وضعته الظروف فى وجه المدفع، فى مرحلة بالغة الدقة من عمر مصر ومشوار القضاء المصرى، ليدير دفة العدالة من خلال ترؤسه للجنة العليا للانتخابات، التى ستشرف على استفتاء الدستور والانتخابات البرلمانية المقبلة، فضلاً عن عملية توزيع قضاة محكمة الاستئناف على الدوائر الجنائية والمدنية، فى ظل وجود عدد منهم ينتمى لتيارات وحركات سياسية، لكن المتتبع لمسيرة المستشار نبيل صليب، رئيس محكمة استئناف القاهرة، يدرك جيداً أنه رجل قوى يعرف معنى «القاضى العادل»، الذى يسيّر الأمور وفقاً لما يمليه عليه ضميره. فقبل أيام، تم توزيع العمل بين قضاة المحكمة على الدوائر الجنائية والمدنية، ولكن سرعان ما أغضب هذا التوزيع عدداً كبيراً من القضاة ممن ينتمون لتيار الاستقلال وحركة «قضاة من أجل مصر». شكلت الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف لجنة خماسية مهمتها التنسيق مع «صليب» من أجل حسم تلك المشكلة، وإبعاد قضاة الإخوان عن رئاسة الدوائر الجنائية، لما يمكن أن يثيره وجودهم من تشكيك فى القضاء. ليست هذه المشكلة الوحيدة التى يواجهها رئيس أقدم محكمة استئناف فى مصر، وإنما يخوض معركة أخرى خارج أسوار المحكمة، معركة فُرضت عليه بعد تعيينه رئيساً للجنة العليا للانتخابات، والتى ستتولى الإشراف على الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية المقبلة، وهى اللجنة التى حاول نظام الإخوان إبعاده عن رئاستها أثناء توليهم الحكم، من خلال تعديل قانون السلطة القضائية وخفض سن تقاعد القضاة إلى 60 عاماً، ليكون من بين 3 آلاف قاضٍ. مواقفه المعلنة تؤكد أنه قاضٍ يعرف معنى أن يكون مستقلاً دون الحاجة إلى قانون يمنحه هذا الاستقلال، لا يتردد فى قول الحق، حتى لو كان فى منصب قيادى، فحينما كان رئيساً لمحكمة استئناف الإسماعيلية التى تضم فى عضويتها قضاة محاكم الإسماعيلية والسويس وشمال وجنوب سيناء، لم يتوانَ فى الدفاع عن زملاء مهنته وقبلهم الدفاع عن استقلالية المنصة، تارة فى مقالاته، وتارة فى قراراته. ففى الوقت الذى أصدر فيه الرئيس محمد مرسى الإعلان الدستورى الذى حصّن به قراراته من رقابة القضاء، وعطل عمل المحاكم، وأقال به المستشار عبدالمجيد محمود من منصب النائب العام، دعا «صليب» إلى جمعية عمومية طارئة لقضاة استئناف الإسماعيلية، وقرر تعليق العمل بالمحكمة احتجاجاً على الإعلان الدستورى.