«الأفورة» أسلوب حياة يسيطر حالياً على المصريين مبالغة فى تعظيم ضرورة تأهل منتخب مصر إلى نهائيات كأس العالم 2014 عندما تلتقى مع غانا، وسنشاهد يوم الثلاثاء مانشيتات صحفية من نوعية «المباراة المصيرية» و«الحلم يقترب» و«نكون أو لا نكون»، كل ذلك ويتناسى الإعلام المصرى الذى ينفخ فى الحلم حتى يكبر عن حجمه الطبيعى أن «الأفورة» من الممكن أن تتسبب فى نكسة جديدة للمصرين البسطاء الذين تتحطم أحلامهم فى حياة كريمة يوماً بعد يوم. تناسينا جميعاً أننا مقبلون على مباراة كرة قدم، وبالحسابات الطبيعية فإن مبدأ الخسارة وارد مثلما وارد مبدأ الفوز، وكل ما أقوله ليس تشاؤماً، فأنا من أشد المتفائلين بتأهل مصر على حساب غانا، ويعود مرة أخرى منتخب الفراعنة مرعب القارة السمراء للتألق من جديد بفضل الفرعون الجديد محمد صلاح، وكذلك المتألق محمد أبوتريكة، ولتكريم المخضرم وائل جمعة، ولكن والنبى من غير «أفورة». على العكس يجب ألا نضخم منتخب غانا وفقاً لمبدأ الأفورة أيضاً، رغم ما يملكه من نجوم كبار مثل أسامواه جيان أو سولى مونتارى أو أندريه أيو، والسؤال الواقعى هنا يطرح نفسه: إذا كان هؤلاء اللاعبون يتألقون فى الدوريات الأوروبية، فلماذا لم يفز منتخبهم بكأس أمم أفريقيا الأخيرة التى حصلت عليها نيجيريا؟ كما لم تفز أيضاً بسابقتها فى 2012 وحصلت عليها زامبيا، وفى 2010 فازت عليها مصر فى النهائى، وأيضاً فإن لدينا لاعبين يملكون مستوى أفضل من الغانيين، فمحمد صلاح المتألق تتهافت عليه الأندية الأوروبية، وبات اسمه يهز أى دفاع أكثر من لاعبى منتخب غانا بالكامل، وعلى المتشائمين أن يكفهم عن «الأفورة». «مبدأ الأفورة» المستمر فى حياتنا اليومية خصوصاً مع كأس العالم، امتد إلى أسطورة هدف مجدى عبدالغنى «الوهمية» فى مرمى بروكلين حارس هولندا فى نهائيات المونديال عام 1990 من ضربة جزاء، حتى أن إحدى شركات المحمول قامت باستغلال ذلك الهدف لعمل إعلان يتحدث فيه عبدالغنى نفسه عن إنجازاته مع الهدف، وتتهافت قنوات الإعلام المصرى لاستضافة صاحب الإعجاز المصرى الذى وضع الكرة على يمين حارس هولندا ليجلب لنا تعادلاً تاريخياً. وإذا كان عبدالغنى، كما قال، يحتفل كل عام بموعد تسجيله هذا الهدف، فماذا يفعل لاعب مثل أنيستا الذى سجل هدفاً فى مرمى هولندا أيضاً ولكن فى نهائى 2010، وأقول له: «كفاك أفورة يا كابتن مجدى». ومع متابعتى للمبدأ الذى بات أسلوب حياة لدى كل المصريين وهو «الأفورة» سألت نفسى: «هو ممكن بجد ناس تشجع غانا ضد مصر فى تصفيات كاس العالم؟». السؤال غريب لكن مع زيادة طرحه مؤخراً اكتشفت أن التفكير فيه سياسى، بمعنى أن يرغب الإخوان فى خسارة مصر حتى لا يتحقق الإنجاز فى عصر السيسى ويعد «أفورة» لأن أى مصرى يشاهد مصر تفوز لن يستطيع كتم فرحته، وحتى رياضياً لا أعتقد أن أى لاعب أو مدرب سيصيبه داء «النفسنة» لو تأهل المنتخب إلى المونديال، وحتى لو حدث وأصابته النفسنة فلن يستطيع أيضاً كتم فرحته، فى كل الأحوال سيفرح، وبغض النظر عن موقف الاثنين فى حال الخسارة، لا قدر الله، لكن لو فازت مصر سنقول لهم: «موتوا بغيظكم وبأفورتكم».