كلما حلقت فوقها طائرة تابعة للقوات المسلحة في السماء، تظهر الفرحة العارمة على وجهها، وكأنها فتاة صغيرة في ليلة عرسها، تتوالى الدعوات منها لابنها الجندي الذي يصطحبها إلى مقعد بجوار لجنة التصويت، "ربنا يحميكوا وينصركوا، وتفضل مصر قد الدنيا زي ما قال حبيبي السيسي"، هكذا قالتها السيدة "عفاف سعد الدين"، التي لم يمنعها كبر سنها لمشاركتها في الاستفتاء على الدستور الجديد. وسط حراسة أمنية مشددة، قامت السيدة العجوز من على الأريكة الخشبية، تنادي على رجال الشرطة والجيش، "تعالوا يا ولادي خدوا الورد بتاعكوا، إنتوا تستهلوا كل حاجة حلوة"، يقترب منها ظابط الشرطة مقبلا يديها ليقنعها أن تدخل اللجنة من باب كبار السن لراحتها، قائلا "يا أمي إنتي اللي ليكي كل حاجة كويسة، والبركة فيكوا إنتوا، تعالي معايا عشان تدخلي اللجنة وتلحقي ترتاحي". ظل رجل الشرطة ينتظر السيدة التسعينية على باب اللجنة، حتى انتهت من التصويت فخرجت مبتسمة والسعادة تنتفض من عينيها بدموع الفرح، مشيرة بأصابعها بالحبر "الفسفوري" بعلامة النصر، "نعم للدستور، نعم لشباب بلدنا اللي راحوا والجيش والشرطة اللي بيموتوا علشانا، في الجنة يا شهيد والدنيا هتبقى أحلى، خليكوا عندكوا أمل ومتفائلين بالي جاي، وبكرة هيبقى أحلى". تحكي السيدة العجوز، أنها اشتركت في الانتخابات منذ عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، "معايا كارنيهات الانتخابات من أيام الزعيم عبد الناصر، شايله كروت الأخضر والأحمر اللي كنا بننتخب بيها من كتر حبي في مصر أم الدنيا كلها، وشاركت في الانتخابات من بعد ثورة 25 يناير بس مش حسيت إني فرحانة قد النهاردة، ومن كتر فرحتي عايزة ميطلعش من إيدي الحبر، ويا ولادي لو بتحبوا مصر وخايفين عليها انزلوا".