في الساعة التاسعة والربع من مساء غدٍ الجمعة، يلتقي منتخبنا الوطني، نظيره الكولومبي، على ملعب «أتلتي أزوري» في إيطاليا، في إطار استعدادات المنتخبين لأكبر تظاهرة رياضية في العالم «مونديال روسيا 2018». رياضيًا، يضم منتخب كولومبيا كوكبة من أفضل اللاعبين حول العالم، ومنهم: فالكاو، وخاميس رودريجيز، وخوان كوادرادو، وشارك في بطولة كأس العالم 5 مرات، إضافة إلى 21 مشاركة في بطولة «كوباأمريكا»، وترتبيه السادس عشر في قائمة أفضل المنتخبات في العالم. لكن بعيدًا عن كرة القدم، هل تعرف أنَّ الشعب الكولومبي هو «أسعد شعب في العالم»؟، وأنَّ أشهر تاجر مخدرات في العالم نشأ في هذه الدولة اللاتينية؟. «نريد أن نحيا حياة بسيطة»، هذا هو السر وراء سعادة الكولومبيين، في دولة تعاني من حروب العصابات وتجارة المخدرات وانتشار الفساد في الأجهزة الحكومية. في كولومبيا لن تجد حالات الاكتئاب والإدمان على الإنترنت المنتشرة في دولٍ متقدمة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا وفي دراسة أعدّتها مؤسسة «وين جالوب الدولية للأبحاث» شملت 68 دولة، خلصت النتائج إلى أنَّ كولومبيا من أكثر البلدان سعادة في العالم. وعدّد الصحفي جيمس بارجنت مراسل صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، أسباب السعادة التي يعيشها الشعب الكولومبي. يقول «بارجنت»: «في كولومبيا لن تجد حالات الاكتئاب والإدمان على الإنترنت المنتشرة في دولٍ متقدمة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا، إذ يفضل الكولومبيون، قضاء أوقاتهم في الاستمتاع مع العائلة والأصدقاء». والسر في هذه السعادة- وفق الصحفي في «واشنطن بوست»- أنَّ الكولومبيين لا يدعون الحزن يتسرّب إلى نفوسهم أو أن يتخذ حيزًا من حيواتهم. ودائمًا ما يبحثون عن السعادة مع الأصدقاء والعائلة، كما يقدرون الأشياء الصغيرة في حياتهم كاحتساء كوب قهوة صباحًا. وجغرافيًا، فكولومبيا جزء من «حلقة النار»، وهي تلك المنطقة في العالم المعرضة للزلازل وثورات البراكين، وتنقسم إلى 6 مناطق رئيسية، ويحدها من الشرق فنزويلا والبرازيل، ومن الجنوب الإكوادور وبيرو، وشمالًا بنما والبحر الكاريبي، ومن الغرب إكوادور والمحيط الهادئ. عاش حياة مليئة بالجرائم لا تبدأ بتهريب أطنان من المخدرات جابت العالم، ولا تنتهي بقتل الآلاف «بابلو إسكوبار»، بالتأكيد سمعت عن هذا الاسم سابقًا، وإن لم تكن تعرَّف هذا الشخص فهو أشهر تاجر مخدرات عرفه العالم حتى يومنا هذا، والذي تناول قصة حياته مؤخرًا مسلسل «Narcos». «إمبراطور الكوكايين» بابلو إسكوبار ولد في كولومبيا في العام 1949. وعاش حياة مليئة بالجرائم لا تبدأ بتهريب أطنان من المخدرات جابت العالم، ولا تنتهي بقتل الآلاف. تناقضات عدة شهدتها حياة «بارون المخدرات» (1 ديسمبر 1949 إلى 2 ديسمبر 1993) الأشهر في العالم، فهو من أغنى وأقوى المجرمين وأكثرهم عنفًا في كل العصور، إذ سيطر على أكثر من 80% من الكوكايين الذي تمَّ شحنه إلى الولاياتالمتحدة. ووفقًا لمجلة «فوربس» الأمريكية، التي تعد أكثر القوائم شهرة في العالم، فإن «إسكوبار» حلّ ضمن أغنى 10 أشخاص في العالم، إذ قُدِّرت ثروته بحوالي 30 مليار دولار، ورغم هذا التاريخ الإجرامي، اكتسب شعبية كبيرة عن طريق رعايته للمشاريع الخيرية ونوادي كرة القدم. نمت ثروة «إسكوبار» في وقت قياسي، وكان يحلم بأن ينظر إليه باعتباره قائدًا، وبطريقة ما وضع نفسه كشخصية «روبن هود»، التي رددها العديد من السكان المحليين لأنه أنفق الأموال لتوسيع البرامج الاجتماعية للفقراء. وفي نهاية المطاف، ألقت أجهزة إنفاذ القانون في كولومبيا، القبض على بابلو إسكوبار في 2 ديسمبر 1993 في حي من الطبقة المتوسطة في «ميديلين»، ونشبت معركة نارية، وحاول «إسكوبار»، الهروب عبر سلسلة من أسطح المنازل، وقتل هو وحارسه الشخصي. ورغم هذا كله، نعى العديد من الكولومبيين قتله، وانضم أكثر من 25 ألف شخص إلى دفن «إسكوبار»، وقال أحد المشاركين في جنازته في قصة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»: «لقد بنى منازل للفقراء، وفي المستقبل سيذهب الناس إلى قبره للصلاة».