انتخابات النواب| محافظ أسيوط: انتهاء اليوم الأول من جولة الإعادة بالدائرة الثالثة    فيديو جراف| تسعة أفلام صنعت «فيلسوف السينما».. وداعًا «داود عبد السيد»    محمد معيط: الدعم في الموازنة 16 %.. ووصول خدمة الدين 49% يقلقني ويقلق المواطن أكثر من العجز    أسبوع حافل بالإنجازات| السياحة والآثار تواصل تعزيز الحضور المصري عالميًا    «الداخلية» تكشف مفاجأة مدوية بشأن الادعاء باختطاف «أفريقي»    عضو بالأرصاد: توقعات بأمطار متوسطة على السواحل الشمالية الشرقية اليوم    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    ما بين طموح الفرعون ورغبة العميد، موقف محمد صلاح من مباراة منتخب مصر أمام أنجولا    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    نيويورك تايمز: توجيه سري من ترامب لضرب 24 جماعة لتهريب المخدرات خارج الأراضي الأمريكية    أمم إفريقيا - لوكمان: تونس لا تستحق ركلة الجزاء.. ومساهماتي بفضل الفريق    إصابة 3 أشخاص في اصطدام توكتوك ب"ميكروباص" في الدقهلية    2025 عام السقوط الكبير.. كيف تفككت "إمبراطورية الظل" للإخوان المسلمين؟    هل فرط جمال عبد الناصر في السودان؟.. عبد الحليم قنديل يُجيب    لافروف: أوروبا تستعد بشكل علني للحرب مع روسيا    نوفوستي تفيد بتأخير أكثر من 270 رحلة جوية في مطاري فنوكوفو وشيريميتيفو بموسكو    ناقد رياضي: الروح القتالية سر فوز مصر على جنوب أفريقيا    أحمد سامى: كان هيجيلى القلب لو استمريت فى تدريب الاتحاد    لافروف: نظام زيلينسكي لا يبدي أي استعداد لمفاوضات بناءة    الدفاع العراقية: 6 طائرات جديدة فرنسية الصنع ستصل قريبا لتعزيز القوة الجوية    تفاصيل إصابة محمد على بن رمضان فى مباراة تونس ونيجيريا    حادثان متتاليان بالجيزة والصحراوي.. مصرع شخص وإصابة 7 آخرين وتعطّل مؤقت للحركة المرورية    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميل روبير الفارس لحصوله علي جائزة التفوق الصحفي فرع الصحافة الثقافية    نيلي كريم تكشف لأول مرة عن دورها في «جنازة ولا جوازة»    مها الصغير تتصدر التريند بعد حكم حبسها شهرًا وتغريمها 10 آلاف جنيهًا    آسر ياسين ودينا الشربيني على موعد مع مفاجآت رمضان في "اتنين غيرنا"    «زاهي حواس» يحسم الجدل حول وجود «وادي الملوك الثاني»    بعد القلب، اكتشاف مذهل لتأثير القهوة والشاي على الجهاز التنفسي    حمو بيكا خارج محبسه.. أول صور بعد الإفراج عنه ونهاية أزمة السلاح الأبيض    إيداع أسباب طعن هدير عبدالرازق في قضية التعدي على القيم الأسرية    محمد معيط: المواطن سيشعر بفروق حقيقية في دخله عندما يصل التضخم ل 5% وتزيد الأجور 13%    عمرو أديب يتحدث عن حياته الشخصية بعد انفصاله عن لميس ويسأل خبيرة تاروت: أنا معمولي سحر ولا لأ (فيديو)    خبير اقتصادي يكشف توقعاته لأسعار الدولار والذهب والفائدة في 2026    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    وزير الصحة يكرم مسئولة الملف الصحي ب"فيتو" خلال احتفالية يوم الوفاء بأبطال الصحة    القوات الروسية ترفع العلم الروسي فوق دميتروف في دونيتسك الشعبية    محافظ قنا يوقف تنفيذ قرار إزالة ويُحيل المتورطين للنيابة الإدارية    رابطة تجار السيارات عن إغلاق معارض بمدينة نصر: رئيس الحي خد دور البطولة وشمّع المرخص وغير المرخص    سيف زاهر: هناك عقوبات مالية كبيرة على لاعبى الأهلى عقب توديع كأس مصر    طه إسماعيل: هناك لاعبون انتهت صلاحيتهم فى الأهلى وعفا عليهم الزمن    نجوم الفن ينعون المخرج داوود عبد السيد بكلمات مؤثرة    صحف الشركة المتحدة تحصد 13 جائزة فى الصحافة المصرية 2025.. اليوم السابع فى الصدارة بجوائز عدة.. الوطن تفوز بالقصة الإنسانية والتحقيق.. الدستور تفوز بجوائز الإخراج والبروفايل والمقال الاقتصادى.. صور    الإفتاء توضح حكم التعويض عند الخطأ الطبي    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم في واقعة أطفال اللبيني    أخبار × 24 ساعة.. التموين: تخفيض زمن أداء الخدمة بالمكاتب بعد التحول الرقمى    سوريا تدين بشدة الاعتراف الإسرائيلي ب«أرض الصومال»    المكسرات.. كنز غذائي لصحة أفضل    أخبار مصر اليوم: انتظام التصويت باليوم الأول لجولة الإعادة دون مخالفات مؤثرة، تطوير 1255 مشروعًا خلال 10 سنوات، الذهب مرشح لتجاوز 5 آلاف دولار للأوقية في 2026    محافظ الجيزة يتابع أعمال غلق لجان انتخابات مجلس النواب في اليوم الأول لجولة الإعادة    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتي الجمهورية: فوضى الفتاوى سبب العنف والخراب

قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية: إن من تعظيم الله تعالى لشأن السلم أن جعله مساويًا للإسلام ومعنًى من معانيه ومقصدًا من مقاصده، حيث قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة} [البقرة :208]، فالسلم اسم من أسماء الإسلام، وهو دين الرحمة ودين الأمن ودين السلام، فقد جاء ديننا الحنيف ليرفع الظلم والعدوان عن المستضعفين، جاء الإسلام ليعمم مكارم الأخلاق، ولينشر الحق والعدل بين الناس، ولينقل البشرية من جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، وقد وصف الله تعالى رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم بكونه رحمة للعالمين، بل جعل رسالته صلى الله عليه وسلم مقصورة محصورة في هذه الوظيفة الراقية وظيفة الرحمة، وقد عبر سبحانه وتعالى بأسلوب الحصر والقصر عن هذا المعنى بقوله {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} [الأنبياء :107] .
وأما الأمن فقد جعله الله تعالى ثمرة من ثمرات التطبيق الأمثل لرسالات الأنبياء والمرسلين، حيث قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82].

الإسلام دين الحضارة وهو بعيد كل البعد عن الإرهاب ولم ينتشر بالسيف بل بالدعوة، والقتال شُرع للدفاع عن النفس
وأضاف المفتي، في كلمته الرئيسية التي ألقاها في مؤتمر "نشر السلام ودور الفتوى في تعزيزه" خلال زيارته الرسمية لجزر المالديف، أن من سمات الدين الإسلامي ومقاصده: السلم، والعدل، والأمن، والرحمة، للبشرية جمعاء بل للعوالم والأكوان من حولنا، ومن ثم فإن أي نشاط أو دعوة أو علم يدور في فلك هذا الدين العظيم أو يتحدث باسمه أو يزعم أنه يحقق مقاصده، ينبغي أن يكون محققًا لهذه المعاني السامية الراقية من نشر السلم والرحمة والأمن والعدل بين الناس، وكل فكر أو نشاط يحقق عكس هذه المعاني فلا شك أنه بعيد تمام البعد عن دين الإسلام وعن هدي رسول الإسلام ونبي السلام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
وأوضح المفتي، أن رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم قد مر في مراحل دعوته للإسلام الحنيف بمراحل وأطوار متعددة، من الاستضعاف بمكة المكرمة حيث بلغ المشركون حدًّا لا يوصف من إلحاق الأذى بالمسلمين المسالمين، فلما نزل عليه الوحي مسليًّا له طالبًا منه أن يأمر بإطباق الجبلين على المشركين انتقامًا منهم رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم عسى أن يهديهم الله تعالى أو أن يخرج من أصلابهم مَن يعبد الله تعالى، فالغرض ليس إلحاق الأذى والانتقام وإنما الغاية هدايتهم إلى طريق الله تعالى.
وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما هاجر من مكة إلى المدينة خالط جميعَ الأطياف بالمدينة وثنيين وكتابيين من اليهودية والمسيحية، وزاد عليهم المنافقون الذين دخلوا في الإسلام سرًّا ولكنهم كانوا يخفون العداوة لرسول صلى الله عليه وسلم بل للإسلام ذاته، وزاد عليهم الأعراب بجهلهم وخشونتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدعو إلا إلى السلم والرحمة والعفو والصفح الجميل.
ولما فتح الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وتمكَّن ممن آذاه وأصحابه الكرام، ما كان شعاره إلا: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، صلى الله عليه وسلم.
هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلك هي دعوته وسلميته، فمن أين أتى المتطرفون بكل هذا العنف والإرهاب باسم الله وباسم رسوله صلى الله عليه وسلم؟
الإسلام انفتح على الجميع الإسلام لم يأتِ إلا لنشر السلم والسلام الجهل بالإسلام وحقيقته وسماحته كان سببًا أكيدًا في نشر هذه الأفكار الضالة.. والنبي تعامل مع جميع الأطياف بالمدينة وثنيين وكتابيين من اليهودية والمسيحية
وقال مفتي الجمهورية: "إن كل منصف مسلمًا كان أو غير مسلم قرأ القرآن الكريم وطالع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته وأخلاقه الشريفة، في معاملة غير المسلمين سلمًا وحربًا ومعاملة وتجارة وبيعًا وشراء، ليعلم علمًا يقينيًّا لا شك فيه أن الإسلام لم يأتِ إلا لنشر السلم والسلام والأمن والرخاء بين الناس أجمعين، فإن الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم قد مكث ثلاث عشرة سنة كاملة في مكة يدعو إلى توحيد الله بالسلم والأمن والأمان، لم يستعمل عنفًا ولا سلاحًا، ولم يروِّع أحدًا".
ولفت إلى أنه مهما حاول بعض المسلمين المستضعفين أن يجابهوا تعذيب المشركين وظلمهم وقهرهم بالعنف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهاهم عن ذلك، ويأمرهم بالصبر ودفع الأذى بالإحسان والصبر والثبات والجلد.
وأضاف أنه لما انتقل صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وقويت شوكته وأصبح له دولة وجند وجيش وسلاح، لم يستعمل هذا كله إلا في دفع العدوان فقط ولم يكن هذا باجتهاد شخصي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو باجتهاد أحد من أصحابه، بل كان بوحي وإذن من الله تعالى في قرآن يتلى إلى قيام الساعة {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]، فقد جاءت الآية الكريمة بالإذن الذي يدل على المنع قبل ذلك، وحدد الله تعالى مجال هذا الإذن بحالة الدفاع عن النفس ودفع العدوان فقط بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190].
وأضاف المفتي أنه لا يجوز وفقًا لما سبق أن يدَّعي مدَّعٍ أن الله تعالى فرض القتال لنشر الإسلام، فهذه فرية قد تصدى لتفنيدها كثير من الكتاب والباحثين المنصفين من المسلمين وغير المسلمين، وبينوا ضلالها وبطلانها بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة، فالإسلام لم ينتشر إلا بالأخلاق المحمدية الحميدة. وما كان لهذا الدين أن يحقق هذا الرسوخ والانتشار الواسع خارج نطاق الجزيرة العربية إلا بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، والمعاملة الطيبة، والقدوة الصالحة، هكذا كان ديننا الحنيف وهكذا كانت أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي شوهت تلك الجماعات الضالة سنته ودعوته بنشر الأكاذيب والممارسات والأفهام المغلوطة.
وشدد مفتي الجمهورية على أنه من العقل والحكمة أن ندرك أنه لا سبيل البتة إلى نشر الأفكار والعقائد بقوة السيف، وقد قرر القرآن الكريم مبدأ أنه {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256]، ومبدأ الحرية في اختيار العقيدة التي يسير عليها كل إنسان بقناعاته الشخصية والعقلية {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]... فالإسلام دعوة سلمية في الدعوة إلى عقائدها، ومبادئها وأحكامها، وعلاقتها بالآخرين تقوم على المحبة والسلم لا على العنف والإكراه.
وأوضح أن من الأفكار الشاذة التي نشرتها هذه الجماعات وروجت لها أن العلاقة بين المسلم وغير المسلم تقوم على الكراهية والبغضاء والعداوة لمجرد اختلاف الدين والعقيدة، مع أن الله تعالى جعل هذا الاختلاف علة للتعارف والتعاون والتكامل بين أفراد الجنس البشري على اختلاف عقائدهم وألوانهم قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].
وأشار إلى أن ديننا الحنيف يدعونا معاشر المسلمين أن نكون مشاعل نور وخير وهدى وسلم وأمان للبشرية أجمعين، وإن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان يتعامل مع غير المسلم بيعًا وشراءً وقرضًا واستقراضًا وشركة ورهنًا وإجارة، وكل هذه الأنشطة الحياتية ما كانت لتؤتي أثرها الإيجابي البناء إلا إذا كانت عن تراضٍ ومحبة وتسامح وقلوب لا تعرف الشحناء والبغضاء إليها سبيلًا.

واستطرد مفتي الجمهورية قائلًا: "عندما نرصد ونحلل هذه الأفكار، نعلم يقينًا أن الجهل بالإسلام وحقيقته وسماحته، كان سببًا أكيدًا في نشر هذه الأفكار الضالة، حيث كان مبدأ ضلال وشذوذ هذه الجماعات أنها لم تسلك سبل العلم التي ورثناها عن أسلافنا الصالحين، حيث بينوا لنا البدايات والنهايات، والوسائل والمقاصد، وعلوم الآلة وعلوم الغاية والعوائق والمشاكل التي تعترض طالب العلم وكيفية مواجهتها والتعامل معها على الوجه الذي ينتج عالمًا متكاملًا واسع الفهم بالدين والواقع والمآلات والمقاصد الشرعية المرعية.
الجماعات الضالة سعت لنشر فتاوى الفوضى والعنف للسيطرة على مقاليد الحكم.. و أنشأنا الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم لتصحيح المفاهيم والأفكار الشاذة والمتطرفة عن طريق برامج تدريب للدعاة والعلماء من دول عديدة وإنشاء الموسوعات وعقد المؤتمرات
وأوضح أنه لما كانت ممارسة الفتوى أمرًا جليلًا وعملًا عظيمًا له أثره أو خطره على الناس والمجتمعات حيث اعتبر المفتي موقعًا عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد وضع العلماء والفقهاء لها من الشروط والآداب والضوابط ما يضمنون معها أن تكون الفتوى محققة لغرض السلم والأمن والرحمة بعيدة كل البعد عن الفوضى والعنف والإرهاب.
ولفت إلى أن الإفتاء من أهم النشاطات العلمية النابعة من دين الإسلام، لذا كان لا بد أن تكون محققة لذلك الهدف، فالفتوى هي التي تبين للناس حكم الله تعالى فيما يقع إليهم من حوادث، وينزل بهم من نوازل، ويجري عليهم من أمور مستجدات، من الضروري أن تحقق نفس المعاني السامية الراقية التي يدعو إليها ديننا الحنيف، فالفتوى المعبرة عن حكم الله تعالى لا بد أن تكون داعمة للسلم والأمن ، وليست داعية للظلم أو الإرهاب أو القتل والتكفير واستباحة الدماء بغير وجه حق، وإذا صدرت الفتوى من العلماء المتخصصين الراسخين في العلم الذين يبتغون وجه الله تعالى، أو من المؤسسات الدينية المختصة بالإفتاء لا يمكن أبدًا أن تؤدي إلى عنف أو قتل أو إرهاب.
واستعرض المفتي الشروط التي أقرها العلماء التي يجب توافرها فيمن يقوم بمهمة الإفتاء ومنها: أن يكون مدركًا فاهمًا للنصوص الشرعية، وعالمًا بمواطن الإجماع، وباللغة العربية وبأصول الفقه ومقاصد الشريعة وأن يكون فقيه النفس، وأن يكون مدركًا للواقع، وأن يكون قادرًا على تنزيل النصوص على الواقع، وكل شرط من هذه الشروط به من التفاصيل والدقائق ما لا يتسع المقام لذكره، والغرض أن نعلم أن الفتوى بعيدة كل البعد عن الممارسة العشوائية الفوضوية، بل هي صناعة علمية دقيقة لا يتقنها إلا الراسخون في العلم الذين يتقون الله تعالى ويعظمون العلم والشريعة غاية التعظيم.

وقال مفتي الجمهورية: "مما لا شك فيه أن العالم الإسلامي والمجتمع العالمي قد عانى كثيرًا في الآونة الأخيرة من كثرة تصدر غير المؤهلين للفتوى، نتيجة لانتشار الأفكار المتطرفة والمتشددة من جهة، ومن جهة أخرى لاتساع رقعة التعبير الإعلامي وسهولته من قنوات فضائية ووسائل تواصل اجتماعي متاحة ومباحة لكل من ينشر خيرًا أو شرًّا أو فكرًا معتدلًا أو متشددًا على السواء، وهذا واقع لا بد من تفهمه والتعاطي معه كما هو حيث لا سبيل إلى تجاهله أو إنكاره، حتى نستطيع أن نقدم البدائل الجيدة التي تنقذ المجتمعات من براثن هذه الأفكار الشاذة المتطرفة".
وأضاف: "لقد نتج عن انتشار فوضى الفتاوى وعدم الالتزام بالمعايير والضوابط والشروط التي وضعها العلماء الكرام كأساس لممارسة لفتوى وألفوا فيها الكتب والمصنفات الجليلة العظيمة – مزيد من الفوضى والدماء والعنف والخراب الذي لم يعد قاصرًا على الأفراد أو الكيانات الصغيرة بل تطور حتى دمر مجتمعات وبلادًا بأسرها؛ ومن ثم فقد أصبح التكاتف والتعاون من أجل محاصرة هذا الفكر الشاذ المتطرف أمرًا لا بديل عنه ولا ينبغي التواني عنه أو تأجيله بحال".
وأوضح أن هذه الجماعات الضالة نتج عنها فكرة جاهلية المجتمعات وتكفير الناس بعامة واستحلال الدماء والأعراض، ومحاولة السيطرة على مقاليد الحكم عن طريق نشر فتاوى الفوضى والعنف وإذاعة الأفكار العنيفة الشاذة بين الناس واستقطاب الشباب والشابات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وللأسف الشديد رغم فساد أفكارهم فقد حققوا شيئًا مما يطمحون إليه على أرض الواقع.
وأشار إلى أن هؤلاء قد أظهروا ديننا الحنيف الذي يدعو إلى نشر الحب والأمن والسلام والحرية، ويجعل ذلك حقًّا للمسلم وغير المسلم باعتباره إنسانًا، جعلوه دينًا لنشر العنف فنفروا الناس منه وصدوا الخلق عنه، وشُوهت صورة الإسلام السمح عند غير المسلمين، وأصبح المسلم مطالبًا في كل مكان أن يثبت للناس أنه ليس إرهابيًّا وأنه بريء من هذا الفكر الشاذ، فأصبحوا خطرًا على الدين الذي يتكلمون باسمه ويزعمون التمكين له والعمل على عودة خلافته، وهذا أيضًا يحتم علينا أن نعمل على إعادة تحسين صورة الإسلام وإظهارها بوجهها الحقيقي السمح الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غير المسلم ومع المسلم على حد سواء.

وعرض المفتي لمجهودات دار الإفتاء المصرية وتجربتها الفريدة في مواجهة الفكر المتطرف والشاذ، قائلًا: "دَعَوْنا جميع المسلمين شرقًا وغربًا إلى إنشاء مؤسسة عالمية للإفتاء هي الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وكان لهذا الحدث العظيم مؤتمر تأسيسي اتفقت فيه جميع الأطراف من كافة المؤسسات الدينية في العالم على ضرورة وجود هذه المؤسسة الجامعة، ووضعنا الآليات والاستراتيجيات والبرامج والخطط وقبل ذلك الأهداف بالتعاون مع جميع الدول المشاركة في تأسيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم. وقد خرجت هذه المؤسسة إلى النور منذ ثلاثة أعوام، مضطلعةً بكثير من القضايا والمهام الدعوية والعلمية، على رأسها نشر صورة الإسلام الصحيح بجميع لغات العالم، وقضية تصحيح المفاهيم والأفكار الشاذة والمتطرفة عن طريق برامج تدريب للدعاة والعلماء من دول عديدة وإصدار موسوعات كبيرة لمناقشة هذه الأفكار الشاذة، وعقد المؤتمرات العالمية التي تعنى بالشؤون العامة والهامة للمسلمين كان آخرها المؤتمر المنعقد في العام الماضي تحت عنوان دور الفتوى وأهميتها في المحافظة على الاستقرار في المجتمعات".
وأشار إلى أن الأفكار والمؤتمرات والجهود التي تبذلها الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تتوالى كمؤسسة عالمية تنصهر فيها جهود وأفكار وطموحات العلماء المشاركين من أنحاء العالم، لكي تحقق ما نصبو إليه من وجود مؤسسة عالمية تعمل كحلقة وصل بين كافة المؤسسات المعنية، وأيضًا كمؤسسة عالمية تواجه الفكر الشاذ والمنحرف بأسلوب عصري فريد على المستوى العلمي والفكري والتقني.
وأكد المفتي أن إدراك الدور المؤسسي الهام الذي تضطلع به الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في مجابهة الأفكار المتطرفة والشاذة أمر في غاية الأهمية، حيث يعزز من فرص التواصل والتعاون وتبادل الخبرات والمعلومات، التي تزيد من قوة وقدرة المؤسسات الدينية العالمية على توقع مسارات هذه الأفكار والقضاء عليها قبل انتشارها وقبل تدمير المجتمعات التي تنتشر بها.
وأضاف: "إن مؤسساتنا الدينية حينما تتوحد صفًّا واحدًا في محاربة الإرهاب والفتاوى الشاذة فلا شك أن هذا سيصب مباشرة في مصلحة وأمن المجتمعات واستقرارها، وسوف يضيق على المنبع الأول للإرهاب، وهي تلك الفتاوى المضللة التي تصدر عن سدنة التطرف والإرهاب في العالم، وقد تدرج أمر العبث بالفتوى من الشكل العشوائي الفردي إلى الشكل المتعمد الممنهج والمدروس المخرج بدقة وبعناية بواسطة أحدث الأساليب العصرية والإعلامية مما جعل وقوع كثير من الشباب في شرَك هؤلاء الإرهابيين أمرًا واقعًا مشاهدًا، وإن لم نعمل باجتهاد وجد حتى نسبقهم إلى قلوب الشباب وعقولهم فإن النتائج بلا شك ستكون وخيمة. ومن ثم، فإن الواجب والرسالة التي تحملها الأمانة على عاتقها وتأمل أن تصل رسالتها إلى علماء العالم أجمع أن تتوحد كلمتهم وجهودهم في محاربة فوضى الفتاوى ونشر السلم والأمن في كافة المجتمعات.
ولفت إلى أن المجتمع العالمي يتحرق شوقًا إلى الدور الهام الذي تقوم به المؤسسات الدينية الوسطية في إزاحة شبح التطرف والإرهاب الجاثم فوق صدرها، فلم يترك مجتمعًا من مجتمعات العالم إلا وبث سمومه وإرهابه فيه، فلا بديل للمسلمين عن المنهج الوسطي الذي تتبناه المؤسسات الدينية وهو المنهج الأزهري الذي تتبناه دار الإفتاء المصرية وتعمل على نشره، وبناء أسس الإفتاء الصحيح عليه.
وأضاف أن علماء المنهج الوسطي لم يقصِّروا في نشر صورة الإسلام الصحيح، ولم يألوا جهدًا في الرد على هذه الأفكار الشاذة ومجابهتها بالعلم الصحيح والأدلة الناصعة، لكن الأمر قد تجاوز دور العلماء وقدراتهم حيث تبنَّت هذه الجماعات الضالة التي سخرت الفتوى في نشر الرعب والعنف والإرهاب كيانات وأجهزة معادية للإسلام، وقد أمدوهم بكل الإمكانات المادية فتخطى الأمر ساحة المواجهة الفكرية بالحكمة والموعظة الحسنة إلى ساحات القتال والاقتتال، وقد قدم الجيش المصري إلى جانب الشرطة في هذا المضمار أروع ملاحم الفخر والبطولات في حماية الأوطان.
وشدد مفتي الجمهورية في نهاية كلمته على أن الدور الهام الذي تلعبه الحكومات والمؤسسات السياسية والعسكرية بجانب المؤسسات الدينية، والتعاون الكامل بين الدول والمؤسسات في هذا الصدد سيؤدي حتمًا إلى النجاح وإلى محاصرة هذا الفكر الظلامي المتطرف، ومحاصرة تلك الفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.