انتظام التصويت بالسفارة المصرية في الرياض    الرقابة المالية تحدث المؤشر المرجعي للتسعير المسئول لتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    جامعة أسوان تشارك في احتفالية عالمية لعرض أكبر لوحة أطفال مرسومة في العالم    إيران تعزي ليبيا في رئيس الأركان    تواصل الاشتباكات الحدودية بين تايلاند وكمبوديا    بحضور بوتين.. مجلس الاتحاد الروسي يوصي الخارجية بالعمل على حوار مع واشنطن والتوصل لتسوية دائمة في أوكرانيا    بث مباشر.. الجزائر تبدأ مشوارها في كأس أمم إفريقيا 2025 بمواجهة نارية أمام السودان في افتتاح المجموعة الخامسة    ضبط المتهم بالتعدي على شخص باستخدام عصا في كفر الشيخ    وكيل تعليم الإسكندرية: مدارس التكنولوجيا التطبيقية قاطرة إعداد كوادر فنية لسوق العمل الحديث    أحمد سعيد عبدالغني يودع ابن عمته طارق الأمير    وزير التعليم العالي يعلن أسماء 50 فائزًا بقرعة الحج    قرار جمهوري بتجديد ندب قضاة للجنة التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية    مدافع من سيتي وآخر في تشيلسي.. عرض لتدعيم دفاع برشلونة من إنجلترا    مانشستر يونايتد يضع نجم لايبزيج على راداره لتعزيز صفوفه الصيف المقبل    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    تسليم 2833 بطاقة خدمات متكاملة لذوي الإعاقة بالشرقية    السكة الحديد: تطبيق التمييز السعري على تذاكر الطوارئ لقطارات الدرجة الثالثة المكيفة.. ومصدر: زيادة 25%    سبق تداوله عام 2023.. كشفت ملابسات تداول فيديو تضمن ارتكاب شخص فعل فاضح أمام مدرسة ببولاق أبو العلا    جريمة قتل في شبرا الخيمة: تأجيل محاكمة الترزي المتهم بطعن سيدة حتى الموت    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بقيمة 7 ملايين جنيه    190 عامًا من التشريع لرعاية الأطفال.. كيف تصدرت مصر حماية الطفولة عالميا؟    أسماء الأباصيري تنال درجة الماجستير في الإعلام بتقدير ممتاز    شقيقة طارق الأمير تنهار بعد وصول جثمانه لصلاة الجنازة    حسام بدراوي يهاجم إماما في المسجد بسبب معلومات مغلوطة عن الحمل    «الصحة» تعلن تقديم أكثر من 1.4 مليون خدمة طبية بمحافظة البحر الأحمر خلال 11 شهرًا    بالأعشاب والزيوت الطبيعية، علاج التهاب الحلق وتقوية مناعتك    "البحوث الزراعية" يحصد المركز الثاني في تصنيف «سيماجو» لعام 2025    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    أمم أفريقيا 2025| تفوق تاريخي للجزائر على السودان قبل مواجهة اليوم    إيمان العاصي تجمع بين الدراما الاجتماعية والأزمات القانونية في «قسمة العدل»    أمم إفريقيا – براهيم دياز: سعيد بتواجدي في المغرب.. والجمهور يمنحنا الدفعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 24-12-2025 في محافظة قنا    وزير الري يحاضر بهيئة الاستخبارات العسكرية ويؤكد ثوابت مصر في ملف مياه النيل    الداخلية تكشف حصاد 24 ساعة من الحملات المرورية وضبط أكثر من 123 ألف مخالفة    محمد بن راشد يعلن فوز الطبيب المصري نبيل صيدح بجائزة نوابغ العرب    ڤاليو تتعاون مع تاكتفُل لتعزيز تجربة العملاء عبر حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة    بولندا: تفكيك شبكة إجرامية أصدرت تأشيرات دخول غير قانونية لأكثر من 7 آلاف مهاجر    بعد تعرضه لموقف خطر أثناء تصوير مسلسل الكينج.. محمد إمام: ربنا ستر    ميدو عادل يعود ب«نور في عالم البحور» على خشبة المسرح القومي للأطفال.. الخميس    لأول مرة في التاريخ.. الصادرات الهندسية المصرية تسجل 5.9 مليار دولار    حمادة صدقي: منتخب مصر فاز بشق الأنفس ويحتاج تصحيحا دفاعيا قبل مواجهة جنوب أفريقيا    هاني رمزي: أتمنى أن يبقى صلاح في ليفربول.. ويرحل من الباب الكبير    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    الصغرى بالقاهرة 11 درجة.. الأرصاد تكشف درجات الحرارة المتوقعة لمدة أسبوع    كيف واجهت المدارس تحديات كثافات الفصول؟.. وزير التعليم يجيب    بدء اجتماع الحكومة الأسبوعى ويعقبه مؤتمر صحفي    رئيس هيئة الرعاية الصحية: مستشفى السلام ببورسعيد قدكت 3.5 مليون خدمة طبية وعلاجية    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    دبابات الاحتلال الإسرائيلي وآلياته تطلق النار بكثافة صوب منطقة المواصي جنوب غزة    رئيس دولة التلاوة    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    بوتين يرفض أى خطط لتقسيم سوريا والانتهاكات الإسرائيلية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 ديسمبر    واشنطن في مجلس الأمن: سياسات مادورو تهدد أمن الولايات المتحدة    ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال على غزة إلى 70،942 شهيدًا و171،195 مصابًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام الحر.. العودة إلى المنابع
نشر في الوطن يوم 26 - 10 - 2013

يجب التأكيد مجدداً على أن الإسلام هو الإسلام وليس المسلمين، هو القرآن والسنة الصحيحة فقط، وقد اكتمل الدين فى اللحظة التى أعلن فيها القرآن هذا، وبالتالى فكل ما زاد على ذلك مجرد اجتهاد بشرى يصيب ويخطئ، والإسلام الحر ليس إسلاماً آخر، وإنما الإسلام نفسه فى طبعته الأولى الأصلية دون أقنعة أو تلوين سياسى أو اجتماعى من أجل مصالح فئوية. إنه عودة لمنابع النهر الصافية: القرآن والسنة الصحيحة.
ومعظم التيارات التى انبثقت فى التاريخ الإسلامى فهمت الإسلام وفق فهم بشرى (خاص)، وليس فى هذا عيب، وإنما العيب عندما يزعم فصيل أن فهمه للإسلام هو الحق المطلق، وما سواه باطل مطلق! وهنا منشأ التكفير والتفجير، والانشقاق والصراع المميت، ولذا يجب العمل على تحرير التصور الأصل من الشوائب المشوهة التى لحقت به، سواء من البدع فى مجال العبادات أو الابتداع فى مجال السياسة؛ حتى يبرأ الأصل من شبهات الصور المزيفة له، ويعود هذا الأصل إلى جذره «الحر» فى أصوله الأولى النقية: القرآن والسنة الصحيحة.
وبداية تحرير المفهوم تكون باللغة، لكنها ليست اللغة فى عالمها الضيق الحرفى، بل اللغة فى فضائها الحر، واللغة فى هذا الفضاء هى صورة الفكر؛ فالفكر هو الذى يصنع اللغة، فهى صورته وليست أصله، على عكس بعض تيارات التعصب والانغلاق التى تفكر حسب حرفية اللغة فتقع فى التشدد، حيث يصبح المعنى أسير الحرف!
فصفة «حر» ليس معناها هنا «الحرية» فقط كما قد يتوارد إلى الذهن، وأيضاً «الحر» ليس مرادفاً ل«ليبرالى» فى معناه الغربى الضيق. «الحر» هنا وصف للإسلام بسمة جوهرية فيه، ومعناه متعدد الدلالات؛ فالحر هو «الخالص pure من الشوائب» مثلما نقول: «ذهب حر أو ماس حر»، أى نقى خالص لا يشُوبه مَعْدِنٌ آخَرُ، وهذا هو إسلام القرآن والسنة قبل الصراع على السلطة، وقبل نشوء الفرق؛ فمن المعروف أن بداية ظهور الفرق فى تاريخ المسلمين كانت بسبب الاقتتال على الخلافة.
والحر أيضاً هو «الأصيل»، يقال «فَرسٌ حُرٌّ أى عتيقُ الأَصْل». وبهذا المعنى، فإننا نريد الرجوع بالإسلام إلى أصالته قبل أن يلونه البعض بمواقفه السياسية ومصالحه الدنيوية من أجل السلطة أو الثروة أو الهيمنة الاجتماعية أو العلو فى الأرض، والحُرُّ هو «الكريم والشهم»، مثلما نقول «رجل حر»، والإسلام فى أصالته هو الإسلام الكريم والشهم، ولا معنى للكرم والشهامة دون إكرام الآخر والدفاع عنه وحمايته، أياً كان الآخر، ومن هنا نفهم معنى الإجارة لمن يستجير وحماية من يطلب الحماية حتى ولو كان فيه ما فيه.. تقول أم هانئ: ذهبت إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عام الفتح، قلت: يا رسول الله، زعم ابن أمى أنه قاتل رجلاً قد أجرته «فلان بن هبيرة»، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ»، وأيضا الوفاء بعهد الأمان لمن أعطيناهم هذا العهد ولو كانوا كفاراً، يقول الرسول الحر (صلى الله عليه وسلم): «ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس: فأنا حجيجه يوم القيامة»، (رواه أبوداود، وهو صحيح).
والحُرُّ هو «الجزءُ الظَّاهر من الوجه»، فالإسلام الحر ليس دين الأقنعة، ولا التلون، ولا العمل السرى، ولا الحياة تحت الأرض، ولا المواربة، ولا النفاق؛ ظاهره كباطنه، يقول ما يفعل، ويفعل ما يقول.
والحُرُّ من القوْل أَو الفِعل «الحسن منه»، يُقال: «هذا من حُرِّ الكلام»، والإسلام الحر، لا يعرف لغة التخوين، ولا القذف، ولا «الشتيمة»، وهو ضد من إذا حدث كذب، وإذا خاصم فجر فى القول أو الفعل، والمرأة «الحُرَّةٌ»، هى المرأة الشريفة التى لا تبيع عرضها، ومبادئ الإسلام «حرة» بهذا المعنى؛ فهى لا تباع ولا تشترى، من أجل حفنة دولارات، ولا إرضاء دولة عظمى أو صغرى! والحُرُّ فى اللغة أيضا هو «الخالص من الرقّ»؛ والإسلام حر، لأنه لا يمكن أن يخضع لمستعمر ولا أن يكون مطية لحزب سياسى أو جماعة تسعى إلى السلطة، فقد جاء لا ليحرر الإنسان من العبودية لغير الله وحده، وإنما أيضاً ليحرره من سلطة رجال الدين، ومن تضليل المتحدثين باسم الله، أو طلاب السلطة أو ثروات رجال الأعمال.
والحر أيضاً صفة تنطبق على القائل بالحرية والمؤمن بها، والإسلام حر، لأن الحرية فى التصور الإسلامى حق إنسانى أصيل، والحرية هى القدرة على الاختيار فى الحياة أو العقيدة أو السياسة دون خضوع لتأثير خارجى أو إكراه معنوى أو مادى أو تهديد بحرق الوطن، ففى الإسلام الإنسان حر بحكم المولد، قال الفاروق لحاكم مصر، عمرو بن العاص، عندما اعتدى ابنه على مسيحى: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟».
والحرية فى الإسلام الحر تحافظ على الدماء والأموال والأعراض وحق التفكير وحق الاعتقاد؛ فلا تكفير للأفكار، ولا إهدار للدماء، ولا قطع للطريق، ولا تعطيل للمصالح العامة، ولا إجبار على اعتناق مذهب، بل لا إجبار على اعتناق الإسلام نفسه، والأولى لا إجبار للآخرين على أن يعيشوا نفس النمط من الحياة الذى أحياه أنا، فللإنسان حق ممارسة الحرية طالما لا يضر نفسه أو الآخرين وفق القوانين، فالحرية فى الإسلام هى الحرية الملتزمة، وهى ضد الفوضوية التى ترجع فلسفياً إلى الفردية المطلقة عند شميت وشترنر وبرودون وباكونين فى الغرب، وإلى القرامطة فى تاريخ المسلمين.
والسؤال: ما موقف الإسلام الحر من الصراع على السلطة، وفقه الاختلاف والمصالحة، والتكفير، وإهدار الدماء، والحرية فى المجال العام والخاص، وقطع الطريق، والجهاد، والاجتهاد، وصراع الطبقات، والرأسمالية المتوحشة، والصراع الموهوم بين الولاء للدين والولاء للوطن؟
الحديث مستمر، بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.