يوم الثلاثاء الموافق 25 يناير 2011، ذلك اليوم الخالد فى تاريخنا، نزل المصريون لأول مرة بعد عقود طويلة من السكات والصمت يصرخون فى وجه حاكم أسس ملكه على الفساد والاستبداد وطالبوه بالرحيل حتى «خُلع». كانت آخر مرة نزل فيها المصريون بزخم جماهيرى كبير للمطالبة برفع الظلم عنهم -قبل ثورة يناير- عام 1977 فى الانتفاضة الشعبية الشهيرة، أى أن الأمر تطلب مرور 34 عاماً حتى يتحرك المصريون من جديد، لكن الأمر اختلف كلياً بعد ثورة 25 يناير، إذ لم يتوقف المصريون بعدها عن النزول فى موجات بشرية عاتية للتأكيد على مطالبهم فى: العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، لم يطالب المصريون وقتها بإقامة دولة دينية فاشية، ولم يعبروا عن تمسكهم باستمرار الحكم العسكرى، بل أرادوها مدنية خالصة لوجه الوطن والمواطن. بعد النزول فى ثورة يناير والإطاحة ب«المخلوع» نزل المصريون ثانية فى نوفمبر 2011 لمطالبة المجلس العسكرى بتسليم الحكم، ولم يعودوا إلى بيوتهم إلا بعد أن خرج المشير محمد حسين طنطاوى معلناً على الشعب تسليم السلطة إلى رئيس مدنى منتخب فى 30/6/2012، ومن المعلوم أن جماعة الإخوان لم تنزل فى تظاهرات نوفمبر، بل وأنكرت تحرك الشباب للضغط على المجلس العسكرى لتسليم السلطة، لأنها وقتها كانت تريد التهام كعكة الانتخابات البرلمانية، فتركت الشباب يُقتل والبنات تُعرّى فى الشوارع، ورغم كل ذلك شاء الله أن يصل الحكم إلى «مرسيهم» فى النهاية. وقد ظنوا وقتها أن الأمور دانت وأن الدنيا «حليت» لهم، وكان ذلك هو الوهم بعينه، إذ لم تمض أكثر من ثلاثة شهور على تولى «المعزول» السلطة حتى نزل الناس إلى الشوارع ثانية وبدأت الموجة الثالثة لثورة يناير تختمر حتى حلت ساعة الانفجار فى 30 يونيو حين نزل الملايين ونجحوا فى إسقاط المعزول وجماعته. والسؤال هل يمكن أن تشهد مصر موجة «رابعة» من ثورة يناير؟ وماذا يكون هدفها؟ من حيث إمكانية اندلاع موجة «رابعة» لثورة يناير فهذا الأمر وارد جداً فى ظل عدم تحقق مطالب ثورة 25 يناير على أى مستوى من المستويات، فاستمرار السبب يؤدى بالبداهة إلى توقع حدوث الفعل، بل لقد تعقدت الأمور أكثر وأكثر بعد التجربة المريرة مع الإخوان، لكن يبقى أن هذه الموجة لن تكون كسابقاتها بحال من الأحوال، فالمحتمل أن تأتى أشد وأعظم رغبة فى اقتلاع جذور النظام المعادى لمطالب ثورة يناير أياً كان الثمن. وكل ما أخشاه أن يسيطر العنف على هذه الموجة، فى ظل حالة الاحتقان التى تعانى منها قطاعات مختلفة من المصريين، يملك كل قطاع منها أسبابه الخاصة فى هذا السياق.. أعين المصريين الآن «ترمى بشرر»!.