ليت «نوارة» تعرف أن أباها وأبانا وعمنا وتاج راسنا أحمد فؤاد نجم، صعد، ولم يمت، صعد لينظر إلينا، ويسخر من مشاحناتنا، وضجيجنا، ومشاكلنا، هل يموت يا «نوارة» من «كان يحيا كأن الحياة أبد»، ودخل إلى قلب الدنيا فاتحاً صدره، وممزقاً أوراقه الثبوتية؟ وانا بقى واللى يفكر يهاجم الشعب المصرى أو ييجى عليه، أياً من كان، حاكم أو مسنود أو عسكر أو حرامية أو تاجر شنطة دين أو متعهد توريد أوطان. هل يموت يا «نوارة» من «عاش منتصباً» فى أوقات تنحنى فيها الهامات والهمم، كلٌ يضبط مؤشر تصريحاته وبياناته، حسب ما يسمح به أكل عيشه، ويحدد توجهه على قدر طاقته فى تحمل الهجوم والسجن والاعتقال؟ هل يموت يا «نوارة» «الذى حفظ الحب والأصدقاء تصاويره، وهو يضحك، وهو يفكر» وهو ينتقل بين معتقل إلى سجن ومن دولة إلى أخرى، ليعود إلى مكان من اثنين، إما مقره الدائم فى «مجلس قيادة السطوح»، أو مقره الأكثر دواماً على «البُرش»، لينظم للمساجين ورديات «الشنجى» و«الكنجى» و«البرنجى»، ويستمع إلى حكاويهم، ومشاكلهم، ويختصر الليل فى كتابة ما تيسر له من شعر؟ هل يموت يا «نوارة» من علمنا أن نراهن على الناس والأوطان، وأن نعشق تراب الوطن، ونضرب يدنا فى قلب الحجر، حتى يئن، ويستجيب لرغبتنا، من علمنا أن التاريخ يتحرك عندما يقرر الشعب، لا من فى سدة الحكم.. من رفض ال«تدجين» والاحتواء وفضل اقتسام أى حاجة فى رغيف مع رفقاء الدرب على سطوح «خوش قدم» أو مساكن الإيواء فى المقطم، عن مجالسة أمراء الدواوين ومقاعد البكوات، تلك المقاعد والمجالس التى شكّل منها أدباء وشعراء وكتاب، ثروات كبرى وبيوت و«مزارع»، بعكس عمنا نجم الذى شكل ثروة قوامها حب الناس له، وهو أمر لو تعلمين عظيم؟ ليت «نوارة» تعرف أن البنات الجميلات، والشباب اللى زى الورد، أعلنوا الحداد العام، بعد أن فقدوا السند والضهر، من كان يسير أمامهم فى المظاهرات، دون أن يراعى عوامل السن والزمن، من كان ينحاز إلى الوطن فى كل فتراته القلقة، من دخل سجن عبدالناصر وتعرض لألوان التعذيب، لكنه شتم الإخوان فى المعتقل لأنهم صلوا لله شكراً بعد وفاته، من غادر الوطن ثم عاد مباشرة ليقرأ الفاتحة على قبره، ويكتب أروع رثاء فى «زيارة لضريح جمال عبدالناصر». ليت «نوارة» تعرف أننا جميعاً فقدنا أباً وسنداً وظهراً قوياً، وأننا دون أن ندرى وجدنا أنفسنا نستعيد قصيدة أمل دنقل فى رثاء يحيى الطاهر عبدالله، ونردد «جيفارا مات».. مات المناضل والجدع.