على ضوء المادة 230 من الدستور الجديد (2013 - 2014)، أعلن الرئيس عدلى منصور إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، وذلك بعد حوار مجتمعى اتضح من خلاله أن الأغلبية الساحقة من المشاركين فى الحوار طلبوا إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، نظراً لسهولة إجراءاتها وبروز زعيم شعبى فرض نفسه على الساحة السياسية بعد أن برز على الساحة العسكرية، هو المشير عبدالفتاح السيسى، ومطالبة معظم الشعب المستمرة منذ مدة بترشحه للرئاسة. تقول المادة 230 من الدستور: «تجرى انتخابات رئيس الجمهورية أو مجلس النواب وفقاً لما ينظمه القانون، على أن تجرى الانتخابات الأولى منها خلال مدة لا تقل عن 30 يوماً ولا تتجاوز 90 يوماً من تاريخ العمل بالدستور». وأضافت المادة: «وفى جميع الأحوال تبدأ الإجراءات الانتخابية التالية خلال 6 أشهر من تاريخ العمل بالدستور». يتضح من هذه المادة بعد إقرار الدستور فى 18/1/2014 أن إجراءات الانتخابات الأولى أو الاستحقاق الأول وهو الرئاسية يجب أن يتم خلال مدة تبدأ من 18/2/2014، بعد شهر من تاريخ إقرار الدستور، ولا تجاوز تسعين يوماً من تاريخ العمل بالدستور، ثم تبدأ إجراءات الانتخابات التالية، وهى البرلمانية، خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور. وبهذه الاستحقاقات تكتمل المؤسسات الدستورية الثلاث؛ الدستور، الانتخابات الرئاسية، الانتخابات البرلمانية. هناك استحقاق رابع لا يظهر إلا فى استجابة الإرادة الشعبية، ذلك هو حسن الأداء والاستجابة لمطالب الشعب لمن يختاره الشعب، وهذه بداية الاستقرار والانصراف إلى العمل والإنتاج، واتضاح الإرادة الشعبية التى يجب أن تحترم، ولا ينبغى أن يتكلم أحد باسم الشعب دون تفويض من الشعب نفسه. هناك من يتكلم باسم بعض الثوار ممن انفصلوا عن الشعب وعن الإجراءات الدستورية، وهناك من يتكلم باسم الشعب والشعب يهتف ويكتب ضده كل يوم. نأتى إلى الانتخابات الرئاسية واحتمالاتها العديدة. قبل ذلك أقول: اتضحت الصورة السياسية فى مصر بشأن الانتخابات الرئاسية، بعد بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يوم الاثنين 27 يناير 2014، حيث فوض المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير عبدالفتاح السيسى، فى ضوء الظروف العامة فى الوطن ورغبة معظم الشعب فى أن يراه رئيساً لمصر، حيث ترك المجلس الأعلى للمشير السيسى حقه فى تقدير تلك الظروف، والاستجابة لنداء الواجب وضرورات الوطن. وهذا يعنى أن الرئيس السيسى سيتقدم بأوراق الترشح لانتخابات الرئاسة. الاحتمال الأول: أن يترشح «السيسى» للرئاسة وفق مقتضيات الأمر الواقع والإرادة الشعبية الكاسحة، وهنا قد يحجم أكثر الراغبين فى الترشح أو الجميع، خصوصاً من رجالات القوات المسلحة، عن خوض الانتخابات لأسباب عدة، من أهمها: أن «السيسى»، كما ذكرت من قبل، فرض نفسه زعيماً جديداً، فملأ مكان الزعامة الشاغر لعقود عدة، وثق به الشعب بعد أن وثق هو بالشعب وحقق بعض مطالبه الاستراتيجية، هذه الزعامة التى تحققت ل«السيسى» فى وقت حرج جداً تمر به مصر هى فى ظنى أكبر من منصب الرئاسة، وكذلك هى أكبر من منصب وزير الدفاع، ولكلٍّ أهميته وضرورته. وتظل الزعامة درعاً واقية حول الزعيم حتى بعد إحالته على المعاش أو انتقاله للحياة الآخرة، أما الرئاسة أو الوزارة فلا. رأينا ذلك فى كثير من الزعماء آخرهم مانديلا، هناك زعماء يجرون أوطانهم بل والدنيا كلها إلى الهلاك، مثل هتلر وموسولينى، لأنهم لم يفهموا رسالة الزعامة وغرتهم القوة والأمانىّ الجوفاء. رسالة الزعماء تكون دائماً واضحة وسلمية وبناءة، ويعلو بها الزعيم فوق الكراهية والحقد والأمراض التى تثقل كاهل القادة غير الزعماء وتشدهم إلى الأرض وتجذبهم إلى أهداف غير استراتيجية. من أهداف مصر الاستراتيجية اليوم مطالب الثورة الأربعة، وقبلها وبعدها المحافظة على وحدة الوطن وسلامته وقوته ونموه ومواجهة الأخطار الداخلية والخارجية، فالزعماء قليلون وحاجة الأوطان إليهم كبيرة. الاحتمال الثانى: أن يترشح مع «السيسى» أحد أو بعض الراغبين فى المنافسة على الرئاسة، وهذا مهم جداً فى ظنى، رغم الإرادة الشعبية الواضحة فإن ترشح الآخرين ضرورة سياسية ملحة فى ظل الدستور الجديد والترتيب للحياة السياسية التنافسية المستقبلية، هناك عدة شخصيات خاضت غمار التنافس الرئاسى فى العام 2012، ولا أظن أن هناك ما يمنع من دخولهم إلى ساحة التنافس مع المشير السيسى، وهو فى ظنى أيضاً سيفرح أن يجد فى مصر متنافسين على الرئاسة. وأقول هنا: يتغير الرؤساء ولكن يظل مكان الزعامة لا يشغله إلا من يستحق. أتمنى أن تظهر انتخابات الرئاسة بصورة حضارية جميلة، ولعله يأتى اليوم الذى يتعلم الآخرون منا ومن تجاربنا. والله الموفق