مع تزايد نشاط الحملة الداعية إلى ترشح الفريق أول عبدالفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية، أصبحت لدينا جماعتان فى مصر: جماعة الإخوان، وجماعة السيسان. أما جماعة الإخوان فمعروفة وقد اكتوينا بنار حكمها لمدة عام حتى أزاحها الشعب فى 30 يونيو، الجديد هو جماعة «السيسان»، من مناصرى ترؤس الفريق «السيسى» للجمهورية. وهى جماعة تضم مواطنين عاديين وشباباً وفنانين وبعض المثقفين، بالإضافة إلى بعض الوجوه الليبرالية. والمثير أن بعضاً من المحسوبين اليوم على جماعة «السيسان» كان يهتف بعد ثورة يناير بسقوط حكم العسكر، ويطالب المجلس العسكرى، برئاسة المشير «طنطاوى»، بتسليم السلطة إلى رئيس مدنى منتخب، وسبحان من يغير ولا يتغير! ويحتج الكثير من «السيسان» على انحيازهم لفكرة ترشح السيسى للرئاسة بعدد من الأسباب؛ أولها أن الساحة السياسية الآن تعانى فراغاً واضحاً فى الشخصيات التى يمكن أن تترشح لمنصب الرئاسة، ليختار المواطن من بينها من يحكم مصر خلال السنوات القادمة. فالبرادعى غرق فى بحر لجى من التشويه، دفعه إلى الفرار إلى الخارج، ليؤكد من جديد أنه لا يتمتع بنفسية مقاتل، وحمدين صباحى يعتبر «السيسى» بطلاً شعبياً، يداعب خياله الذى تحتله صورة جمال عبدالناصر بشكل كامل، وعبدالمنعم أبوالفتوح أسقط كل الأقنعة عن وجهه وأصبح لا يتوارى من فكرة أنه ما زال من الإخوان وأنه على درب الجماعة يسير. ثانى الأسباب يتعلق بالمعركة التى تخوضها السلطة حالياً، وسوف تستكملها مستقبلاً، ضد الإرهاب، تلك المعركة التى تفرض أن يكون على رأس السلطة فى مصر شخصية عسكرية قادرة على إدارتها. ويرفع «السيسان» سبباً أخلاقياً لدعم السيسى يتمثل فى رد الجميل، فهم يرون أن «الفريق» طوّق أعناقهم بجميل كبير، حين تحرك فى 3 يوليو لعزل مرسى، فحمى المصريين من حرب أهلية كانت متوقعة، وهو كلام صحيح طبعاً، لكنه يحمل قلباً للحقائق فالعامل الأهم فى التخلص من الإخوان ارتبط بغضب الشعب عليهم وعلى «مرسيهم» ونزوله إلى الشوارع للمطالبة بسقوطهم. والدليل على ذلك أن «السيسى» نفسه يؤكد فى كل مقام أنه تحرك بسبب غضب الشعب فى 30 يونيو، وأنه لا يريد الحكم. ولا خلاف على أن وصوله إلى كرسى الرئاسة سوف يمنح الكثير من الوجاهة لثرثرة الإخوان حول أن ما تم فى 3 يوليو انقلاب عسكرى وليس ثورة. ترشح الفريق «السيسى» للرئاسة يفرض عليه خلع «البدلة الميرى» وترك منصبه كوزير للدفاع والإنتاج الحربى، فهل يقوى الرجل على ذلك، وهل يستطيع «السيسان» النجاح فى تعويضه عن ذلك بالوصول إلى كرسى الرئاسة؟ أتصور أن أى عاقل يعلم أنه لم يعد هناك شىء مضمون فى هذا البلد بعد ثورة 25 يناير، لأن الشعب يمكن أن ينقلب فى لحظة، الأمر الذى يجعل دعوة «السيسان» لترشح «الفريق» للرئاسة شكلاً من أشكال اللعب بالنار، ويؤشر إلى أنهم مثل الإخوان: يطلبون مستحيلاً.