دخلت ألمانيا وبريطانيا على خط أزمة فضيحة التجسس الأمريكية على رؤسائها ورؤساء وزرائها، بعد أن أعلنت الحكومة الألمانية استدعاء وزارة خارجيتها للسفير الأمريكى فى برلين، لبحث قضية التجسس على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بعد أن كشف المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت، عن أن الحكومة الألمانية تلقت معلومات حول أن الولاياتالمتحدة قد تكون تنصتت على هاتف ميركل، وهو ما ردت عليه الولاياتالمتحدة بالنفى والتأكيد على أنها لا تراقب اتصالات المستشارة الألمانية. فى الوقت ذاته، قالت صحيفة «ديلى تليجراف» البريطانية، إن المتحدثة باسم البيت الأبيض كايتلين هايدن، أكدت فى تصريحات خاصة لها أن الولاياتالمتحدة لم تستهدف هاتف رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون أبدا، مشيرة فى الوقت ذاته إلى أن البيت الأبيض لن يقدم نفس التطمينات بشأن المستشارة الألمانية، وهو ما اعتبرته الصحيفة تمييزا ستنظر له برلين، على الأرجح، على أنه دليل آخر على التجسس على هاتف المستشارة الألمانية، مؤكدة أن واشنطن لم ولن تتجسس على مكالمات كاميرون أبدا. من جانبهم، أكد مسئولون ودبلوماسيون ألمان، أن صياغة عبارات البيت الأبيض التى احتوت عبارات تم اختيارها بعناية واستخدام أفعال أزمنة المضارع والمستقبل وتجنب استخدام صيغة الماضى، يؤكد أن الولاياتالمتحدة تحاول التنصل مما ارتكبته بالفعل. فى السياق ذاته، افتتح قادة دول الاتحاد الأوروبى قمتهم -أمس- فى بروكسل، على وقع فضيحة التجسس الأمريكية واسعة النطاق فى أوروبا، والتى طالت فرنساوألمانيا وبريطانيا، إضافة إلى دول أمريكا اللاتينية والمكسيك. وعلى الرغم من أن مسائل الاستخبارات من صلاحيات الدول وليس الاتحاد الأوروبى ككل، فإن بعض البلدان، لا سيما فرنسا، تعتزم اغتنام الفضيحة للدفع نحو إقرار اقتراح للمفوضية الأوروبية يتعلق بحماية البيانات الشخصية، بعد أن تعثر لأشهر طويلة. وينص الاقتراح على أن يتم فرض الحصول على موافقة مسبقة من مستخدمى الشبكة، على شركات الإنترنت الكبرى، لاستخدام بياناتهم تحت طائلة فرض غرامات عليها. من جانبه، طلب البرلمان الأوروبى - أمس الأول- من المفوضية الأوروبية تعليق الاتفاق الأوروبى الأمريكى المشترك حول نقل البيانات المصرفية الذى جرى توقيعه فى إطار مكافحة تمويل الإرهاب، إلا أن المفوضية رفضت، مشيرة إلى أنها لا تمتلك أى أدلة على حصول انتهاكات للنص الموقع عام 2010، وأنها تنتظر ضمانات خطية طلبتها من واشنطن. فى السياق ذاته، قال برنار سكوارسينى -رئيس إدارة الاستخبارات الداخلية السابق فى فرنسا- إن بلاده تقوم أيضاً بالتجسس على الأمريكيين، مشيراً -فى تصريحات لصحيفة «لوفيجارو» الفرنسية أمس- إلى أن الأجهزة تدرك بشكل جيد أن جميع البلدان، بما فى ذلك الدول الحليفة التى تتعاون فى مكافحة الإرهاب، يرصدون بعضهم البعض، مؤكدا أن فرنسا تتجسس على الولاياتالمتحدة بهدف الدفاع عن المصلحة الوطنية لشركاتها. من جانبها، قالت وكالة أنباء «أسوشييتدبرس» الأمريكية، إن حلفاء الولاياتالمتحدة كانوا على علم بأنها تتجسس عليهم، إلا أنه لم يكن لديهم أى فكرة عن مدى التجسس على الاتصالات الخاصة بهم، وفى الوقت الذى يتنامى فيه الغضب الدولى على فضائح التجسس الأمريكية، هناك أيضاً حسابات لمدى الغضب الذى يمكن الوصول إليه بسبب الشراكة الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة واعتبارات المصالح، فيما اعتبرت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية، أن مزاعم التجسس الأمريكية، خصوصا المتعلقة بالمكسيك، تؤثر بشكل كبير سلبا على العلاقات الثنائية بين البلدين، وتهدد باتخاذ المكسيك خطوات أمنية وافتراضية لضمان وحماية أمنها من التجسس الأمريكى، مشيرة إلى أن المكسيك وجهت تحذيرا شديد اللهجة إلى الولاياتالمتحدة بشأن تعرض العلاقات بين البلدين للخطر بسبب التحركات الأمريكية للتجسس.