افتتاح قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي بحضور هنو ومبارك وعمار وعبدالغفار وسعده    لا تهجير.. لا تصفية.. لا مساس بسيناء| مصر تنتفض ضد أوهام «إسرائيل الكبرى»    محمد سعيد يكتب: صفقة ألاسكا    أحمد هاشم يكتب: وهم إسرائيل الكبرى    سيد ياسين: المصري قادر على المنافسة على لقب الدوري    الأهلي يتعامل بحذر مع إمام عاشور «كنز مصر»    شريف الخشاب: الأداء في الدوري لا يزال عشوائيًا    رياضة ½ الليل| مناشدة زملكاوية.. عدوانية رابيو.. اجتماع مهم لليد.. وأزمة أرض أكتوبر    شوقي حامد يكتب: شباب يفرح    كمال الدين رضا يكتب: الإنذارات والكروت الحمراء    جريمة غامضة.. زوج يطلق النار على زوجته لاعبة الجودو لأسباب مجهولة    اعترافات المتهمة بحريق مستشفى حلوان| شروق: «أنا اللي حرقت قسم العناية المركزة»!    ضبط مكان لذبح الحيوانات بمدينة منوف بالمنوفية غير صالحة للاستهلاك الادمى    إحالة بدرية طلبة إلى مجلس تأديب بقرار من نقابة المهن التمثيلية    لميس الحديدي: ظهوري على شاشة النهار تأخر 14 عامًا    صلاح دندش يكتب : تخاريف    عصام عطية يكتب: الأوبرا بلا رؤية!    شحاتة سلامة يكتب: ولادي وولاد الذوات    تنظيم الاتصالات: بدء فصل الخدمة عن الهواتف المستخدمة في المكالمات الترويجية الأحد    دياب اللوح: الموقف المصرى من القضية الفلسطينية محورى وثابت ومركزى    انقذته وجبة الإفطار.. مأساة أب ودّع أسرته تحت أنقاض عقار الزقازيق (صور)    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب بطريق أسيوط - الفرافرة    الإمارات تخلي 155 مصابًا ومريضًا من غزة برفقة ذويهم    حماة الوطن بالقاهرة: لدينا القدرة للمنافسة على جميع المقاعد وكوادرنا مؤهلة    يلا كورة يوضح.. أسباب غياب 8 لاعبين عن قائمة الزمالك أمام مودرن سبورت    كرة سلة - سقوط الكبار.. خروج كوت ديفوار ونيجيريا من ربع النهائي أمام ثنائي مجموعة مصر    حدث ليلًا| أسعار عمرة أغسطس 2026 وموجة حارة جديدة بهذا الموعد    وسط تفاعل كبير من الجمهور.. علم فلسطين يرفرف فى سماء مهرجان محكى القلعة.. صور    وائل كفوري يحتفل بمولودته الجديدة    بسعة 350 سريرًا وتكلفة 2.175 مليارجنيه.. وزير الصحة يتفقد مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي بالعاصمة الإدارية (صور )    قوات الاحتلال تبدأ عملية "عربات جدعون 2" للسيطرة على غزة والمقاومة تهاجم موقعا للجيش الصهيوني    اعتماد 7 مدارس ثانوية فنية للتمريض بمحافظة الإسكندرية    شروط الالتحاق بأقسام آداب القاهرة للطلاب المستجدين 2025 (انتساب موجه)    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    ضمن جهوده المجتمعية .. حزب حماة الوطن ينظم رحلات عمرة مجانية    المنشاوي يهنئ طلاب جامعة أسيوط بحصد 9 جوائز في مهرجان الطرب للموسيقى والغناء    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    محافظ الغربية: ملف المخلفات على رأس أولويات تحسين جودة الحياة للمواطنين    بينها فساتين قصيرة وجريئة.. ياسمين رئيس تنشر فيديو لإطلالات مختلفة لها بالصيف    في يومه العالمي- متى تسبب لدغات البعوض الوفاة؟    إيران تدرس إرسال وفد إلى فيينا لاستئناف المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    الأوقاف تعقد 681 ندوة بعنوان "حفظ الجوارح عن المعاصى والمخالفات"    البيئة تناقش آليات تعزيز صمود المجتمعات الريفية أمام التغيرات المناخية بقنا    طقس غد.. حار بأغلب الأنحاء ونشاط رياح واضطراب الملاحة والعظمى بالقاهرة 35    مدبولي لقادة الدول: حان الوقت لاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لردع العدوان الإسرائيلي والاعتراف بالدولة الفلسطينية    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    تحرير 7 محاضر لمحلات جزارة ودواجن بمدينة مرسى مطروح    محافظ الإسماعيلية يتفقد عددا من القطاعات الخدمية ويستمع للمواطنين بمركز أمراض الكلى    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    تحرك عاجل من "سلامة الغذاء" بشأن شكوى مواطن من مطعم بالبحيرة    ضبط المتهمين بالتنقيب عن الآثار داخل عقار بالخليفة    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الأربعاء 20 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    انطلاق ملتقى الشباب العربي الياباني في الجامعة العربية    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدل الحاكم وإقامة العدالة عليه
نشر في الوطن يوم 05 - 02 - 2014

العدل اسم من أسماء الله تعالى، وصفة من صفاته سبحانه. وهو شرع الله فى خلقه -مسلمين أو غير مسلمين- شاءوا أم أبوا؛ لأن الله حرم الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرماً، فيما أخرجه مسلم عن أبى ذر عن النبى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة قال: «يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا». وقد أرسل الله تعالى رسله وأنزل كتبه برسالات سماوية تدعو الإنسان إلى خيرى الدنيا والآخرة بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم تلزمهم قسراً بشىء فى الدنيا إلا بإقامة العدل بين المتخاصمين أو المتنازعين، فقال سبحانه: «لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ» (الحديد: 25). كما أمر القرآن الكريم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبلغ رسالته للناس بطريق الدعوة السلمية والقدوة الحسنة دون إكراه أو إجبار إلا فى شىء واحد فقط هو إقامة العدل فى الحكم. أما فى غير هذا العدل من سائر أمور الدين فحسابها يوم القيامة؛ كما قال جل شأنه: «فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ * وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ * وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ * وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ * وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ * اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ * لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ * لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ * اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا * وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ» (الشورى: 15).
والعدل فى القضاء أو الحكم صناعة إنسانية يمكن الوصول إليها بالفطرة المخلوقة وليست نتاجاً إسلامياً أو حكراً على المسلمين؛ لقوله سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ» (المائد 106). فبحث الموصى عن شهود من ذوى العدل يكون من المسلمين أو من غيرهم، وهذا يدل على أن صفة العدل صفة إنسانية متأصلة فى صاحبها بمروءته الذاتية لا الدينية. ويؤكد هذا ما أخرجه البخارى عن أبى هريرة، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الناس معادن خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا»، وأخرج ابن هشام فى «سيرته» عن ابن اسحاق أنه لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانه من الله تعالى ومن عمه أبى طالب، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء قال لهم: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد». ولم يكن هذا الملك الحبشى مسلما، ومع ذلك فقد شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالعدل. كما يؤكد المعنى الإنسانى فى صفة العدل أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل معياره إنسانيا فيما أخرجه الشيخان عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، وفى رواية لأحمد وابن حبان بلفظ: «حتى يحب للناس ما يحب لنفسه».
وإنما جعل الله العدل صفة إنسانية مجبولة فى الفطرة المخلوقة؛ حتى يقيم نفسه حاكما بين كل الناس سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين بأصل خلقتهم، فهو رب كل الناس ورازقهم. وبذلك يصدق الخبر فى قوله سبحانه: «إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ» (الأنعام: 57- يوسف: 40، 67). وإذا قلنا إن العدل صفة إسلامية، فهذا يعنى أن غير المسلمين لا يعرفون العدل ويتحاكمون فيما بينهم إلى الظلم. وهذا غير صحيح عقلا وشرعا. أما عقلا فإن المنصفين يرون أكثر غير المسلمين فى دولهم يعيشون فى عدل مجتمعى وأمان يحسدهم عليه كثير من المسلمين، كما أن المنصفين يرون كثيرا من المسلمين يعيشون فى بلادهم مظلومين. وأما شرعا فإن القرآن الكريم قد نص على بقاء الدول أو القرى المُصلحة وهى العادلة ولو كان أهلها غير مسلمين، فقال سبحانه: «وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ» (هود: 117). كما أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر برد الظالم ولو كان قريبا مسلما، فأخرج البخارى عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما». قالوا: هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: «تأخذ فوق يديه».
وتقع مسئولية إقامة العدل بين الناس على حكامهم وقضاتهم فى المرتبة الأولى، فإذا لم يتحقق كان على العامة أن ينتزعوا حقهم فيه؛ لأن الحياة لا تستقيم إلا به، فليس لهم خيار سواه. ولعل هذا هو السر فى كثرة النصوص القرآنية والنبوية الآمرة به على وجه الحتم، والمحذرة من البعد عنه، والمرغبة فى القرب منه. ومن ذلك قوله تعالى: «كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ» (النساء: 135)، وقوله تعالى: «كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ * وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا * اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ» (المائدة: 8). وأخرج مسلم عن معقل بن يسار أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة»، وأخرج الشيخان عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الإمام راع ومسئول عن رعيته»، وأخرج البخارى عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر من السبعة الذين يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله: «إمام عادل».
وأفضل تفسير لإقامة العدل بين الناس هو فيما أخرجه ابن حبان فى «سيرته» عن أبى بكر الصديق فى خطبته يوم توليته قال: «إن أحسنت فأعينونى، وأن أسأت فقومونى. الصدق أمانة والكذب خيانة. والضعيف فيكم قوى عندى حتى أريح عليه حقه إن شاء الله. والقوى فيكم ضعيف عندى حتى آخذ الحق منه إن شاء الله».
وأفضل تطبيق لإقامة العدل هو ما يبدأ بالإنصاف من النفس، حتى ولو كان الظاهر معها. فقد أخرج مسلم عن أم سلمة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم تختصمون إلىَّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضى له على نحو ما أسمع. فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار».
وأخرج الطبرانى عن الفضل بن عباس، قال: جاءنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت إليه فوجدته موعوكا قد عصب رأسه، فقال: «خذ بيدى يا فضل»، فأخذت بيده حتى انتهى إلى المنبر. فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «يا أيها الناس إنه قد دنى منى حقوق من بين أظهركم. فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهرى فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضى فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالى فليستقد منه. ولا يقولن رجل إنى أخشى الشحناء من قبل رسول الله. ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتى ولا من شأنى. ألا وإن أحبكم إلىَّ من أخذ حقا إن كان، أو حللنى فلقيت الله وأنا طيب النفس. ثم قال: أيها الناس من كان عنده شىء فليرده ولا يقول فضوح الدنيا. ألا وإن فضوح الدنيا خير من فضوح الآخرة».
إننا إن تندرنا على عدالة الحكام فلا عذر لنا فى إقامة العدل عليهم. وكل التهنئة للقضاء المصرى الذى امتثل قول أبى بكر الصديق «القوى فيكم ضعيف عندى حتى آخذ الحق منه». وكل الأسف على من خدع المصريين بالأمس باسم الإسلام ثم يتكبر اليوم على عدله وعدالتهم.
إلى أولئك المتكبرين على حكم العدل أو جهة العدالة هذا التحذير النبوى الذى أخرجه مسلم عن ابن مسعود، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر». قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمط الناس».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.