صرح مسعد هيركي الرئيس السابق لنادي النوبة العام وأحد أبرز القيادات النوبية "للوطن"، بأن مطالب النوبيين محددة ومعروفة قبل الثورة وبعدها، لكن الغريب أن يستجيب نظام مبارك الفاسد لمطالبنا ويبدأ في تنفيذها عمليا على الأرض، و تجمد حكومات ما بعد الثورة مطالبنا، مؤكدا أن مطالب النوبيين لا تتجاوز إعادة التوطين على ضفاف النيل، مع برنامج متكامل للتنمية حتى يتمكنوا من الحصول على فرص عمل تمكنهم من الهروب من الحصار الخانق للبطالة والعنوسة وحلم الهجرة الزائف الذي يراود كل الشباب النوبي. وأوضح هيركي أن هناك مطالب مهمة يجب النظر فيها والعمل على تنفيذا وخاصة بعد الثورة؛ منها عودة المهجرين منذ عام 1964 إلى ضفاف النيل مع التنمية المتكاملة. وأشار الرئيس السابق لنادي النوبة العام إلى أن النوبيين بدأوا الهجرة مع إنشاء خزان أسوان أي منذ 1897. لكن يمكن تحديد تواريخ 4 هجرات رئيسية وهي 1902، و1913 و 1933، وهؤلاء تم تهجيرهم إلى مواقع على بحيرة أسوان وفي بعض قرى قنا والأقصر، ولم يتأثروا أو يعانوا اقتصاديا، وتنحصر مطالبهم حاليا في تمليك الأراضي التي يعيشون عليها، لأنهم حتى الآن ليست لديهم عقود ملكية. أما الهجرة الرابعة والأخيرة فكانت عام 1964، وهؤلاء هم أصحاب المأساة الحقيقية، لأن تهجيرهم تم بشكل عشوائي، فقد كانوا 44 قرية، تسكنها 17 ألف أسرة (متوسط الأسرة 8 أفراد) يعيشون على ضفتي النيل بطول 350 كيلو مترا من جنوب السد العالي إلى خط عرض 22 الفاصل بين مصر والسودان. هؤلاء جميعا تم توطينهم بمنطقة داخل الصحراء تسمى "نصر النوبة" تبعد عن أسوان 45 كيلو وأسوان تبعد عن السد 20 كيلو. وأكد هيركي، أن مشاكل نصر النوبة كثيرة. فنصر النوبة (50 كيلومترا مربعا داخل الصحراء) التي يعيش فيها 105 ألف أسرة غير صالحة لإقامة أي مبانٍ عليها بسبب طبيعتها الجيولوجية الهشة، ما يؤدي إلى تصدع المباني بشكل مستمر، وإقامة منزل واحد سليم يكلف الدولة نحو 240 ألف جنيه لأنه يحتاج إلى أساس يمتد من 6 إلى 7 أمتار تحت الأرض، أي أن تعمير المنطقة سوف يكلف الدولة مليارات، ثم أنها منطقة طاردة للسكان لعدم وجود مدارس أو مستشفيات أو مصانع، ما أدى إلى مشكلات كثيرة فنسبة البطالة هناك 45% ونسبة العنوسة 35% و 65% من الشباب هناك هاجر خارج مصر وال35% المتبقية ينتظرون فرصة للهجرة. وقال إن حل مشاكل النوبيين كان قد بدأ بالفعل قبل الثورة بعد أن توصل نادي النوبة العام، الذي كنت أشرف برئاسته، بالتوصل لاتفاق مع حكومة نظيف لإعادة توطين 5221 ألف أسرة، هؤلاء هم أعداد النوبيين الذين لم يحصلوا على منازل بديلة منذ 1964 وسيتم توطينهم على 6 مراحل، بدأت المرحلة الأولى في "كركر" جنوب السد العالي مباشرة وستتابع المراحل. واستطرد "عندما عدت من الغربة التي استمرت 22 سنة في عام 1996، وجدت أن النوبيين غاضبون ولكنهم لا يملكون مطالب محددة، فهم يتحدثون عن حق العودة. ولكنهم لا يحددون العودة من أين؟ وإلى أين؟ ومن سوف يعود؟ وكيف؟ وقتها تعاونت مع مجموعة كبيرة من خلال نادي النوبة العام وقمنا بشيئين أساسيين أولهما تحديد مطالب أهل النوبة بدقة من خلال استطلاعات رأي وعمليات مسح للقرى ال44 في نصر النوبة، والأمر الثاني جمع كل القرارات التي صدرت من الدولة منذ 1902 حتى نوثق حقوق النوبيين المهضومة، وقد استغرق ذلك 3 سنوات. وطبعا كل ذلك لم يكن ممكنا بعيدا عن الدولة و الحقيقة أن جهاز "أمن الدولة" عصرني حتى تأكد أنه لا مأرب لي سوى خدمة أبناء بلدي بعيدا عن مطالب الانفصال التي كانت تمثل هاجسا لنظام مبارك. وأضاف في حواره مع "الوطن" "كلمة العودة في حد ذاتها كانت أحد أسباب ارتياب النظام السابق في مطالب النوبيين، فهي تعني وكأنهم قومية مستقلة كانت مهجرة خارج وطنها وتريد العودة لبلدها، مع أن الواقع أن النوبيين مصريين ولم يخرجوا من بلدهم أبدا. وليس من بين أهل النوبة من يفكر في الانفصال لكن هناك من يتاجر بالقضية و يتربح منها، ثم إن العودة إلى الوضع السابق قبل الهجرات الأربع مستحيل، لأن معناه عودة النوبيين على مساحة بامتداد 350 كيلو على ضفاف النيل، أي نحو ثلث حوض النيل داخل مصر. وصرح بأن النظام السابق كان متعنتا مع الجميع. لكن الحقيقة أن هذا النظام الفاسد وافق، بعد أن أقنعناه بعدالة قضيتنا، على البدء في حل المشكلة و خصص 3 مليارات جنيه للمرحلة الأولى. فإذا كان ذلك ما فعله نظام فاسد فإننا ننتظر ما هو أكثر من الحكومة بعد الثور، ولكن ما سيحدث أن أهالي النوبة سيتسلمون المرحلة الأولى من مشروع توطينهم التي أقرها مبارك والفضل سينسب لمرسي وشخصيات أخرى لا فضل لها فيما تحقق.