اعتاد على المواجهة وتحدى نفسه، يدرك أن إمكانياته الدبلوماسية تزداد قوة كلما مضى العمر.. كعود زاده الاحتراق طيباً.. لم يتعب الدبلوماسى العجوز بعد وما زال قادراً على لعب دور البطولة فى مسرح السياسة العربية والدولية. إذن، فالحديث عن الأخضر الإبراهيمى، أحد عمداء الدبلوماسية العربية وشيوخ حارتها، وزير خارجية الجزائر الأسبق، والذى تم تعيينه قبل يومين مبعوثاً مشتركاً للأمم المتحدة والجامعة العربية لتنسيق الجهود الدولية فى الأزمة السورية بعد فشل كوفى عنان. ترشيح الأخضر الإبراهيمى للمهمة الجديدة جاء عبر صديقه الواثق فى قدراته الدكتور نبيل العربى الأمين العام للجامعة العربية، الذى كان الإبراهيمى من أوائل من استعان بهم العربى عند توليه الأمانة العامة للجامعة، وجعله يشرف على ملف تطوير الجامعة العربية. فى باريس يلملم الآن الإبراهيمى أغراضه ويحزم حقائبه لكى يواجه تحدى العمر فى سوريا.. سينتقل إلى العيش فى نيويورك حيث مقر الأممالمتحدة، وبحسب ما أبلغ مقربون منه، فإن انتقاله لنيويورك سيكون مع حلول سبتمبر المقبل، وتستوقفه بعض الصور لمحطات رئيسية فى رحلته الدبلوماسية الطويلة والتى بدأت مع نضال الحرية للجزائر، إذ كان ممثلاً لجبهة التحرير الوطنى فى جاكرتا من عام 1954 حتى عام 1961، عاد بعدها ليتدرج فى أعلى مواقع السلك الدبلوماسى ببلاده إلى أن عين فى سنوات الثمانينات الأولى مسئولاً سامياً فى الجامعة العربية فى فترة شديدة الدقة عرفت خلالها فلسطين الانتفاضة الأولى واكتوت فيها لبنان بمرارة الحرب الأهلية، وبحلول عام 1989 وظهور أفق لنهاية مأساة لبنان وقع اختيار الأممالمتحدة عليه ليكون مبعوثاً لها فى لبنان، ليظل هو ممثل العرب فى لمّ الشمل اللبنانى حتى عام 1991.. فى هذه الفترة اشتعلت المواجهة والصدام السياسى فى الجزائر فظهرت الحاجة إلى المخضرم ليقود الدبلوماسية الجزائرية ويصبح وزيراً للخارجية من عام 1991 حتى عام 1993 وبعدما فرغ من مهمته وجد فيه الدكتور بطرس غالى السكرتير العام الأسبق للأمم المتحدة القدرة على أن يكون مبعوثاً للأمم المتحدة فى ملفات مختلفة ليصبح مبعوثاً لها لدى هاييتى وجنوب أفريقيا واليمن وزائير، كان يدخل فى بؤر التوتر وعادة ما يصاحبه النجاح، لذا استعان به كوفى عنان عندما تولى مسئولية الأممالمتحدة وجعله مبعوثاً لها فى أفغانستان بين عامى 1997 و1999، ليحصل بعدها الإبراهيمى صاحب السبعة والسبعين عاماً على استراحة محارب، إلى أن تستدعيه الأممالمتحدة مرة جديدة مع أزمة كبرى، وهى احتلال العراق، ويتم تعيينه مبعوثاً للأمم المتحدة هناك عام 2004، الإبراهيمى ينتظر نجاحاً جديداً يحرزه فى سوريا ليكلل عمره بجائزة المهام الصعبة.