فى صيف 2010 وطأت قدما "لؤي محمد الأمين" طائرة الخرطوم - القاهرة في مهمة يعتبرها "علمية وإنسانية" لدراسة الدكتوراة بقسم الحشرات الاقتصادية والمبيدات بكلية الزراعة جامعة القاهرة, والتي حملت عنوان "دراسات على المكافحة المتكاملة للباعوض". يقول لؤي:"تخرجت في كلية الزراعة جامعة السودان 2002، وحصلت على ماجستير من نفس الجامعة عام 2006 .. كان عندي فضول لدراسة الدكتوراة في بلد آخر حتى أتعرف على ثقافة شعب جديد وعمل علاقات جديدة. كان عندى فرصة للسفر للصين، لكني اخترت مصر لأنها أقرب جغرافيًا وثقافيا لنا كشعب". حمل لؤي على كتفيه حقيبة متعلقاته الشخصية صوب القاهرة، ويحمل في عقله واقعًا مريرًا لوطنه الذي يئن تحت وطأة ملايين المصابين وآلاف الموتى سنويًا بسبب مرض الملاريا الذي يسببه كائن أولي يسمى "البلازموديوم" يُنقل بواسطة حشرة الباعوض. يقول لؤي:"الملاريا تعتبر من أكبر المشاكل الصحية في السودان حيث يصاب بها 7.5 مليون شخص، يموت منهم حوالى 35 ألف سنويًا، كما تتسبب في خسائر بالإنتاج الزراعى". ويضيف:"الباعوض ينتشر في المناطق المدارية الرطبة وشبه المدارية والمناطق الحارة وأي مكان فيما عدا المناطق المتجمدة، وتعيش أطواره في المياه كما في البرك والمستنقعات والمجاري والترع وحاويات المياه المختلفة، وله أنواع كثيرة أخطرها "أنوفليس"، وأخطر الأمراض التي ينقلها هذا النوع هو مرض "الملاريا"، "الكيولكس" وأخطر الأمراض التي ينقلها "الفلاريا"، و"أيديس" "الحمى الصفراء". ويتابع:"حمى الخوف من تفشي الأمراض التي يسببها الباعوض انتقلت لأوروبا نتيجة للتغير المناخي وارتفاع درجة الحرارة، لذا بدأوا في الإسراع بعمل دراسات متخصصة لهذه الأمراض للوقاية منها قبل حدوثها". خطورة الباعوض كما يرصدها "لؤي" في أنه ينقل الأمراض إلى أكثر من 700 مليون شخص سنويًا ويتسبب في موت 1 من كل 17 شخصًا، ويصاب حوالي 300 - 500 مليون شخص سنويًا بالملاريا في جميع أنحاء العالم، وينتج عنها (1.4 - 2.6) مليون حالة وفاة، % 90 منها في قارة أفريقيا، كما يموت طفل واحد من كل خمسة أطفال، ويموت طفل كل 30 ثانية، و100 مليون شخص يدخلون حاجز الفقر سنويًا بسبب تكاليف العلاج من هذا المرض. ويشير إلى أن البيئة في الجنوب أكثر ملائمة من الشمال لانتشار الباعوض حيث كثرة الزراعة وارتفاع نسبة الأمطار، ورغم معارضته لفكرة انفصال الجنوب عن الشمال إلا أنه لايجد مانعًا في أن يمد خبرته للجنوب السوداني الذي تنتشر فيه الإصابة بالملاريا أكثر من الشمال .. يضيف:"إذا دعت الضرورة ليس عندي مانع". ويرى لؤي في جامعة القاهرة واحدة من "أهم الجامعات في الوطن العربى وتضم خبرات رائعة من الأساتذة" .. لكن المشكلة دومًا تكمن في "الحاجة للدعم من حيث المعامل والإمكانات المادية". ويبقى حلمه إيجاد فرص أو وسائل فعالة وآمنة لمكافحة الباعوض دون اللجوء لاستخدام الكيماويات أو المبيدات ذات الأثر السلبي على صحة الإنسان والبيئة"، وأن تكون رسالته "خدمة الإنسانية في شتى بقاع الأرض وبخاصة دول العالم الثالث".