الأعلى للجامعات يعلن إصدار دليل الهوية البصرية الرسمي للمجلس    الوطنية للصحافة: صرف مكافأة نهاية الخدمة للمحالين للمعاش خلال يوليو غدا    أين هم الآن «معتصمو رابعة والنهضة» ؟    سدود الأمل.. درع سانت كاترين في مواجهة السيول وحصاد مياه المطر    ختام معسكر الإعداد للفرق المتقدمة لبرنامج ما قبل الاحتضان بحاضنة Biocluster بجامعة حلوان    وزير الصناعة يتفقد مصنع "الجلاد ستيل" لانتاج الصاج المسحوب على البارد- فيديو    البورصة تربح 22 مليار جنيه بختام تعاملات أول الأسبوع    وزير الرى يتفقد مجرى نهر النيل فى 6 محافظات لمتابعة إزالة الحشائش    وزير البترول الأسبق يوضح أسباب تراجع إنتاج الغاز في مصر    نتنياهو يزعم: فترة عملية السيطرة على غزة ستكون سريعة    52 شهيدا بينهم 26 من طالبي المساعدات منذ فجر اليوم بغزة    أحزاب إسرائيلية تتجه لحل الحكومة رفضًا لخطة احتلال غزة    نجم الزمالك السابق: ريبيرو معندوش الكفاءة لقيادة انسجام الأهلي    فيريرا يستقر على تثبيت تشكيل الزمالك أمام المقاولون    سمير عمر: النصر في النهاية سيكون لأصحاب الحق والأرض والرواية الصادقة    الداخلية تكشف حقيقة فيديو سيدة تطرق الأبواب وهى تحمل سكين فى الجيزة    ابنة عامر منيب تكشف حقيقة إساءتها لأشرف زكي    مندوب فلسطين بالجامعة العربية: قرار عربي يعتبر عدوان إسرائيل اعتداءً على جميع الدول    راحة بال وسكينة داخلية.. أيام هادئة تنتظر 4 أبراج محظوظة    ممثلون من 70 دولة يتوافدون على مطار القاهرة للمشاركة فى المؤتمر العالمي للإفتاء    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    حركات يفعلها طفلك تدل على معاناته من إصابة خطيرة    أشبه بالمعجزة.. والد الطفل "علي" المصاب بضمور العضلات يكشف تطورات حالة نجله    بسنت شوقي تجرب "حمام الثلج" لأول مرة: "مستحيل أعمله في مكان أحلى من الساحل"    الأمن الغذائى    اتحاد عمال الجيزة يضع خطته للتأهيل والتدريب المهني    عبد الصادق الشوربجي: زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا تعكس تقدير الرئيس لدور الصحافة المصرية    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يطلق استمارة المشاركة في مسابقات الدورة العاشرة    «الصحة» تنظم زيارة لمستشار الرئيس الكولومبي لتفقد منشآت طبية    بحوزته كمية كبيرة من البودرة.. سقوط «الخفاش» في قبضة مباحث بنها بالقليوبية    الداخلية تكشف ملابسات واقعة التعدي على صاحب محل بشبرا الخيمة    بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري وشركة "بيرنس كوميونتي"    سعر الأسمنت اليوم الأحد 10- 8-2025.. بكم سعر الطن؟    الإمارات ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    الجوازات والهجرة تواصل تقديم خدماتها للمترددين عليها    تفاصيل لقاء أشرف زكى مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية.. صور    تفاصيل انتهاء المدة المحددة للتظلم على نتيجة الثانوية العامة 2025.. فيديو    حبس المتهم بإلقاء ماء نار على طليقته فى الوراق    "كيف وأين ولماذا مات؟!".. محمد صلاح يهز عرش الاتحاد الأوروبي بتساؤلات جريئة حول استشهاد بيليه فلسطين.. صحف العالم تحتفي بشجاعة "الفرعون" فى مواجهة يويفا.. و800 شهيد حصيلة جرائم الإبادة الإسرائيلية بحق الرياضيين    إصابة 6 أشخاص بينهم طفلة بإطلاق نار جماعى فى بالتيمور الأمريكية    زلزال بقوة 3.7 ريختر يضرب عاصمة مدغشقر ويثير قلق السلطات    الصحة: حملة "100 يوم صحة" قدّمت 38.3 مليون خدمة طبية مجانية خلال 25 يومًا    تحرير 125 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات خلال 24 ساعة    السيسي يوافق على صرف البدل النقدي المقترح من الحكومة للصحفيين    النصر السعودي يتعاقد مع مارتينيز مدافع برشلونة    بيلد: النصر يتوصل لاتفاق مع كينجسلي كومان.. وعرض جديد لبايرن    كهرباء الإسماعيلية يتعاقد مع لاعب الزمالك السابق    موعد إجازة المولد النبوي 2025 وأبرز مظاهر الاحتفال في مصر    ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: تجربة المدينة المنورة في العهد النبوي نموذجا يحتذى به في جهود النهوض بالأمة    أمين الفتوى يوضح حكم الصلاة أو الصيام عن المتوفى غير الملتزم وطرق إيصال الثواب له    مهرجان القلعة يعود في دورته ال33.. ليالٍ موسيقية بنكهة عربية وعالمية    محاولة تفجير فاشلة.. محاكمة المتهمين في قضية «خلية المطرية الإرهابية»    فران جارسيا يربح رهان ألونسو ويثبت أقدامه في ريال مدريد    طارق يحيى: ريبيرو يعاني في قراءة المباريات.. والزمالك حقق انطلاقة موفقة    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    مقتل 6 جنود لبنانيين بانفجار ذخائر أثناء محاولة تفكيكها في جنوب لبنان    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أري رؤوساً تدعو للمواطنة.. وهي تفكر في الطائفية!

هناك أمران مهمان في الثقافة الإسلامية في كل جوانبها العقيدية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية هما:
1 الحرية. 2 السلام.
1 أما عن الحرية: فالإسلام يكفل لكل إنسان الحرية بجميع أشكالها وربما يستغرب البعض أن لفظ الحرية لم يتكرر في التراث الإسلامي فيظن لقلة خبرته بالتراث أن الحرية ليست أصلاً في هذا التراث الذي جاء فيه الحديث عن الحر والعبد، وربما يتعزز لديه ظن السوء بأن في كتب الفقه الإسلامي بابا عن الرق والرقيق والعبيد والإماء ومذاهب الفقهاء في تحديد وتنظيم العلاقة بين السادة والعبيد أو الجواري ولكننا نلاحظ هنا ملحوظتين: إن حديث القرآن والسنة عن الإنسان بوصفه إنساناً تمثل الحرية ماهيته الأصلية.
فالإنسانية لاتكتمل إلا بالحرية لأنها الأصل ولم يكن الرق إلا ظرفاً طارئاً علي الإنسان في ظروف طارئة في التاريخ البشري في مرحلة من المراحل، فالإنسان يولد حراً، ولعلنا نلحظ هنا أن الأمة أو الجارية في تلك الظروف كانت إذا ولدت من صاحبها فإنه يولد حراً منسوباً إلي أبيه وله جميع الحقوق وعليه جميع الواجبات التي لأخيه المولود من حرة، بل إن ولد الجارية كان له أن يتولي الخلافة علي الدولة الإسلامية بل كان هذا المولود يحرر أمه وينقل نظام التعامل معها فلا تعود جارية بعد الولادة كما كانت من قبل، وإنما تعد أم ولد لها نظام في التعامل مختلف، وهذا المعني أكده عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- عندما أنب والي مصر عمرو بن العاص عندما ضرب ولده مواطنا مصريا فقال عمر لعمرو متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.
والقرآن والسنة مليئان بالأحاديث والآيات التي تعد العبودية ظرفا طارئا نتيجة لنظم اجتماعية وسياسية كانت تفرض المعاملة بالمثل في الحروب التي لم يكن لها ضابط في أزمنة غابرة سوي النهب والسلب والتوسع فلم يكن بإمكان المسلمين تنفيذ أوامر القرآن والسنة بتحرير العبيد تحريراً شاملا وعاما في الدولة الإسلامية، مادام العدو يسترق أبناء المسلمين وبناتهم، وإلا فقد كان الإسلام أحرص علي إزالة هذا الظرف الطارئ في حياة إنسان حر يقع أسيرا. وملحوظة ثانية في عقيدة الإسلام الأساسية أن طلاقة الإرادة الإلهية، الواسعة العامة المهيمنة لا تحجب الإرادة الإنسانية الحرة ولا دوره في الحياة، ولذلك يستحق الإنسان الثواب أوالعقاب عن عدل الله سبحانه، فالإنسان بوصفه خليفة الله في الأرض لابد أن تترك له الحرية الكاملة لكي يحدد لنفسه بكامل حريته عقيدته ودوره في الحياة، وهو مسئول مسئولية كاملة عن اختياره لعقيدته ودوره وأعماله الإرادية.
وبمقتضي هذه الحرية التي أرادها الله للإنسان الحر أن يرفع الله عن الإنسان ضغط أحد علي أحد إذا كان هو سبحانه لم يضغط علي أحد، فإذا لم يكن هناك جبر وإكراه من الله علي الإنسان فلا جبر أو إكراه من إنسان علي إنسان، يقول تعالي: "لا إكراه في الدين" (البقرة 652) وجعل مهمة الرسول التذكير والبلاغ والتعريف بالإسلام فقط دون جبر عليه قال تعالي:"فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" (الغاشية 12) وقال سبحانه: "ما علي الرسول إلا البلاغ" (المائدة 201).
وقد خلق الله الإنسان في أصل خلقته دون تأثر بأي من المؤثرات مهيأ بفطرته التي هي أصل الخلقة لاختيار أي من الطريقين الخير أو الشر علي قدم المساواة في التخيير، صحيح أن الإنسان يولد علي الفطرة النقية الصافية، ولكنه مستعد استعداداً متساوياً لأي اختيار يريده لنفسه بعد ذلك، إذا يقول تعالي: "ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها" (الشمس 7 - 8).. ويقول سبحانه: "وهديناه النجدين" (البلد: 01) أي الطريقين: الخير والشر.
فالرسل ليسوا إلا معلمين للبشرية، وليسوا مكلفين بقمع إرادة الإنسان وحريته في اختيار طريقة حياته وعقيدته وليس عليهم إلا تبليغ ما كلفوا بتبليغه يقول تعالي: "ليس عليك هداهم" (البقرة: 272)، أي ليس عليك إجبارهم علي الهدي: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" (الكهف: 92).
والذين يقولون إن آية "لا إكراه في الدين" تلك الآية التي تمثل القاعدة الراسخة في تقرير الحرية الدينية التي سبق بها الإسلام كل الأنظمة السياسية في احترامها لحرية الإنسان في اختيار عقيدته الدينية.. لا يفهم القرآن ولا يعي مساقات الآيات والربط بينها والظروف التي نزلت فيها كل آية منها.
وإذا كان يظن أن مثل قوله تعالي: "فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد" (التوبة: 5)، أو مثل قوله تعالي: "يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم" (التحريم 37)، قد نسخت "لا إكره في الدين"، فإن هذا الظن مبعثه قصور الفهم في أن سورة التوبة تمثل ما نسميه في عصرنا "قانون الطوارئ" وهو مؤقت مرتهن بابتداء العدو قتال المسلمين، فحينئذ وفي هذا الظرف الطارئ الذي بدأ فيه الأعداء القتال بعد أن نقضوا العهود، فإنه يؤذن للمسلمين أن يقاتلوا من اعتدي عليهم أو نقض العهد معهم، وقصور الفهم إنما ينشأ من النظرة التجزيئية لآيات القرآن وعزل سياقاتها بعضها عن بعض، فيظن أن كل آية عامة في كل الظروف ومجردة عن كل المناسبات فيقع في الخلط والخطأ، وإلا فالمبدأ العام عدم مصادرة الحريات وعدم قمع الناس وإجبارهم أو مقاتلتهم، كما قال تعالي: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" (البقرة: 091) ويقول سبحانه: "فإن قاتلوكم فاقتلوهم" (البقرة: 291).
2- وإذا كان هذا هو المبدأ العام فيما يتعلق بحرية الاعتقاد، ومن ثم ما يلي الاعتقاد من حرية التفكير والتعبير والحرية في مجال السياسة وفي مجال الاقتصاد وفي الحياة الاجتماعية، فإن الإسلام يعطي الأهمية البالغة للسلام، حتي أن الإسلام مشتق من السلام، فالسلام قرين الحرية، وصنو الأمن سواء كان السلام الاجتماعي أو ما نسميه السلم الأهلي أو السلم الدولي، فكل أنواع السلام هي غاية الإسلام ومقصده من تحقيق الحرية، والإحسان المتداول بين الناس في المعاملات والسلم بينهم مرتبط بهذا الإطار "أنت حر ما لم تضر" والقاعدة الأولي في أصول الفقه الإسلامي "نفي الضرر" حيث أصلها حديث رسول الله- صلي الله عليه وسلم- بقوله: "لا ضرر ولا ضرار"، فالأمن والسلام هما ضمان الحرية، وبدونهما يفقد الناس هذه النعمة نعمة الأمن، وإذا فقد الإنسان أو فقد المجتمع نعمة الأمن فقد نعمة الحرية.
وهذا المدخل أو هذه القاعدة "ارتباط السلام والحرية" كان طابع الحياة في الدولة الإسلامية الأولي وطيلة حياة الرسول- صلي الله عليه وسلم- سواء في فترته نبياً ورسولاً أو في فترته نبياً ورسولا وحاكماً.
وإذا لاحظنا أنه عليه الصلاة والسلام أغض من شأن المرتد إذا ارتد عن الإسلام ولم يمثل خطراً علي الجماعة أو علي المجتمع أو دولة الإسلام يوم كتب صلح الحديبية، وأنه صلي الله عليه وسلم لم يكن يفعل ذلك بعد ذلك، فليس لأنه كان ضعيفاً يوم الحديبية وكان قوياً بعدها، فرسول الله- صلي الله عليه وسلم- لم يكن "ميكيافيلياً"، ولم يكن يخاف عند الضعف ويشتد عند القوة، ويوم أحد شاهد علي ذلك، ولكنه صلي الله عليه وسلم بوصفه حاكماً يقصد السلم الاجتماعي والسياسي لما رأي العابثين بالحرية الدينية، وأن المرتد كان عندما يرتد عن عقيدته الإسلامية يأوي إلي القوة السياسية الأخري، كما أن العلاقات الدولية كلها في ذلك الوقت وفيما بعده بقرون حتي ظهور الثورة الفرنسية كانت تقوم علي الأساس الديني، والتعصب الديني، فكان يعامل المرتد علي أنه رجل انحاز إلي معسكر الأعداء أو أحدث شرخاً في المجتمع من حيث السلم الاجتماعي، وفي ضوء ذلك يفهم قوله- صلي الله عليه وسلم- "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدي ثلاث" منها "التارك لدينه المفارق للجماعة"، فالتارك لدينه فعل عقدي، والمفارق للجماعة فعل سياسي، كانت عقوبة الردة حينئذ عقوبة سياسية كعقوبة أي جاسوس في عصرنا يهدد الأمن القومي، لأنه فارق جماعته الوطنية وانحاز إلي معسكر الأعداء ودولتهم وتجسس لهم.
ولذلك كانت كل الأحاديث التي وردت في موضوع الردة تعني هذا الانشقاق السياسي أو "الفتنة" علي حد تعبير القرآن الكريم، ومن ثم ارتبط الحديث في القرآن في آية واحدة بين الفتنة والردة، حيث قال سبحانه "والفتنة أشد من القتل" أي أنها توجب القتل، ثم قال في نفس الآية "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر" ولم يرتب عقوبة دنيوية بل رتب عقوبة أخروية، وهذا يعني في الفهم المستقل أن الردة ما لم تحدث فتنة فعقوبتها أخروية، فإذا ارتبطت بالفتنة كانت العقوبة بمقدار ما يحدث من فتنة حتي يصل العقاب إلي القتل لأن من يفعل ذلك يكون تاركاً لدينه مفارقاً للجماعة، وفي ضوء هذا البيان لبعض الأحاديث ببعض، وفي هذا السياق قال رسول الله- صلي الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه".
وإذا وجد في عصرنا من يتبجحون بالردة، ولا يرعون مشاعر أهل العقائد ولا النظام العام الذي يقوم عليه المجتمع، فإن الحرية الدينية هنا يجب أن تقاس بمقياس السلم الاجتماعي، فالمرتد لا رده الله إذا كانت ردته مقصورة عليه ولا تمثل خطراً علي السلم الأهلي أو الأمن العام، فقد كان المنافقون في دولة الرسول- صلي الله عليه وسلم- يعيشون في أمان وهم معروفون بأسمائهم والقرآن يكشفهم، وكانت ألسنتهم تفضحهم، وقد قال الله تعالي: "ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول" (محمد: 03) وقد رفض صلي الله عليه وسلم أن يقتل المنافق "أبي بن سلول" لأنهم كانوا جماعة خاضعين ممتثلين للنظام العام لا خطر منهم علي الجماعة الوطنية، مع أنهم كما قال القرآن لرسول الله صلي الله عليه وسلم: "ولا تصل علي أحد منهم مات أبداً ولا تقم علي قبره، إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون" (التوبة 48) فلم يصل عليهم ولم يقم علي قبر أحد منهم ولكن لم يقتل أحداً منهم. أما إذا تجاوز المرتدون فارتدوا عن الإسلام، ثم راحوا يبغون الفتنة، ويشترون ضعاف الناس، أو يهاجمون العقائد في استغلال سيئ للحرية الدينية التي يكفلها الإسلام، ويطالبون بتكوين طوائف، ثم تخصيص مقاعد في المجالس النيابية أو المحلية ثم تخصيص وزراء، وتخصيص محافظين ورؤساء جامعات وادعاء الاضطهاد الديني ابتغاء نشر الفوضي التي نراها ضارية مخربة لمجتمعات حولنا حتي يصل الأمر بين الفرق والطوائف حد الهرج والمرج والقتل وانعدام الأمن بطبيعة الحال حتي يفر من يقدر علي الفرار ويهاجر ويترك بلاده للفوضي.
لابد إذن من تحقيق الحرية والسلام كما يحتمهما الإسلام مرتبطين وحذار من الإنزلاق خاصة أنني أري رءوسا تدعو إلي المواطنة وفي نفس الوقت هي تفكر تفكيراً طائفياً.. ماذا تريد أكثر من الحرية والسلام إذا ربط بينهما العدل والشوري والمساواة.
علماً بأن أي حرية تهدد السلام الاجتماعي ليست حرية، وإنما هي تتجاوز الحرية إلي الطائفية والتخريب وليس التخريب بأكثر من السماح لتيارات هدامة، بعضها منشق علي الأديان وبعضها ليس من الدين علي الإطلاق، وهي في سبيلها لتكوين طوائف تفتح باباً للتنازع والصراع الاجتماعي والتفكك السياسي والفكري، ومن ثم أري منع هذه التيارات؛ لأنها ضد السلام الاجتماعي وبالتالي تكون ضد الحرية أو تكون صورة بشعة لسوء استخدام الحرية لأنه لا يعلو علي السلام الاجتماعي.. ومن أراد أن يعتنق شيئاً من هذه التيارات ففي داخل نفسه متسع لذلك، ولا يجوز أن يخرج إلي الناس أو يطالب بكيان خاص أو طائفة تشجع غيره، لأن يسلك سبيل الطائفية أيضاً، ويكفينا ما أشرنا إليه من حال بعض المجتمعات المجاورة التي تعمها الفوضي ويعجز بعضها حتي عن تكوين حكومة؟ أنريد مصر مثل هذه المجتمعات؟.. أظن لا تكون حرية تلك التي تؤدي إلي هذه الفوضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.