سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جهاد إبراهيم.. أستاذة الجامعة التى تحدت «شلل الأطفال» بالعلم والرياضة حصلت على بطولات عديدة فى السباحة آخرها «كأس مصر».. وتحلم بإنشاء مركز عالمى للتنمية البشرية والطاقة لمساعدة البشر حول العالم
«يولد النجاح فى أصعب مراحل الفشل، وما أجمل أن تقف صلباً بعد أن تشعر بآلام السقوط»، كلمات قالتها الدكتورة جهاد إبراهيم التى استطاعت أن تتحدى إصابتها بشلل الأطفال وهى فى عامها الأول، وتصبح أحد النماذج المضيئة فى المجتمع وإحدى بطلات رياضة تحتاج أكثر ما تحتاج إلى الحركة. تروى جهاد إبراهيم أن إصابتها بشلل الأطفال، التى أثرت على قدميها ومنعتها من المشى، جاءت نتيجة خطأ طبى أثناء تلقيها إحدى جرع التطعيم، وتقول إن أسرتها استقبلت الموقف برضا تام ومحاولات أن تكون تلك الطفلة هى أنبغ أطفال العائلة: «كان أول سؤال بييجى فى دماغى هو انا ليه مش زى أى طفلة باقدر أمشى؟ لكن أمى كانت بتجاوبنى بكل بساطة وفطرة: عشان ربنا بيحبك واختارك». تقول «جهاد» إن أصعب اللحظات التى مرت بها فى طفولتها حينما كانت تستشعر نبضات قلب والدتها السريعة وعدم قدرتها على التنفس أثناء حمل ابنتها لمسافة كبيرة من البيت إلى المدرسة لعدم وجود كرسى متحرك تعتمد عليه ابنة السنوات الخمس للذهاب إلى مدرستها، ولكن مفاجأة من أحد أقاربها قلبت الحال رأساً على عقب: «لما قريب والدتى جابلى كرسى متحرك حسيت إنى ممكن أنطلق وأريح أمى وما احسش بوجع عليها وهى بتشيلنى». تفوقها فى دراستها وثناء أساتذتها عليها لم يكونا كافيين لحمايتها من آلام نفسية تقبع فى داخلها عند دخول أستاذ أو موجه جديد إلى الفصل، الطلاب جميعهم يندفعون للوقوف وهى ساكنة فى مكانها مستقرة: «لما كان المدرس بيشوفنى كده كان بيسألنى: إنتى نايمة؟ طيب ممكن تروّحى لو حاسة إن النهارده أجازة. فيرد حد من زمايلى: معلش أصلها معاقة»، كلمة كانت تزيدها قوة وطاقة وقدرة على إثبات عجز نظرة الآخرين إليها، فما إن تداعب هذه الكلمة أذنها حتى تبهر هذا الوافد الجديد بإجابتها عن أسئلته وتميزها من بين كل زملائها. تفقد ابنة الشرقية أغلى أحلامها فى الحياة بأن تكون طبيبة وتتخصص فى مرض شلل الأطفال لتتمكن من معالجة نفسها أولاً، حيث تحصل فى الثانوية العامة على مجموع لم يؤهلها إلى التشبث بأول خيوط الحلم، فتقدمت إلى كلية التربية جامعة عين شمس فقوبلت بالرفض لكونها غير لائقة طبياً، فما كان منها إلا أن نسجت خيوط حلمٍ جديد تعلقت به، وبدأت فى تنفيذ خطواته: «قررت إنى أدخل كلية آداب بنات قسم اجتماع، والجامعة اللى رفضتنى طالبة قلت لازم أكون فيها حاجة». تعجز الشابة العشرينية فى البداية عن حضور العديد من المحاضرات لعدم استطاعتها الصعود إلى الأدوار العالية حيث مدرجات الدراسة، تجلس بحديقة الكلية منتظرة عناية الله، يقرب الفصل الدراسى الأول على الانتهاء دون أن تتمكن من تحصيل أى مما تدرسه، تقترب من مرحلة الانهيار فيأتى طوق النجاة: «فوجئت بالمشرفة اللى بتحط الجداول جاية لحد عندى وبتسألنى عن ظروفى، ولما حكيت لها قررت إنها تنقل كل محاضراتى للدور الأرضى عشان أقدر أحضر زى زمايلى»، وكانت النتيجة أن تصدرت «جهاد» ترتيب دفعتها خلال السنوات الأربع وتخرجت فى كلية البنات ليتم تعيينها على الفور معيدة بها. «النجاح يولد النجاح».. الشعار الذى اتخذته «جهاد» حين عزمت أن تقاوم إعاقتها وأن تبدأ فى مرحلة الثورة على كرسيها المتحرك وأن تستخدم قدميها المشلولتين فى المشى: «عملت 8 عمليات فى رجلى، وبدأت أعمل جلسات علاج طبيعى، لحد ما شافتنى خبيرة ألمانية وقالت إن جسمى حلو جداً ينفع فى السباحة». حصلت «جهاد» على العديد من البطولات المحلية فى السباحة كان آخرها بطولة كأس مصر، وتحلم خلال الفترة المقبلة ب«إنى أكون أول امرأة معاقة تعبر المانش»، ولم تكتفِ بالنبوغ رياضياً بل استكملت رحلتها الدراسية حيث حصلت على العديد من الدورات التدريبية فى مجال التنمية البشرية وحصلت على شهادة الماجستير فى علم الاجتماع من جامعة عين شمس، ثم ما لبثت أن حصلت على الدكتوراه من نفس الجامعة فى موضوع «الأوضاع المعيشية للفقراء فى ظل نظام الخصخصة». تحلم الدكتورة جهاد إبراهيم بإنشاء مركز عالمى للتنمية البشرية والطاقة لمساعدة كل أبناء البشر حول العالم، وتقول إنها تدين بالفضل فى النجاح الذى حققته لوالدتها ووالدها الذى حفّظها القرآن، ولبعض الأساتذة الذين مرت بهم خلال مشوار دراستها: «مش هانسى اللى عملوا معايه الدكتور فوزى عبدالرحمن، والدكتورة سهير العطار، والدكتور أحمد عمارة اللى فعلاً ورانى إنى أقدر أكون بطلة وأحقق اللى نفسى فيه وإن الأحلام مابتنتهيش».