"التفاؤل يولد من أقاصي اليأس"، كلمات التقطتها تلك الشابة التي عاشت طوال حياتها في موعدٍ مع التحدي لتكون منهاجا لها، لم تمنعها إصابتها بشلل الأطفال من الاستمرار في الحلم، ولم يمنعها الكرسي المتحرك من أن تحصد البطولات الرياضية لتكون نقطة مضيئة لأشخاص نسج اليأس خيوطه على قلوبهم. مرفت إبراهيم.. أصيبت بشلل الأطفال، وهي ابنة السبعة أشهر، إثر تعاطيها جرعة خاطئة من إحدى الحقن الطبية، لتنشأ الطفلة مستقبلة عدم قدرتها على الجري واللعب ككل الأطفال، "كنت دايمان باسأل أمي أنا ليه مش باقدر أمشي زي الناس كلها، كانت بتقولي عاشان ربنا اختارك وبيحبك". تروي مرفت، 32 عاما، أن مرض شلل الأطفال لم يمنعها من العيش مثل كل المحيطين بها، ولكن "تقوس عمودها الفقري" أدى إلى إجرائها عملية جراحية ثم جلوسها على الكرسي المتحرك قبل أن تكمل عامها السابع عشر، "اللحظة دي كانت أصعب لحظات حياتي، لكن طبيعة شخصيتي إني ما استسلمش لأي حاجة بتحصلي". بداية مشوار التحدي كان مع ممارسة ألعاب القوى، حيث حصلت مرفت على بطولة الجمهورية في لعبة "قذف القرص"، وبطولة كأس مصر في نفس اللعبة، والمركز الثاني على مستوى الجمهورية في لعبة "رمي الجُّلة"، "والدي ووالدتي هما اللي شجعوني على ممارسة الرياضة، وأنا حاولت أنجح فيها عشان باقدر ألعبها وأنا قاعدة على الكرسي، ومن ناحية تانية أثبت لنفسي إني قادرة على أي حاجة". "مرفت"، الحاصلة على ليسانس الآداب قسم علم النفس جامعة حلوان، استطاعت الثورة على إعاقتها وكسر القيد الذي فرضه عليها أسرتها، حيث قررت أن تعتمد على نفسها في الذهاب إلى أي مكان وقضاء كل حوائجها دون مساعدة أحد، "والدي كان بيخاف عليا جدا، وكان دايمان ملازمني في كل مكان أروحه، لكن بمرور الوقت أثبت له إني أقدر أروح وآجي لوحدي". تميز مرفت الاجتماعي أهلها لتكون سفيرة جامعة حلوان في البعثة التي تم إرسالها إلى جامعة "كنساو" الأمريكية، كما أهلها حصولها على كأس التميز على مستوى الجامعات المصرية وتمثيلها للجامعة في العديد من اللقاءات الدبلوماسية مع عدد من سفراء الدول الأجنبية إلى العمل بالجامعة فور تخرجها، "الحاجة الوحيدة اللي كنت باشارك فيها وتخص المعاقين هي البطولات، غير كده كان كل نشاطي على مستوى الجامعة كلها". قدرة الشابة الثلاثينية على إثبات ذاتها أمام المجتمع جعلها تشعر بمسؤولية تجاه ذويها من المعاقين، حيث تقول إنها اختارت إلى جانب وظيفتها، تولي تدريب منتخب جامعة حلوان لذوي الإعاقة في ألعاب القوة، إضافة إلى قيامها بعمل بروتوكول بين جامعتها والمجلس القومي لشؤون الإعاقة، قبل أن يتم تعيينها مؤخرا عضوا بالمجلس، "إحنا تعبنا من كتر مزايدات الناس علينا، ولازم إحنا اللي نحل قضيتنا ومشاكلنا بنفسنا". تختتم مرفت حديثها متمنية رفع نظرة المجتمع للشخص المعاق، وإعطائهم الفرصة لإثبات أنفسهم، مطالبة كل من يزايد على قضيتهم بالابتعاد وإتاحة الفرصة لمن يهمهم الأمر للعناية بهمومهم.