سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الطيراوى»: أجهزة مخابرات عربية تمنعنا من الوصول إلى «القاتل» رئيس لجنة التحقيق فى مقتل «عرفات»: دول عربية وأجنبية رفعت الغطاء السياسى عن «الزعيم الفلسطينى»
كشف اللواء توفيق الطيراوى، رئيس اللجنة المكلفة بالتحقيق فى مقتل الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، عن أنه تأكد بنفسه من طاقم الخبراء السويسرى أن «أبوعمار» مات مسموماً بمادة البلونيوم، وأنهم سيلجأون إلى المحكمة الجنائية الدولية وسيضعون أمامها تلك الحقائق، مشيراً إلى أن إسرائيل هى المشتبه الأول فى واقعة «تسميم عرفات» والمستفيد الأول من اغتياله. وأوضح «الطيراوى»، الذى شغل منصب مدير جهاز المخابرات العامة الفلسطينية السابق، فى حوار ل«الوطن»، أنه لا يستطيع استبعاد فكرة أن يكون «فلسطينى» هو المتورط فى توصيل المادة السامة لعرفات، وألمح إلى أن كل الاحتمالات مطروحة، كما اتهم أجهزة مخابرات عربية بعرقلة التحقيق فى الواقعة، وحجب معلومات مهمة، مؤكدا أن اغتيال «أبوعمار» لم يكن ليحدث إلا بعد رفع دول عربية وإقليمية الغطاء السياسى عنه. وشدد «الطيراوى» على أنهم نجحوا فى تحديد المحرض والمتواطئ على ارتكاب هذه الجريمة، ويبقى لهم تحديد القاتل، الذى وصفه بأنه اليد التى استخدمتها إسرائيل لدس السم ل«عرفات». ■ لماذا تأخر التحقيق الفلسطينى فى اغتيال «أبوعمار» ست سنوات.. ولماذا فشلت اللجنتان السابقتان، هل كانتا شكليتين؟ - لا نستطيع أن نقول إنهما كانتا شكليتين، لكن ما حدث أنه كان هناك تقصير فى متابعة نتائجهما، وبالطبع سنشير إلى هذا التقصير وأسبابه فى تقريرنا، والمتسبب والمسئول عنه. ■ ما القرائن التى توصلت إليها لجنة التحقيق حتى اللحظة؟ - القرائن التى نمتلكها حتى اللحظة تؤكد أن إسرائيل هى المسئول الأول عن مقتل «أبوعمار»، لأننا لدينا تصريحات مسجلة للقيادات الإسرائيلية بدءا من 2001 وحتى وفاته عام 2004، سواء ل«شارون» أو إيهود أولمرت رئيسى وزراء الكيان الصهيونى الأسبقين، حيث قالا «إن أبوعمار يجب أن يختفى من الحياة»، و«أبوعمار إرهابى ويجب التخلص منه». وببساطة لا أحد مستفيدا من موت «أبوعمار» بالدرجة الأولى سوى إسرائيل لتتخلص من رمز المقاومة الفلسطينية. ■ وما آخر ما توصلت إليه التحقيقات من معلومات جديدة حتى الآن؟ - قطعنا شوطا كبيرا، وما زال أمامنا الكثير، فنحن لا نحقق فقط لتحديد من قتل «أبوعمار» بل نبحث عمن قصر فى حمايته؟ والمسئول عن تأخير التحقيق لمدة 6 سنوات والدول التى رفعت الغطاء السياسى عنه. وحتى الآن، توصلنا إلى الإجابة على أغلب هذه الأسئلة، وحددنا المحرض الذى يقف وراء الجريمة، وهى إسرائيل، وحددنا أداة الجريمة، ويبقى لنا التوصل لهوية القاتل، كما توصلنا لمعلومات مبدئية تمكنا من كشف هويته، لكننا لا نستطيع الحديث عنها الآن، لأن أحد الأطراف وهو إسرائيل تبعد عنا مسافة مترين ويمكنها أن تستفيد من أى معلومة، وتطمس الأدلة وتعيق التحقيقات. ■ ما الدول التى تقول إنها رفعت الغطاء السياسى عن «أبوعمار»؟ - دول عربية، وأجنبية كثيرة، تركته وحيدا، وليس من المصلحة أن نعلن عن أسمائها الآن، ويكفى أن أمريكا تواطأت، وأعطت إشارتين لإسرائيل بالموافقة على اغتياله، الأولى عندما قال بوش إنه «يسعى لانتخاب قيادة جديدة للشعب الفلسطينى»، والثانية، عندما صمت جورج بوش الابن على تهديدات «شارون» باغتيال عرفات. وأنا أتساءل: هل 21 دولة عربية لم تستطع فك الحصار عن ياسر عرفات؟ التقرير النهائى سيكشف كل هذه التفاصيل وأسماء تلك الدول وسيوجه لها اللوم بالطبع. ■ وهل نستطيع التعرف على الشخصيات التى حققت معها اللجنة؟ - هناك مئات الأشخاص خضعوا للتحقيق أو بشكل أدق «جرى الاستماع لأقوالهم» سواء من أصحاب الجنسية الفلسطينية أو الأجانب، ولا أستطيع كشف هوياتهم أو أقوالهم الآن، وأؤكد أن كل من استدعته اللجنة لسماع أقواله حضر ولم تحدث أى عملية مماطلة أو رفض. ■ هل حققتم مع أو استمعتم لأى طرف إسرائيلى؟ - لا طبعا، ولا نستطيع، نحن نعمل بعيدا عنهم تماما، ونعلم أنه من مصلحتهم أن يعيقوا التحقيق وربما يعبثون به. ■ هل تلقيتم أى مساعدة من أى من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية العربية للوصول للحقيقة؟ - للأسف، لا لم يقدم لنا أى مسئول عربى ولا أى جهاز استخباراتى ولا أمنى عربى أى دعم أو مساعدة، ولم يعطنى أى جهاز عربى أى معلومات، بالعكس بعض الأجهزة الأمنية العربية أعاقت سماع شهادات مسئولين بها ورفضت التعاون معنا وأعاقت التحقيق. ■ من خلال نتائج التحقيقات التى توصلت إليها اللجنة، هل نستطيع أن نتعرف ولو مبدئياً على الطريقة التى ربما يكون قُتل بها عرفات؟ - فى هذه الأثناء نحاول الوصول بدقة إلى «الأداة» التى قُتل بها أبوعمار، خاصة أن التقارير الطبية الصادرة سواء من الجانب السويسرى أو الروسى تحدثت عن اكتشاف معطيات جديدة فى جسم الرئيس السابق، لكنى لا أستطيع الحديث عنها حاليا لأنها فى طور التحليل والبحث والدراسة وتحتاج بعض الوقت للكشف عنها. ■ وهل دلت نتائج التحقيقات على الطريقة التى وصلت بها تلك المادة إلى جسد الرئيس الراحل؟ - فى العموم هذه المادة تصل لجسم الإنسان عبر 3 طرق، أولها الاستنشاق أو التناول بالفم أو الحقن. ■ حركة حماس اعتبرت بيان اللجنة المركزية فى فتح لا يرقى لمستوى الجريمة، ولا يتخذ إجراءات جادة لكشف المتورطين، ما ردكم على ذلك؟ - أعتقد أن آخر فصيل سياسى مسموح له بالحديث عن أبوعمار هو حركة حماس، فهم أناس غير حريصين سواء على تاريخ عرفات أو حتى دماء الشهداء، والدليل أنهم منعوا الشعب الفلسطينى وجماهير غزة من الاحتفال بذكرى وفاة الزعيم الاثنين الماضى، سواء من خلال الخطة الأمنية القمعية التى فرضوها أو اعتقال النشطاء والكوادر المعارضة لهم، وأقول لحماس «من يخاف من شعبه لا يستحق أن يكون جزءا منه». ■ هل هناك معلومات تدين جهة فلسطينية بالتواطؤ فى عملية الاغتيال؟ - هذا جزء مهم يدخل فى صلب التحقيق ولا أستطيع كشف أى معلومة عنه، وحققنا مع عناصر الدائرة المحيطة بالرئيس الراحل ولم نترك أحدا منهم. ■ هناك تقارير صحفية تتحدث عن إمكانية أن يكون المتورط فى توصيل مادة البلونيوم المسممة لعرفات، كان قريباً من الدائرة المغلقة له.. هل هذا صحيح؟ - هذه أقوال إعلامية لا يمكن أخذها بمحمل الجد حتى هذه اللحظة، لكنى لا أستطيع أن أُسقط من ذاكرتى أن من قتل الرئيس الراحل أنور السادات كان «مصرياً»، ومن اغتال الرئيس الأمريكى جون كيندى كان أمريكيا. كل الاعتبارات مطروحة لحين التوصل إلى الأداة والشخص الفاعل فى الجريمة. ■ وماذا عن الموقف التصعيدى حال إذا تأكدتم من تورط إسرائيل فى مقتل الرئيس ياسر عرفات؟ - سنتجه للمحكمة الجنائية الدولية بمجرد الوصول للمعلومات الكاملة عن القضية، لكن العائق الذى يواجهنا حاليا هو أن المحكمة الدولية لا تقبل أى دعاوى قضائية إلا إذا تأكدت أنها غير منظورة أمام أى هيئات قضائية أخرى، وفى هذه الأثناء هناك دعوة قضائية منظورة أمام القضاء الفرنسى أقامتها السيدة سهى عرفات، أرملة «عرفات»، وننتظر مصيرها، وحتى الآن لا يوجد عوائق لنا، لكن ربما نتعرض مثلاً للاعتقال أو الاستيلاء على المستندات التى تحصلنا عليها خلال فترة التقصى. ■ بحسب تقارير صحفية فإن التقرير الطبى السويسرى لم يجزم بنتيجة بشأن موت عرفات مقتولا، وتقول إنه توفى بسبب ارتفاع البلونيوم، فهل يعيق ذلك تقدمكم نحو المحكمة الجنائية؟ - تلك التقارير الصحفية غير صحيحة، فأنا توجهت بالسؤال إلى رئيس طاقم الخبراء السويسرى وقلت له نصاً «إذا سألتك المحكمة وقالت لك هل مات ياسر عرفات مسموماً ماذا ستقول؟» فقال لى «سأقول لهم نعم مات مسموماً». ■ لماذا اتهمت فرنسا بإخفاء معلومات مهمة حول مقتل أبوعمار؟ - هم يعرفون بدقة كيف قتل الرئيس الراحل؟ فهو كان يعالج عندهم، ولم يقدموا لنا أى معلومة، وطلبت من السفير الفرنسى أن يقدم إيضاحات رسمية حول موقفهم، فطلب منى مهلة حتى يتأكد من الأمر، ولا أزال انتظر تفسيرا رسميا منه. ■ هل استعنتم بأى فرق أجنبية للمساعدة على جمع الأدلة؟ - لا، لم يحدث، فريق التحقيق بكامله فلسطينى باستثناء التحاليل التى تمت بمعامل خارجية. ■ الرئيس الفلسطينى محمود عباس (أبومازن) أعلن، من القاهرة، أنكم ستدوّلون القضية سواء وصلتم إلى نتيجة أم لا.. كيف ذلك؟ - سأذهب للقاهرة للاجتماع بأمين عام جامعة الدول العربية، وسأطلعه على ما وصلنا إليه، وسنناقش الإجراءات القانونية، ولن نذهب لتدويل القضية إلا ونحن نحمل أدلة وليس مجرد قرائن، أدلة قادرة على إقناع اللجنة الدولية التى ستتولى التحقيق. ■ هل طلبت من القيادة السياسية الفلسطينية التدخل للضغط على تلك الدول لتقديم المساعدة والتعاون؟ - لا، لكنى طلبت من سفرائنا فى هذه الدول التدخل، وأطلب بشكل رسمى، لكننا أيضاً لم نتلق أى رد.