يظن البعض أن حمدين صباحى ينتحر بترشحه أمام السيسى وهم يغيّبون حقيقة أن الانتخابات أساسها التنافس ومن ثم فمن الصحى أن يكون هناك عدة مرشحين، وإذا كان البعض من المتزلفين أو المطبلاتية يظنون أن صباحى سيكون هدفاً سهلاً لنيرانهم وتجريحاتهم أو أمنجيتهم فلن تكون سوى إعادة إنتاج لمعارك سابقة بدا واضحاً خلال الشهور الماضية أنهم أرادوها صراعاً بين يناير ويونيو، فى رأيى أن حظوظ صباحى لن تتجاوز به ما فعله فى الانتخابات السابقة، غير أنه سيبقى رقماً صعباً فى معادلة الانتخابات بحسابات المصالح وخلفية نتائج الاستفتاء الأخير «عزوف الشباب والحملات المراهقة الفلولية لترشح السيسى والدعم غير المباشر من جماعات الإسلام السياسى»، قد نتفق مع الأستاذ هيكل فى كون السيسى مرشح الضرورة لأنه سيحكم بلداً متراجعاً يواجه حرباً داخلية متمثلة فى الإرهاب وحرباً خارجية تتلخص فى رباعى تركى قطرى سودانى إيرانى، غير أننا نحتاج أيضاً إلى رئيس عادل بدا من اللحظات الأولى أن من حوله مشتاقون إلى دولة الظلم بل ويوزعون غنائم ما بعد يونيو! متغير ترشح حمدين يشرعن انتخابات الرئاسة وسيصنع لها طعماً خاصاً، وقد يحمل الأمر مفاجآت وهو ما ستحدده الأيام القادمة، فالشباب الرافضون لإعادة إنتاج زمن مبارك بكافة صوره وأساليبه وفرعنته يرون فى صباحى اسماً ملائماً وقد يعاقبون أجيال الآباء بالتصويت له فى صناديق الاقتراع مخالفين توجه عام أفسده إعلاميون أمنجية وتسريبات ثأرية ومراهقو سياسة وأدعياء وطنية، فإذا اصطفت كل هذه الأسماء «من غير النبلاء» بجانب حملات ترشح السيسى بالتأكيد ستسحب كثيراً من شعبيته التى تراجعت مؤخراً عند قطاعات بعينها خاصة المثقفين والأوساط الشبابية لأن حملة المباخر يصنعون على قدم وساق فرعوناً جديداً حتى وإن لم يرد السيسى ذلك، فهكذا يفسد الحكام من خلال أفعال هؤلاء الذين يصنعون أجواء ملائمة لرفض شعبى جديد، فهم يسعون إلى جنى الثمار التى لا تذهب مطلقاً إلى الشعب، فشبكات المصالح القديمة والباحثون عن نفوذ زال، يجاهدون حتى يجلسوا على كراسيهم مرة أخرى وهم يأكلون أموال الشعب، لكن هذه المرة باسم ثورة يونيو! السيسى خسر كثيراً بحملات دعمه، فهناك من يحوّله إلى نبى، وآخر يراه فرعوناً، وثالث يريده حاكماً بأمره، هم يصنعون نهاية حلم الزعامة التى أرادها الجماهير دون وسيط، والتى ترجمها السيسى إلى فعل يونيو بكل ما لها فأسقط الظلام بمشاركة جهود وطنية مخلصة من أشخاص بعضهم يقبع خلف السجون لمجرد أنه أرادها حرية خالصة رغم رفضنا القاطع والبات لثورة فى اللادولة التى تعنى السقوط فى الفوضى والتقسيم. يا سيسى نزول حمدين السباق الرئاسى يضعنا أمام العالم فى صورة المتنافسين ويضيف صكاً جديداً لشرعية الجماهير التى ستحاسب الجميع بعد شهور وليس سنين، فالجماهير متعجلة ورسمت بفعل الحملات المبالغ فيها أحلاماً بعضها لا يندرج تحت باب المنطق، ومن ثم فالمصارحة والشفافية هى الطريق، وليكن أولاً الاعتراف بأننا أمام دولة تحتاج إلى معجزة، وقد فات زمن المعجزات، فلدينا واقع وأرقام وشعب ينتظر ومنافقون يريدون مصر لهم فقط!