مبادرة بداية.. نشاط مكثف لمديريات العمل ب10 محافظات    ارتفاع أسعار الأضاحي خلال 20 عاما.. قفزات غير مسبوقة بنسبة 1100% مقارنة بعام 2005    أنقرة: لن نسمح مع دمشق بفرض أجندات انفصالية في سوريا    أردوغان: زخم مفاوضات إسطنبول فرصة لسلام دائم بين روسيا وأوكرانيا    الأردن: إسرائيل تمعن في التعدي على حق الشعب الفلسطيني    نهاية الأزمة.. التوأم يقبل إعتذار إمام عاشور    بعد روبوت الإفتاء.. السعودية تدشن آخر جراحي استعدادا لموسم الحج    ضبط طالبة ووالدتها لشروعهما في قتل طالبة داخل جامعة خاصة    قومية المنيا تعرض الإسكافي ملكا ضمن عروض الموسم المسرحي    عرض فيلم ريستارت في 10 محافظات بسينما الشعب ابتداء من اليوم    يمنع أكلها أو التعامل معها.. بيان رسمي يكشف حقيقة إصابة الدواجن بفيروس وبائي    عرفات يتأهب لاستقبال الحجاج فى الموقف العظيم.. فيديو    رسميًا.. بايرن ميونيخ يُعلن عن أولى صفقاته الصيفية استعدادًا لمونديال الأندية 2025    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    كلمات وأدعية مؤثرة تهديها لمن تحب في يوم عرفة    جامعة حلوان تستقبل وفد هيئة مكتب البورد العربي للتمريض    عاجل|انخفاض نسبة المدخنين في مصر إلى 14% وسط زيادات متتالية في اسعار السجائر    رئيس قطاع المتاحف: معرض "كنوز الفراعنة" سيشكل حدثا ثقافيا استثنائيا في روما    بنسبة حوادث 0.06%.. قناة السويس تؤكد كفاءتها الملاحية في لقاء مع الاتحاد الدولي للتأمين البحري    غموض موقف ناصر منسى من المشاركة مع الزمالك أمام فاركو    «متضمنش حاجة».. شوبير يفجّر مفاجأة بشأن معلول مع الأهلي    قرار مفاجئ من الأهلى تجاه معلول بعد دموعه خلال التتويج بالدوري    محافظ المنوفية يشهد استلام 2 طن لحوم كدفعة جديدة من صكوك الإطعام    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    الرئيس السيسي يهنئ نظيره الكرواتي بذكرى يوم الدولة    صور.. رئيس الوزراء يتفقد المقر الجديد لجهاز حماية المستهلك    إصابة 7 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم    انقلاب شاحنة بطاطس يؤدى لغلق طريق تنيدة منفلوط بالوادى الجديد جزئيا    «هكر صفحة زميلته» ونشر صورًا وعبارات خادشة.. حبس موظف وتغريمه أمام المحكمة الاقتصادية    سعر الذهب ينخفض للمرة الثانية اليوم بمنتصف التعاملات    أسوشيتدبرس: ترك إيلون ماسك منصبه يمثل نهاية لمرحلة مضطربة    قصور الثقافة تفتتح أولى عروض مشروع المسرح التوعوي ب «لعنة إلسا» (صور)    هنا شيحة تتألق بإطلالة كلاسيكية في أحدث ظهور لها    إعلام إسرائيلى: نتنياهو وجه بالاستعداد لضرب إيران رغم تحذيرات ترامب    ندب الدكتورة مروى ياسين مساعدًا لوزير الأوقاف لشئون الواعظات    لندن تضغط على واشنطن لتسريع تنفيذ اتفاق تجارى بشأن السيارات والصلب    انتهاء حرب غزة بعد شهرين وخروج سكانها منها، توفيق عكاشة يكشف الخطة    السفير خالد البقلى وإلينا بانوفا يكتبان: يحرسون الأمل وسط الصراع حان الوقت لتمكين حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لمجابهة تحديات الغد    التأمين الصحى الشامل بالأقصر يعقد ملتقى تثقيفيا لأهالى مدينة أرمنت.. صور    استشاري أمراض باطنة يقدم 4 نصائح هامة لمرضى متلازمة القولون العصبي (فيديو)    انطلاق المؤتمر العلمى السنوى لقصر العينى بحضور وزيرى الصحة والتعليم العالى    ما حكم اقتناء بعض الناس للكلب لأسباب نفسية؟.. خالد الجندي يوضح    بإطلالة كاجوال.. مي عمر تتألق في أحدث ظهور لها    المطربة أروى تعلن موعد عزاء والدتها في دبي    توجيهات عاجلة من الري بشأن المخالفات على ترعتي الحمام والنصر    كوكوريا: دوري المؤتمر إنجاز مستحق.. وإيسكو استعاد شبابه    زيلينسكي يدعو لزيادة الضغط على روسيا لإنهاء حربها ضد أوكرانيا    انتهاء تفويج الحج البري من ميناء نويبع بإجمالي 7701 حاجًا و180 باصًا    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 4 أشخاص    الوطنية للتربية والعلوم والثقافة تشارك بدورة المجلس التنفيذى ل"ألكسو" بتونس    ياسر ريان: بيراميدز ساعد الأهلي على التتويج بالدوري.. ولاعبو الأحمر تحرروا بعد رحيل كولر    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    وكيل تعليم المنوفية ل"أهل مصر": إلغاء امتحان من يتجاوز ضد الملاحظ بالقول أو الفعل بالشهادة الإعدادية    هل أبلغه بالرحيل؟.. عماد النحاس يفجر مفاجأة بشأن حديثه مع معلول    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    5 أيام متتالية.. موعد اجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدل الحاكم وإقامة العدالة عليه
نشر في الوطن يوم 05 - 02 - 2014

العدل اسم من أسماء الله تعالى، وصفة من صفاته سبحانه. وهو شرع الله فى خلقه -مسلمين أو غير مسلمين- شاءوا أم أبوا؛ لأن الله حرم الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرماً، فيما أخرجه مسلم عن أبى ذر عن النبى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة قال: «يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا». وقد أرسل الله تعالى رسله وأنزل كتبه برسالات سماوية تدعو الإنسان إلى خيرى الدنيا والآخرة بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم تلزمهم قسراً بشىء فى الدنيا إلا بإقامة العدل بين المتخاصمين أو المتنازعين، فقال سبحانه: «لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ» (الحديد: 25). كما أمر القرآن الكريم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبلغ رسالته للناس بطريق الدعوة السلمية والقدوة الحسنة دون إكراه أو إجبار إلا فى شىء واحد فقط هو إقامة العدل فى الحكم. أما فى غير هذا العدل من سائر أمور الدين فحسابها يوم القيامة؛ كما قال جل شأنه: «فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ * وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ * وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ * وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ * وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ * اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ * لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ * لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ * اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا * وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ» (الشورى: 15).
والعدل فى القضاء أو الحكم صناعة إنسانية يمكن الوصول إليها بالفطرة المخلوقة وليست نتاجاً إسلامياً أو حكراً على المسلمين؛ لقوله سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ» (المائد 106). فبحث الموصى عن شهود من ذوى العدل يكون من المسلمين أو من غيرهم، وهذا يدل على أن صفة العدل صفة إنسانية متأصلة فى صاحبها بمروءته الذاتية لا الدينية. ويؤكد هذا ما أخرجه البخارى عن أبى هريرة، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الناس معادن خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا»، وأخرج ابن هشام فى «سيرته» عن ابن اسحاق أنه لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانه من الله تعالى ومن عمه أبى طالب، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء قال لهم: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد». ولم يكن هذا الملك الحبشى مسلما، ومع ذلك فقد شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالعدل. كما يؤكد المعنى الإنسانى فى صفة العدل أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل معياره إنسانيا فيما أخرجه الشيخان عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، وفى رواية لأحمد وابن حبان بلفظ: «حتى يحب للناس ما يحب لنفسه».
وإنما جعل الله العدل صفة إنسانية مجبولة فى الفطرة المخلوقة؛ حتى يقيم نفسه حاكما بين كل الناس سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين بأصل خلقتهم، فهو رب كل الناس ورازقهم. وبذلك يصدق الخبر فى قوله سبحانه: «إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ» (الأنعام: 57- يوسف: 40، 67). وإذا قلنا إن العدل صفة إسلامية، فهذا يعنى أن غير المسلمين لا يعرفون العدل ويتحاكمون فيما بينهم إلى الظلم. وهذا غير صحيح عقلا وشرعا. أما عقلا فإن المنصفين يرون أكثر غير المسلمين فى دولهم يعيشون فى عدل مجتمعى وأمان يحسدهم عليه كثير من المسلمين، كما أن المنصفين يرون كثيرا من المسلمين يعيشون فى بلادهم مظلومين. وأما شرعا فإن القرآن الكريم قد نص على بقاء الدول أو القرى المُصلحة وهى العادلة ولو كان أهلها غير مسلمين، فقال سبحانه: «وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ» (هود: 117). كما أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر برد الظالم ولو كان قريبا مسلما، فأخرج البخارى عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما». قالوا: هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: «تأخذ فوق يديه».
وتقع مسئولية إقامة العدل بين الناس على حكامهم وقضاتهم فى المرتبة الأولى، فإذا لم يتحقق كان على العامة أن ينتزعوا حقهم فيه؛ لأن الحياة لا تستقيم إلا به، فليس لهم خيار سواه. ولعل هذا هو السر فى كثرة النصوص القرآنية والنبوية الآمرة به على وجه الحتم، والمحذرة من البعد عنه، والمرغبة فى القرب منه. ومن ذلك قوله تعالى: «كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ» (النساء: 135)، وقوله تعالى: «كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ * وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا * اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ» (المائدة: 8). وأخرج مسلم عن معقل بن يسار أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة»، وأخرج الشيخان عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الإمام راع ومسئول عن رعيته»، وأخرج البخارى عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر من السبعة الذين يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله: «إمام عادل».
وأفضل تفسير لإقامة العدل بين الناس هو فيما أخرجه ابن حبان فى «سيرته» عن أبى بكر الصديق فى خطبته يوم توليته قال: «إن أحسنت فأعينونى، وأن أسأت فقومونى. الصدق أمانة والكذب خيانة. والضعيف فيكم قوى عندى حتى أريح عليه حقه إن شاء الله. والقوى فيكم ضعيف عندى حتى آخذ الحق منه إن شاء الله».
وأفضل تطبيق لإقامة العدل هو ما يبدأ بالإنصاف من النفس، حتى ولو كان الظاهر معها. فقد أخرج مسلم عن أم سلمة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم تختصمون إلىَّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضى له على نحو ما أسمع. فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار».
وأخرج الطبرانى عن الفضل بن عباس، قال: جاءنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت إليه فوجدته موعوكا قد عصب رأسه، فقال: «خذ بيدى يا فضل»، فأخذت بيده حتى انتهى إلى المنبر. فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «يا أيها الناس إنه قد دنى منى حقوق من بين أظهركم. فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهرى فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضى فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالى فليستقد منه. ولا يقولن رجل إنى أخشى الشحناء من قبل رسول الله. ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتى ولا من شأنى. ألا وإن أحبكم إلىَّ من أخذ حقا إن كان، أو حللنى فلقيت الله وأنا طيب النفس. ثم قال: أيها الناس من كان عنده شىء فليرده ولا يقول فضوح الدنيا. ألا وإن فضوح الدنيا خير من فضوح الآخرة».
إننا إن تندرنا على عدالة الحكام فلا عذر لنا فى إقامة العدل عليهم. وكل التهنئة للقضاء المصرى الذى امتثل قول أبى بكر الصديق «القوى فيكم ضعيف عندى حتى آخذ الحق منه». وكل الأسف على من خدع المصريين بالأمس باسم الإسلام ثم يتكبر اليوم على عدله وعدالتهم.
إلى أولئك المتكبرين على حكم العدل أو جهة العدالة هذا التحذير النبوى الذى أخرجه مسلم عن ابن مسعود، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر». قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمط الناس».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.