قدمت تيريزا ماي رئيسة الحكومة البريطانية، اليوم، أمام البرلمان تفاصيل خطتها للعلاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد بريكست والتي أثارت تنديد أوساط المال بلندن وأثارت مخاوف من احتمال حدوث شرخ في أغلبيتها الحاكمة. وتريد الحكومة الحفاظ على سهولة المبادلات التجارية بفضل إرساء "جملة من القواعد المشتركة" وتمكين قطاع الخدمات من الابتعاد عن المعايير الاوروبية وانهاء حرية حركة الافراد. وحين بدأ دومينيك راب الوزير المكلف بريكست تقديم الخطة امام مجلس العموم، احتج النواب بصخب واشتكوا من انهم لم يتلقوا نسخة من الوثيقة ما أجبر رئيس المجلس على تعليق الجلسة لدقائق. وتحدث اثر ذلك راب عن خطة حكومية "مبتكرة". -تململ اوساط المال- وبحسب الوثيقة فان لندن تريد اقامة "منطقة تبادل حر جديدة للسلع" بغاية الاستمرار في تجارة "من دون احتكاكات" بين المملكة والاتحاد. ومن شان ذلك ان يتيح عبر ارساء "ترتيب جمركي مبسط" ان يتم "تفادي حدود فعلية بين ايرلندا الشمالية وجمهورية ايرلندا" وهو خط احمر مشترك بين بروكسلولندن. اما قطاع الخدمات فسيكون موضوع اتفاق جديد يمنح المملكة المتحدة "حرية رسم توجهها الخاص في المجالات الاكثر اهمية في اقتصادها". واقرت الحكومة مع ذلك بانه بالنسبة لقطاع الخدمات فان مثل هذا الاتفاق سيؤدي الى "مزيد من الحواجز" مقارنة بالوضع الحالي وسيحرم المؤسسات المالية "جواز عبورها الاوروبي" الذي كان يتيح لها العمل بحرية في القارة الاوروبية. ونددت سوق لندن المالية ب "ضربة" موجهة اليها. وقالت مسؤولة في القطاع المالي البريطاني الخميس ان خطة بريكست التي وضعتها الحكومة البريطانية "ضربة حقيقية" لهذا القطاع المهم في لندن لأنها تضر بالوظائف وعائدات الضرائب والنمو. وقالت كاثرين ماكغينيس رئيسة مجلس الادارة المسؤولة عن السياسة في شركة "سيتي اوف لندن" في بيان ان "خطة بريكست التي نشرت اليوم ضربة حقيقية لقطاع الخدمات المالية والخدمات الحرفية المتعلقة به". واضافت "مع علاقات تجارية اقل قربا من اوروبا، فإن قطاع الخدمات المالية والخدمات المهنية المتعلقة به سيكون اقل قدرة على استحداث الوظائف وتحقيق العائدات الضريبية ودعم النمو". واشارت خطة الحكومة الى ان 1,4 مليار جنيه استرليني (1,85 مليار دولار، 1,58 مليار يورو) من الأصول تتم ادارتها في بريطانيا لحساب عملاء اوروبيين، وتجري في المنطقة المالية في لندن المعروفة ب"سيتي" معظم تعاملات الاتحاد الاوروبي للبنوك وشركات التأمين. اما بشأن تنقل الاشخاص فان ماي تريد اقامة "اطار جديد يحترم اجراءات التدقيق البريطانية على الحدود" مع تمكين المواطنين من التوجه الى بلدانهم. وارفقت الحكومة البريطانية هذه الخطة بمقترحات ل "شراكة امنية". وستبقى لندن عضوا في وكالتي يوروبول ويوروجاست وستطور اتفاقات "تنسيق" في قضايا السياسة الخارجية والدفاع. كما سيتم الحفاظ على "القدرات العملانية" المنتشرة حاليا في المملكة والاتحاد. وكانت ماي اكدت على هامش قمة الحلف الاطلسي ببروكسل ان هذه المقترحات تستجيب "لتصويت البريطانيين" للخروج من الاتحاد الاوروبي في استفتاء يونيو 2016. -معركة البرلمان- بيد ان هذه الخطة التي صادقت عليها الحكومة الجمعة كانت ادت الى استقالة وزيرين وأثارت مخاوف من تمرد داخل الاغلبية الحاكمة. وغذت استقالة الوزيرين انتقادات النواب البريطانيين المناهضين لاوروبا الذين اتهموا ماي بخيانة روح بريكست من خلال رغبتها في ابقاء صلة وثيقة مع الاتحاد الاوروبي. ورغم الاضطرابات فان ماي استطاعات حتى الان الحفاظ على موقعها على راس الحكومة. لكن العاصفة لم تمر. وينوي العديد من النواب المحافظين الاعتراض على خطتها من خلال المطالبة بتعديلات على مشروع قانون حول التجارة ستتم مناقشته الاسبوع المقبل في مجلس العموم. وقال النائب جاكوب ريس موغ المؤيد لبريكست بدون تنازلات ان هذه التعديلات تهدف فقط "الى مساعدة الحكومة على الوفاء بوعودها السابقة". ولا يزال رد فعل الاتحاد الاوروبي على المقترح غير معروف. وكان القادة الاوروبيون حذروا مرارا الحكومة البريطانية من انه من المستحيل حصر حرية الحركة بالسلع بدون الاشخاص والخدمات. واكد مصدر اوروبي ان "الاتحاد الاوروبي منفتح بالطبع على التسويات لكن ليس على تسوية من شانها تقويض اعمدة السوق المشتركة". ويفترض ان يتوصل المفاوضون الى اتفاق بحلول اكتوبر 2018 لتمكين البرلمانات الاوروبية ونظيرها البريطاني من المصادقة عليه قبل حلول موعد بريكست في 29 مارس 2019. وفي حال فشل المفاوضات فان خروج المملكة من الاتحاد من دون اتفاق سيعرض الجانبين الى اضطرابات كبرى. في الاثناء قال كبير مفاوضي الاتحاد الاوروبي ميشال بارنييه في تغريدة انه سيبدأ درس الخطة البريطانية وانه "يتطلع الى التفاوض مع المملكة المتحدة الاسبوع المقبل".