استعادة الوجه الجميل المشرق للثقافة المصرية, وكذلك استعادة مكانة مصر الثقافية. وذلك عبر ما يلي: بناء سياسة ثقافية واضحة ومعلنة تقوم على قيم الوطنية المصرية والديمقراطية وقيم الحق والخير والجمال. تفعيل كافة الطاقات الإبداعية في كافة المجالات على نحو يضمن الاستفادة المثلى من هذه الطاقات, وعلى نحو تسوده الشفافية والعدالة والمساواة. أَنْ يرتكز عمل الوزارة على أسس أكثر وضوحًا وعمقًا وشفافية وأن تقوم ممارستها على أسس أكثر موضوعية وعدالة في كل أنشطتها. ومنها – على سبيل المثال:النشر- المنح- الجوائز- الترجمة- البعثات وتمثيل البلاد، حتى لا تنحصر هذه الحقوق في جماعة بعينها. إعلان كافة الخطط والبرامج والأنشطة والقائمين عليها. اختيار قيادات الوزارة من عناصر فوق مستوى الشبهات والتي تملك القدرات والمؤهلات بما يحقق العدالة والبعد عن الأَهواء والأغراض الشخصية وحسابات المصالح للقيام بتلك المسئوليات. ضمان تداول المسئولية في المواقع الثقافية المختلفة وضخ الدماء الشابة في أوصال العمل الثقافي. الاستفادة بأوراق العمل والأفكار التي قدمت والتي يمكن أن تقدم أو يكلف بها النابهون من المثقفين أصحاب الخبرة العملية والعلمية. إيجاد التكامل والتناغم بين كل أجهزة ومؤسسات وزارة الثقافة, بحيث تعمل جميعا باعتبارها مكونات لمنظومة وظيفية واحدة متكاملة وليست في جزر منعزلة. إبعاد كافة العناصر الفاسدة ومنعدمة الكفاءة من المناصب القيادية بالوزارة. اختيار وزير للثقافة يكون جديرًا بتمثيل ثقافة هذا الشعب العظيم وقيمه الإنسانية والإبداعية. ونعلن نحن مبدعي الثقافة المصرية من فن وأدب وفكر الذين تحملوا تبعات فشل الأنظمة الفاسدة ودفعوا ثمن تراجع الثقافة وتخلف البلاد، أننا من الآن فصاعدًا، لن نتوانى عن القيام بواجبنا الذي يمليه علينا ضميرنا الثقافي الوطني.وهذه هي البداية لدورنا الوطني الطبيعي والطليعي.