بملامح هادئة، وأداء متفانٍ، اكتسبت تأييد المحيطين بها، منذ كانت شابة فى صفوف الحركة الطلابية المصرية المطالبة بالاستقلال الوطنى والعدالة الاجتماعية فى السبعينات، انتهاءً بانتخابها أميناً عاماً لنقابة الأطباء المصريين قبل أيام. لم يكن أحد ليظن أن منى مينا، المولودة فى 26 يونيو 1958، ستكون أول سيدة قبطية تشغل منصب أمين عام نقابة الأطباء المصريين، أقدم النقابات المهنية المصرية، وهى التى تخرجت فى كلية الطب بجامعة عين شمس، عام 1983، وحصلت بعد ذلك على دبلوم الدراسات العليا فى طب الأطفال سنة 1990. لكن أعضاء مجلس نقابة الأطباء، الذين انتخبوها قبل أيام لتشغل هذا المنصب، أكدوا أنهم اختاروها «لتاريخها النضالى»، و«دفاعها عن حقوق الأطباء»، ورسالة بأنه «لا إقصاء لامرأة ولا لقبطى تؤهله إمكاناته وتاريخه ومواقفه لتولى منصب ما». منذ البداية ناضلت «مينا» لأجل «وطن محررة أراضيه من الاحتلال الصهيونى»، و«محرر شعبه من براثن الفقر والجهل والمرض»، ناضلت من أجل رؤيتها لممارسة الطب ك«رسالة إنسانية» وليس «تجارة»، فكانت لها أيادٍ فى مجالات المطالبة بحقوق الأطباء والمرضى سواءً بسواء. عام 2007، وإبان حكم الرئيس المخلوع مبارك، حيث تدهورت الأوضاع الاقتصادية للأطباء، مع غالبية المصريين، أسست «مينا» حركة «أطباء بلا حقوق»، التى بدأت كأسرة نقابية دفاعاً عن حقوق الأطباء وضد تسييس النقابة وتوظيفها لمصالح السياسة، وهو ما حدا بكل من النقيب، المنتمى للحزب الوطنى آنذاك، وأعضاء مجلس النقابة الإخوان، إلى محاربتها حرباً شعواء. وحينما جاءت ثورة يناير بشعاراتها الشهيرة «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، كانت من بين الموجودين فى القلب منها تداوى بدأب وتفانٍ شديدين جروح الثوار فى ميادين الثورة. فى أول انتخابات تشهدها نقابة الأطباء عقب ثورة 25 يناير، شكلت «مينا» مع زملائها من «أطباء بلا حقوق»، و«أطباء التحرير»، و«أطباء استقلال الجامعة»، ما عُرف بقائمة «تيار الاستقلال»، التى فازت ب6 مقاعد من مجموع مقاعد مجلس النقابة ال24، كان من بينهم مقعد لمينا، حيث واصلت النضال من أجل تحسين أحوال الأطباء وصحة المصريين، وسط مجلس إخوانى سعى لتوظيف النقابة لخدمة نظام الرئيس المعزول محمد مرسى وإخوانه. وقبل أيام فقط تكللت نجاحات قائمة «تيار الاستقلال» فى انتخابات النقابة بفوز أعضائه بأغلبية مقاعد انتخابات التجديد النصفى للنقابة، وإطاحته بممثلى قوائم الإخوان التى بسطت سيطرتها لعقود على نقابة الأطباء، وجاءت وزيرة الصحة، دكتورة مها الرباط، إلى مقر النقابة لأول مرة تستمع لمطالب أعضائها، فى بداية مرحلة جديدة، ينتظر فيها جموع الأطباء، وربما جموع المصريين، تغليب الاعتبارات المهنية والصالح العام على المصالح السياسية الضيقة