تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: صعود المستقلين وتراجع المرأة في المرحلة الأولى لانتخابات النواب    وليد رجب: توطين الصناعات الطبية بمصر ضرورة إستراتيجية    «الصحة» و«الاتصالات» تستعرضان دور الذكاء الاصطناعي في دعم التنمية البشرية    محافظ المنوفية: مستمرون في إزالة التعديات الخطرة على فرع رشيد    الأمطار الغزيرة تزيد معاناة النازحين في غزة وتغرق خيامهم    بسبب تغيرات المناخ.. 29 حريقا خلال ساعات الليل فى غابات الجزائر.. فيديو    فريق الخبراء المستقلين بشأن السودان: أعمال وحشية لا توصف حدثت بالفاشر    انتخابات نادي هليوبوليس إلكترونيا (صور)    تفاصيل مخطط 8 عناصر إجرامية لغسل 300 مليون جنيه    وفاة طفلة في سمالوط.. والشرطة تتحفظ على زوجة الأب للاشتباه في تورطها بالحادث    المسلماني: مجلس الوطنية للإعلام قرر الإبقاء على اسم "نايل تي في" واستبعاد مقترح التغيير    محمد عبدالعزيز عن ابنه كريم عبدالعزيز: "ابني ينوي إعادة تقديم فيلم انتخبوا الدكتور"    دعاء لأهل غزة.. «اللهم كن لهم عونًا ونصيرًا» سطور من القلب لنجاتهم وصبرهم    الداخلية تطلق مبادرة "سلامة عيونك" لفحص طلاب المدارس بالمناطق الأكثر احتياجًا    اليوم العالمي للسكر| وزير الصحة يعلن توجيه ميزانية موسعة للوقاية منه    محافظ الجيزة: حصول منشأة دهشور على المركز الأول في مسابقة "بناء الثقة" للرعاية الأولية    سلامة عيون أطفال مصر.. مبادرة الداخلية "كلنا واحد" تكشف وتداوي (فيديو)    استقبال الشرع بواشنطن يقلق إسرائيل بسبب جبل الشيخ    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تنظم جلسة حول الاستثمار في الشباب من أجل التنمية    رئيس كوريا الجنوبية يعلن زيارته لمصر والإمارات الأسبوع المقبل    الداخلية تضبط آلاف المخالفات في النقل والكهرباء والضرائب خلال 24 ساعة    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    وزراء التخطيط والزراعة والأوقاف يتفقدون المركز الزراعي المتكامل بسهل القاع    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات ضمن البرنامج الوطني لتنمية المجال    عالم أثار إسبانى: المتحف المصرى الكبير مبهر وفخم وكل زائر سيشعر بعظمة الحضارة    بعد رحيله المفاجئ.. تنطفئ آخر صفحات حكاية محمد صبري التي لم يمهلها القدر للاكتمال    وداع كرة القدم المصرية.. الأهلي ينعى محمد صبري نجم الزمالك السابق    العثور على جثمان غريق داخل ترعة مياه فى جنوب الأقصر    رئيسة نايل تى فى: مقترح تغيير شعار القناة قدمه فريق التطوير والقرار للهيئة    سيول وواشنطن أتمتا اتفاقهما بشأن بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية    رحيل زيزو المجاني يدفع الزمالك للتحرك لحماية نجومه    عيار 21 الآن.... تعرف على اسعار الذهب اليوم الجمعه 14نوفمبر 2025 فى محلات الصاغه بالمنيا    نشاط الرئيس الأسبوعي.. قرار جمهوري مهم وتوجيهات حاسمة من السيسي للحكومة وكبار رجال الدولة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : سابق بالخيرات باذن الله ?!    زيارة الشرع لواشنطن ورسالة من الباب الخلفي    قيصر الغناء يعود إلى البتراء، كاظم الساهر يلتقي جمهوره في أضخم حفلات نوفمبر    موعد مباراة جورجيا ضد إسبانيا فى تصفيات كأس العالم 2026    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 14 نوفمبر في سوق العبور للجملة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 14-11-2025 في محافظة قنا    خطا بورسعيد والصعيد الأعلى في تأخر قطارات السكة الحديد    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    الثلاثاء.. إعلان نتائج المرحلة الأولى وبدء الدعاية الامنخابية لجولة الإعادة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    توافد الأعضاء فى الساعة الأولى من التصويت بانتخابات نادي هليوبوليس    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة في شمال سيناء    اليوم العالمي لمرضى السكري محور فعالية توعوية بكلية تمريض «الأزهر» بدمياط    زى النهارده.. منتخب مصر يضرب الجزائر بثنائية زكي ومتعب في تصفيات كأس العالم 2010    بعد حلقة أمنية حجازي .. ياسمين الخطيب تعتذر ل عبدالله رشدي    وداع موجع في شبين القناطر.. جنازة فني كهرباء رحل في لحظة مأساوية أمام ابنته    الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية تشارك في احتفالية يوم الوثيقة العربية بجامعة الدول العربية    هل ثواب الصدقة يصل للمتوفى؟.. دار الإفتاء توضح    المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي يوافق على إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    برباعية في أوكرانيا.. فرنسا تصعد لكأس العالم 2026 رسميا    كيف بدأت النجمة نانسي عجرم حياتها الفنية؟    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعاناة الأولى: الطريق من العريش إلى الشيخ زويد
الأهالى يسلكون طرقاً فرعية تجنباً للحواجز الأمنية على الطريق الرئيسى.. والسائقون: نتجنبها خوفاً من الهجوم المسلح عليها
نشر في الوطن يوم 16 - 11 - 2013

عيون زائغة، وجسد نحيل يتعلق بطارة القيادة، بحيطة وحذر شديدين، يتلفت يميناً ويساراً، لا يركز فى شىء سوى طريقه وسلامة من يستقل معه سيارته الخاصة، التى وضع على زجاجها الخلفى شبكة سوداء، خوفاً من أن يفتضح أمره بأنه يقل صحفيين. يتحرك من أمام الفندق الذى لا يبعد عن وسط مدينة العريش سوى 10 دقائق ليبدأ رحلته إلى مدينة الشيخ زويد.
يلقى تعليماته بعدم التحدث مع أحد وأن نأخذ حذرنا فى التعامل مع الأشخاص المحيطين، فالوضع فى المدينة ليس آمناً، خصوصاً من الجماعات الإسلامية المتشددة التى تصف الإعلام ب«الكاذب والمضلل»، وتعول على أنه صاحب الفضل فى إسقاط رئيسهم الشرعى. يطلق كلماته بحدة: «الطريق حياخد مننا وقت بسبب كمائن الجيش والشرطة المنتشرة على الطريق الرئيسى، عشان كده هنسلك الطريق الفرعى اللى فى الصحرا».
يتطوع الشاب ليكون بمثابة المرشد لنا فى الطريق، فكل شارع يمر به له ذكرى وصفها ب«الدموية»، سقطت فيه ضحايا بين جريح وقتيل سواء من الجيش والشرطة أو المدنيين من أهل المدينة، يشير إلى مبنى البنك الأهلى المصرى فى العريش، الذى اختفت هويته خلف الجدار الأسمنتى الذى بنته إدارته بعد الهجوم المسلح على أفراد تأمينه من قوات الجيش. يقول: «كانت ساعة دوام العمل فى البنك، وخلال ثوانٍ معدودة هجمت مجموعة من المسلحين وأطلقوا الأعيرة النارية على قوات الجيش التى كانت تؤمن البنك، وهو ما أدى إلى حدوث حالة من الرعب بين المارة، وبنت إدارة البنك الحائط الأسمنتى أمام مدخله».
لم يكن الحائط الأسمنتى من نصيب البنك الأهلى الذى تعرض للهجوم المسلح فقط، وإنما امتد ليشمل جميع البنوك الموجودة فى المدينة التى لم تسلم من هجمات هى الأخرى، حسب الشاب، وحسب ما رأيناه خلال مرورنا بضواحى مدينة العريش.
على بعد خطوات ليست بالقليلة من البنك كان هناك مَعلم آخر، شاهد على العمليات الإرهابية التى وقعت داخل المدينة، حيث فندق «سيناء» الذى كان يقيم فيه ضباط من الشرطة، وتعرض لهجوم مسلح من مجهولين ألقوا عليه عبوة ناسفة، وهو ما يقول عنه الشاب: «الداخلية مخترقة، يعنى مين حيعرف إن فيه ضباط شرطة مقيمين فى الفندق إلا من خلالهم، خصوصاً أن رأس الضابط وصلت إلى 25 ألف جنيه».
جدران المنازل والمبانى الخاصة والعامة لم تخل أيضاً من العبارات المنددة بوزير الدفاع عبدالفتاح السيسى، وأعلن أصحابها من خلالها استمرارهم فى التظاهر ضد ما سموه ب«الانقلاب»، كان أشهرها العبارات التى دونت على جدران المدرسة الثانوية العسكرية: «لو السيسى معاه دكتوراه فى العناد.. إحنا معانا نوبل فى الصمود» و«إسلامية على طول.. رغم أنف الفلول»، وهو ما علق عليه الشاب: «التيار الإسلامى هنا قوى جداً، لدرجة إن الناس بتخاف تعلن إنها مع الجيش وإنها بتأيد السيسى، خصوصاً إن النتيجة ممكن تكون رصاصة نهايتها الموت، وما أكثر السلاح فى أيديهم!».
الخروج من العريش للوصول إلى الطريق الدولى الرابط بين مدن شمال سيناء، سلكه الشاب الثلاثينى، صاحب البشرة السمراء، من خلال المرور بكوبرى «سد الوادى»، الذى جرى بناؤه أعلى مجرى السيل ليربط طرفى مدينة العريش فى محاولة لتجنب السيول التى تغرق المدينة ويجعل الوصول إلى الطرف الثانى منها خلال سفن خشبية صغيرة وقت هطولها، حسب روايته.
يشير الشاب بسبابته إلى بقايا الحاجز الرملى المتهدم على الكوبرى، قائلاً: «الجيش كان قافل الكوبرى ومانع الناس من المرور، ودا أثر على عصارات الزيتون الواقعة الناحية التانية بعد الكوبرى وصعوبة وصول السيارات المقبلة من القاهرة إليها لتحميل الزيتون وتوزيعه على أنحاء الجمهورية، بس الحمد لله إنهم فتحوا الطريق علينا، الدنيا كانت قافلة وخانقة علينا، لدرجة إن الناس اللى كانت مؤيدة للجيش بدأت تزهق من تضييق الجيش عليهم».
لم يكن غلق الكوبرى وصعوبة وصول السيارات إلى عصارات الزيتون هما المؤثران على عمل العصارات فقط، فتجريف مزارع الزيتون القريبة من الطريق الدولى من جانب القوات المسلحة كان له التأثير الأكبر، وهو ما فسره الشاب: «الوضع عندنا فى سيناء محير، إحنا عارفين إن الجيش قطع شجر الزيتون القريب من الطريق الدولى عشان الجماعات المسلحة كانت بتستغل المزارع وتضرب العساكر الغلابة وهى واقفة تأدى خدمتها، بس برضه المواطن البسيط اللى بياكل ويأكل ولاده من الزيتون يعمل إيه؟ الناس بتحلم إن الجيش يعوضها عن زرعها، بس للأسف محدش عارف أى حاجة، والناس خايفة تتكلم لا هم قد الجماعات المسلحة ولا قد الجيش».
يمزح الشاب ساخراً: «أوعى تكتبى اسمى فى الجورنال واكتفى بالاسم الأول (محمد)، أنا لو الجماعات عرفت إنى باوصل صحفيين مش حيسبونى والرصاص هنا مفيش لا أكتر ولا أرخص منه، ولو الجيش عرف إنى اتكلمت عن الزيتون أو اعترضت على قفل الطريق ممكن أتحبس بتهمة إنى إرهابى». يصمت الشاب لوهلة متردداً فيما يقوله: «أنا أفهم إن الجيش يقبض عليا يعمل أى حاجة، بس دا فى الأول والآخر جيش بلدنا يهمه مصلحتها وأمنها القومى، بس إن فيه واحد زيى زيه يرفع عليا سلاح أو يهددنى بالقتل دى اللى ما اقدرش أستوعبها».
لم ينتهِ الشاب من كلماته عن الجيش حتى ظهرت أمامه مجموعة من 9 مدرعات، فضلا عن 4 سيارات حمولة «ربع النقل» بيضاء وسيارة ملاكى، تجمد «الشاب» فى مكانه حتى سمح للمدرعات والسيارات بالمرور، قائلاً: «دى حملة للجيش، والعربيات الربع نقل دى هى اللى بتضرب نار على الجيش، عشان كده الجيش بيلمها، والعربية الملاكى دى غير مرخصة».
ملامح السائق تبدلت وبدت أكثر حذراً واعتدالاً فى جلسته متشبثاً بطارة القيادة، ومتأهباً هو الآخر لحدوث أى شىء طارئ، سألته عن سبب هدوئه فى القيادة وعدم تخطيه خط سير الجيش ما دامت سيارته مرخصة، وهو ما استقبله الشاب متهكماً: «المشكلة مش فى السيارة، المشكلة إنى ما اقدرش أقرب من مدرعات الجيش أكتر من كده، عشان لو حصل هجوم عليها واشتباكات أكون بعيد».
200 متر كانت المسافة التى يراها الشاب آمنة لتجنب استهدافه حال حدوث هجوم على قوات الجيش، يضغط على زر الانتظار الخاص بالسيارة، محاولاً نقل رسالة إلى طابور السيارات التى اصطف وراءه بوجود قوة من الجيش أمامه، مردداً: «الدبابات فى الطريق ماشية فى النص، وببطء ما يقدروش يمشوا على جوانب الطريق عشان العبوات الناسفة».
ظهور طريق جانبى كان بالنسبة للشاب طوق النجاة من مدرعات الجيش، سلكه فى ثوانٍ معدودات، وما لبث أن شقها حتى سمعنا صوت طلقات نار لم نعلم مصدرها، لنجد أمامنا «مدقاً» ترابياً صغيراً يتخلل مزرعة للزيتون، أخبرنا الشاب أن هذا الطريق فتحه صاحب المزرعة لمرور السيارات من خلاله، بسبب الأكمنة المنتشرة على طول الطريق.
بسؤاله عن سبب اختيار الطريق الجانبى وعزوفه عن الطريق الدولى إلى الشيخ زويد، ضحك الشاب مردداً: «الطريق الدولى فيه عدد كبير جداً من الكماين، وبيكون زحمة عشان التفتيش الذاتى، فبالتالى هاخد وقت كبير لحد ما اوصل، دا غير إن ممكن تحصل حاجة على الطريق ويتقفل أو ظابط الجيش يرفض إنه يعدينى.
المسافة من العريش إلى الشيخ زويد يقدرها «محمد» بنصف الساعة فى الظروف العادية، تصل إلى الساعتين وربما الثلاث، إذا سلك الطريق الدولى ومر بالكمائن، وساعة ونصف الساعة حال اجتياز الطريق الجانبى، يقلب الشاب كفيه عاقداً حاجبيه مشيراً بسبابته إلى إحدى السيارات «المرسيدس» حمولة السبعة راكب: «سيارة المعبر محملة ناس من فلسطين، والله عيب علينا نخليهم يدخلوا من الطريق ده».
دقائق وخرج الشاب من الطريق الترابى ماراً بعدد من القرى ليعود مرة أخرى إلى الطريق الرئيسى الدولى، يخبرنا أن أمامنا «لفتين» قبل كمينى «الخروبة والبوابة»، خصوصاً أن هذين الكمينين مغلقان ولا يسمح لأحد بالمرور خلالهما، وهو ما يجعله يسلك الطريق الدولى وقبل كل كمين ينحرف يميناً ليتخذ طريقا فرعياً وسط مزارع الزيتون حتى يسير بشكل متواز مع الطريق الدولى متجاوزاً الكمين ثم يعود مرة أخرى للطريق.
طريق «السكاسة» كان من ضمن الطرق التى توقف أمامها «محمد» كثيرا، مجرد أن لمست سيارته أرض الطريق تجهم وجهه: «عمرى ما كنت أتوقع أمشى فيه، الطريق دا ما بيمشيش منه غير اللى معاه سلاح أو مخدرات أو سيارته غير مرخصة، أعزك الله بس نعمل إيه؟ الكماين ساعات بتقفل ومحدش بيعدى والطريق الدولى غير آمن، وكمان الكماين بتقفل الساعة 4 عشان الحظر فى الشيخ زويد بيكون على الساعة 4، فالناس بتلجأ إلى الطرق الفرعية».
كلمات «محمد» عن الطريق والكمائن جعلتنا نقرر الذهاب إلى الشيخ زويد من خلال الطريق الدولى وتجربة المرور بالكمائن، ليكون «الريسة» هو أول كمين نمر به خلال طريقنا، الطابور الواقف والممتد لمسافة تقدر ب300 متر كان كفيلاً بإرشادنا بوجود «كمين»، انتظرنا نحو نصف الساعة حتى جاء دورنا.
أخرج السائق أوراق السيارة ومنحها للعسكرى، الذى دقق بها وذهب إلى مقدمة السيارة ليتأكد من رقمها، طالباً منه أن يرفع زجاج سيارته حتى يتأكد من خلوها من اللاصق الأسود، ليكمل طلباته بفتح حقيبة سيارته ليفتشها، نظر المجند إلى المقعد الخلفى وحين رأى فتيات لم يطلب منهن أى هوية وطلب من السائق التحرك بعدما سأله عن وجهته.
أثناء وقوفنا بالكمين، لفت نظرنا طفل يبدو عليه أنه فى العام الرابع من عمره، يرتدى «تريننج» أحمر اللون ويلف حول كتفه وعنقه سلاحاً خشبياً أخضر، ويجلس على مقعد متهالك أمام الكمين، سألنا الطفل عن اسمه فأجاب «أحمد»، وعن نوع السلاح الذى يرتديه فأجاب بثقة «آر بى جى»، أخبرته بأنه يحمل بندقية «كلاشنكوف» رد بإصرار: «لا، آر بى جى».
يقطع حديثنا صوت عسكرى آخر منادياً على الطفل ومطالباً إياه بالوقوف بعيداً عن الطريق، يستمع إلى النصيحة ويرجع خطوات للخلف بعيداً عن السيارة، سألت الطفل عن سبب وجوده، ليرد الطفل مشاوراً على المبانى المواجهة للكمين: «أنا ساكن هناك وابويا بييجى يقعد مع العساكر بالليل ويجيب لهم الشاى».
تركنا الطفل الصغير لاهياً بسلاحه الخشبى، واقفاً لكى يؤمن الكمين مع عساكر الجيش، ونواصل طريقنا الذى بدا خالياً، فالجميع يفضل اتخاذ الطرق الفرعية تجنباً لتعرضه لأى مشاكل، واصلنا طريقنا حتى مررنا بنقطة تابعة لحرس الحدود التى أغلقت الطريق أمامها لنسلك الطريق المقابل العكسى حتى نمر من أمام الكمين، ونعود مرة أخرى إلى طريقنا الصحيح، الذى سلكته جميع السيارات، وبسؤال السائق عن سبب إغلاق الطريق أمام ذلك الكمين والسماح للسيارات بالسير فى الاتجاه العكسى حتى يتم تخطيه، أجاب: «دا كمين الشلاق وهو مغلق بعد الأحداث، وتقع بجواره نقطة تابعة للأمم المتحدة ونقطة تصدير الغاز لإسرائيل».
واصلنا الطريق واتخذنا طرقاً جانبية لنتمكن من دخول مدينة الشيخ زويد، خصوصاً أن كمين بوابة المدينة مغلق ولا يسمح لأحد بالمرور من خلاله بعد حادث انفجار السيارة المفخخة أمام القسم منذ شهرين، وأثناء طريقنا شاهدنا سيارات تابعة للأمم المتحدة (un)، وهو ما علق عليه السائق: «سيارات الأمم المتحدة تمر هنا بسلام ولا يتعرض لها أحد بسوء على عكس السيارات التابعة للجيش المصرى التى يجرى استهدافها بحجة أنهم كفار وخارجون على الشرعية»، يضحك السائق بتهكم: «المسلم يكفرونه، أما غير المسلم فتراه الجماعات الإسلامية المتشددة أنه شخص يمكن هدايته ودعوته إلى الإسلام، وحال عدم اعتناقه للدين الإسلامى يمكن توقيع الجزية عليه، وذلك بعد إقامتهم لدولتهم الإسلامية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.