حتى عيدهم يضطرون للعمل فيه، هذا هو حال الصنايعية والباعة الجائلين وعمال اليومية، ومن تفرض عليهم طبيعة عملهم أو ظروفهم الاقتصادية العمل فى يوم عيد العمال، الذى احتفلت به مصر أمس.. مجدى عبدالوهاب، نقاش، 54 عاماً، بدأ عمله فى أول مايو مبكراً بإحدى الشقق فى المهندسين، يقول: «شغالين اليوم بيومه، ولو قعدنا مش هنلاقى نصرف، لأن مفيش دخل ثابت»، يتابع: «ممكن نشتغل أسبوعين بس فى الشهر، وممكن يوم ويوم، وممكن فى الشتاء نقعد خالص، لأن شغل النقاشة فيه نادر». الظروف تجبر "الصنايعية والباعة الجائلين وعمال اليومية" على العمل.. ومستشفى المعمورة يرفع شعار: عيد يعنى شغل أكثر ويشير «عبدالوهاب» إلى أعباء الحياة المختلفة، التى تدفعه لمساعدة أبنائه المتزوجين: «قاعدين فى شقق إيجار قانون جديد، وساعات يدفعوا وساعات لأ، وبنضطر نساعدهم برضه»، يشاركه الرأى زميله مجدى عبدالعزيز، 63 عاماً، الذى يقول: «الأرزاق كده يوم شغال ويوم لأ، والواحد غصب عنه لازم يجرى ورا أكل عيشه، لأن فيه التزامات»، لافتاً إلى أنه لديه 3 بنات انتهين من تعليمهن، لكن تتبقى أعباء زواجهن المرتقبة. ويقول «نادى فاروق»، 44 عاماً، عامل معمار من أصول صعيدية، متزوج ولديه 3 أبناء: «بالنسبة لظروف شغلى والغلا اللى إحنا فيه، مفيش فرصة نقعد إجازة ونحتفل بالعيد، فاليوم اللى بنقعده بيعجِّز معانا»، لافتاً إلى أن هناك طقماً كاملاً من العمال كان يعمل معه أمس، يضم 4 صنايعية سيراميك ونجارين، وأن أحد النجارين موظف بإحدى المؤسسات الحكومية، ومع ذلك يضطر للعمل أيضاً يوم إجازته الرسمية من هذه المؤسسة لزيادة دخله ومواكبة متطلبات الحياة. لكن رغم ذلك يعتبر «نادى» أن كل يوم يمر عليه بخير وسلام، كأنه يوم عيد. وفى أحد شوارع حى الدقى كان شعبان دياب، عامل نظافة بهيئة محافظة الجيزة، 58 عاماً، يمارس مهمته فى تنظيف الشوارع بهمة، بعد أن اضطرته طبيعة عمله للعمل يوم عيد العمال أيضاً، مشيراً إلى أنه المسئول عن الشارع الذى يعمل به: «لما تكون العمالة قليلة زى أيام الإجازات، لازم أكون موجود، وما ينفعش نسيب الشوارع ونقعد فى البيت». أما كريمة محمد، 30 سنة، التى تعمل فى تنظيف الشقق السكنية، فقد توجهت فى صباح الأول من مايو، من سكنها بمنطقة عزبة النخل، إلى إحدى الشقق السكنية التى تعتاد تنظيفها أسبوعياً بمنطقة التجمع الخامس، تاركة أبناءها الثلاثة بالمنزل بصحبة والدتها بعدما أمَّنت لهم الإفطار اليومى، مصطحبة بعض الأدوات البسيطة التى تعينها على عملها الدائم، الذى تتقاضى عنه 200 جنيه للشقة الواحدة متوسطة المساحة. 9 أبناء أنجبتهم «نحمده. س» من زيجتيها، تتركهم رفقة زوجة أخيها صباح كل يوم فى المنيب، لتذهب إلى المنازل التى اعتادت تنظيفها بمختلف أنحاء القاهرةوالجيزة، فالأم الأربعينية التى تركت زوجها الأول وبلدتها فى المنيا، تعول أبناءها وزوجها العاطل بشكل دائم، عمل يومى بخدمة المنازل وإعداد الأطعمة للسيدات العاملات بمبالغ متوسطة، تسعى الأم الأربعينية للجمع بينهما طوال العام دون تفرقة بين إجازات رسمية أو أوقات عادية، وتقول: «بشتغل طول الوقت، لو قعدت محدش هيصرف على عيالى وجوزى وهنشحت، فالشغل بيرحمنى من كل ده»، مشيرة إلى قدرتها على الخدمة بمنزلين يومياً فقط حفاظاً على صحتها من أجل مواصلة العمل على المدى الطويل. أجرة متقاربة تحصل عليها «نحمده» كسابقتها، لكنها تتزايد فى أوقات المواسم والمناسبات، وتوضح: «باخد 200 جنيه فى الشقة كلها، لكن فى أوقات الزحمة بقول لهم إنتم وذوقكم، وفى الأعياد باخد عيدية وشنطة رمضان فى الشهر الكريم». «عيد العمال يعنى شغل أكثر، نظافة أكثر».. شعار رفعه مستشفى صدر المعمورة التابع لمستشفيات وزارة الصحة بالإسكندرية، بمناسبة احتفالات اليوم العالمى للعمال، للتوعية بمخاطر التغافل عن وجود الجراثيم على الجلد دون استخدام المطهرات الصحية أثناء ممارسة العمل، وطرق مكافحة العدوى، وأهمية غسل الأيدى كأفضل الوسائل لوقف انتشار الجراثيم. الدكتور علاء الدخس، مدير مستشفى صدر المعمورة، قال إن المستشفى يعمل فى يوم عيد العمال بقوة 150 من الأطباء والممرضات ومديرى الأقسام والمعمل وفريق العناية وتمريض الطوارئ وعاملات وعمال النظافة، دون وضع إجازات، وذلك لاستقبال المرضى بالتحديد الحالات الحرجة، والذين يعانون من حساسية الصدر والجلد الذين تلتهب جلودهم من أنواع معينة من الحساسية نتيجة ترك الأيدى والجلد دون غسيل، ما يؤثر على سلامتهم الصحية، بجانب تنويه عمال النظافة بالمستشفى على اتباع وسائل طرق مكافحة العدوى وتثقيفهم. وأضاف «الدخس»، فى تصريحات ل«الوطن»، أنه وفق ورديات عمال النظافة بالمستشفى للعمل على تلك الفكرة، وجعلها نموذجاً يحتذى به ضمن أشكال الاحتفالات المختلفة باليوم العالمى للعمال، موضحاً أنه تم توجيههم حول الطرق الفعالة لغسل الأيدى بالماء والصابون.