فخامة الرئيس القادم.. وبعد أن مررنا الأسبوع الماضى مرور الكرام على بداية عهد مبارك ونهايته، وكذلك عهد مرسى بدايته ونهايته.. ولمحنا إلى ما ينتظرك يا فخامة الرئيس القادم الذى لا يعلمه إلا الله وحده.. دعنى أقص لك دون أن أزعج فخامتك مما يعيشه البعض الآن حالة من الترقب والانتظار الرهيب تكاد عيناه تجحظان من طول النظر والتأمل لذاك الكرسى الفرعونى. ليطلق البخور حول الجالس عليه ويقدموا له قرابين وفروض الولاء والطاعة. فهو أهم عرش على وجه المعمورة جلس عليه سلطان من سلاطين وحكام الأرض.. فعرش مصر ليس مثله على الأرض من عروش.. فبعد أن خلق الله آدم أبو البشر.. وأمر الملائكة أن تسجد له.. وليس لهم إلا أن يخشعوا ويسجدوا استجابة لأمر الله لعبد خلقه الله من طين.. ولكن إبليس اللعين أبى وتكبر عن أمر ربه.. فكيف يسجد لمن خلق من طين.. وهو الذى خلق من نار.. فكانت لعنة الله عليه إلى يوم الدين.. ورغم أن لعنة الله على اللعين.. إلا أن لعنة إبليس الشيطانية قد اخترقت ذاك العرش.. فحصل كل من جلس على تصيبه من هذه اللعنة.. فكما تكبر إبليس عن الاستجابة لأمر ربه.. طغى فرعون وقال والعياذ بالله «أنا ربكم الأعلى».. أستغفر الله.. ورغم تبادل السلاطين والحكام لهذا الكرسى بفعل الموت والرحيل وليس بعامل الانتقال السلمى للسلطة.. إلا أن التاريخ سطر فى صفحات الزمن بأن قبل جلوس الحاكم على العرش وبعد أن يكون الناس شغفوا به حبا.. وبعد أن سمع الناس له وعنه ونسجوا الأساطير حوله.. بمجرد أن يجلس فتصيبه وتتلبسه تلك اللعنة.. وهكذا فخامتك تمضى بنا الأيام من فرعون موسى إلى آخر سلطان منتخب للبلاد، الذى وقف يوما فى البرلمان يهاجم عاطف عبيد وزير البلاد الأول وصاحب الدولة واصفه بأنه فرعون موسى.. فما كان من كبيرهم واسمه «الشاذلى»، الذى زاده الله بسطة فى الجسم ونفوذ المنصب فى ذاك الزمان، إلا أن رد عليه قائلا لا هو بفرعون ولا أنت بموسى.. وهكذا جاءت إلا.. لتؤكد لنا أن هذا العرش لم يجلس عليه إلا فرعون.. ألم يكن آخر حكامنا هو صاحب الفرمان الفرعونى بأنه لا يسأل عما يفعل.. ومن فرعون موسى إلى فرعون الإخوان وقف جمال عبدالناصر ليقول يوما فى حادث المنشية أنا الذى علمتكم العزة والكرامة.. ألم يكن للمصريين عزة وكرامة.. وفى مذكرات.. محمود جامع يقول فيها إن السادات حكى له أن بيجين قال له إنه سطر فى كتابهم أنه سيأتى رسول للسلام اسمه محمد وأسمر البشرة.. وإذا كان هؤلاء فخامتك ترجموا هذه اللعنة فى فترة حكمهم.. إلا أنه وبكل تأكيد قد أكدها وترجمها حكم مبارك الذى يعد من أكثر الفراعين حكما وجلوسا على عرش الفرعون.. ومن هنا يا فخامة الرئيس القادم أصبح حملة المباخر ولصوص المال العام وماسحو ولاعقو البلاط الموجود تحت عرشكم المنتظر ومشتاقو التمليس على الأرجل الذهبية للكرسى المهيب فى كل عصر وزمان لعرش الفرعون يتشوقون ويترقبون أن تلوح لهم فى الأفق صورتك أو أن يمر أمامهم طيفك أو تطل فى منامهم.. ويوما يا فخامة الرئيس يتأكدوا أنك الفرعون حينها لا تحمل للدنيا هم.. فالتوكيلات ستقدم لك مجانا.. وسيتبارى فى جمعها كل المشتاقين طمعا فى نظرة من عطف جنابك تكون لهم جواز المرور إلى مقاعد الكهنة وما أكثرها.. لا تحمل هماً فمن امتلأت خزائنهم عن آخرها وهربوا مليارات الدولارات حتى ضاقت بها بنوك زيورخ وجنيف وأوروبا وأمريكا وأستراليا، لن يبخلوا بإنفاق الدعاية فى كل مكان.. لن يبقى لك شبر فى أرض الوطن ولا منزل ولا شارع ولا ميدان إلا وتشرف بصورتك البهية.. وإذا نظرت فى السماء ستجد أنهم أيضاً قد برعوا وابتكروا لك الدعاية فى الفضاء ألم يكن عندنا رئيس فى الفضاء ولا سيادتك.. ناسا.. سيأتى إليك شيوخ السلطان ويفتون لك فى الحلال والحرام ولكن بنظرة منك تستطيع أن تحصل على صك من الغفران، ألست أنت الفرعون القادم؟.. ستعمل المطابع بكل ما أوتيت من قوة.. لتسطر لك تاريخا حتى ولو صنعوه إن لم يكن لك.. وأيضا سيمحون تاريخ من سبقوك.. ألم تزر فخامتك آثارنا يوما التى تحكى لك اغتصاب الفرعون لتاريخ من سبقه.. التى لم يتعلم منها حتى الآن فرعون واحد.. سيتبادر الشعراء فى تأليف القصائد والأغانى وستطرب القلوب بموسيقى ما أشجاها.. وأصوات ما أعذبها.. فخامة الرئيس القادم الذى لا يعلمه إلا الله وحده أيا كنت «مدنى.. عسكرى.. دينى.. ديمقراطى.. ديكتاتورى». إنهم يفعلون ذلك حبا فى عرش من ماس وذهب.. أيا كان الجالس عليه لأنه عرش ما جلس بشر عليه وإلا تحول إلى فرعون للبلاد.. له يسمعون ويطيعون حتى فى معصية الخالق يبدعون.. فلم يعد لدينا عز بن عبدالسلام يزلزل عروش السلاطين.. ولا عقاد يرفض تكريم الحكام.. فهل تستطيع أنت أن تحطم بعرشك عروش دولة النفاق حتى تتحصن بعدل يسوده حكم بين العباد.. رحمة بالكهنة يا فخامة الرئيس من فضل جنابك قل لهم متى تلوح فى الأفق.